بشائر الوطن

عبير عاشور ترشد إلى تقنيات إدارة مخاوف الأطفال

رباب حسين النمر: الدمام

الخوف حالة شعورية طبيعية تعتري الأطفال، ولكن كما تقول
اختصاصية علم النفس الإكلينيكي عبير عاشور التي تعمل في وزارة الصحة: ” نصف مخاوف أطفالنا نشأت بسبب عدم الاستماع إليهم، ونصفها الآخر نشأ من تخويفنا نحن لهم ”
جاء ذلك في محاضرة ألقتها الاختصاصية عبير عاشور في تطبيق زوم يوم أمس الأول ووسمتها بـ ( المخاوف لدى الأطفال) حيث بدأت ببيان أنواع الخوف لدى الأطفال التي صنفتها إلى: مرضي وطبيعي، موضحة أن الطبيعي هو حالة انفعالية يشعر بها الطفل في بعض المواقف التي تهدده بنوع من أنواع الخطر، فيحاول الدفاع عن نفسه خلال الموقف، فتظهر عليه أعراض مثل: الصراخ، الهرب من المكان، رجفة بالجسد. وهذا خوف طبيعي من موقف سبب له الرعب وهو غير معتاد عليه. وهذا الخوف ينتهي بانتهاء الموقف ولا يستمر. ويمر معظم الاطفال بهذا النوع من الخوف.
أما المرضي فهو خوف مبالغ فيه، وهوأكبر من حجم الشيء الذي خاف منه، فيصرخ صراخاَ زائداً عن الحد ويدخل في نوبة خوف غير طبيعيه، ويستمر معه فترة طويلة ويؤثر فيه ويتحكم في سلوكه، ويؤثر على بعض أنماط حياته فيحدث له على سبيل المثال كوابيس أثناء النوم وتبول غير إرادي، فإذا وقع الطفل في نوبة الخوف تظهر لديه الأعراض بأشد درجاتها ويفقد السيطرة عليها بسبب استمرار تأثير الموقف عليه.

وأشارت العاشور إلى المخاوف العامة والمتكررة التي قد يصاب بها الأطفال، وهي:
الخوف من الأصوات العالية الفجائية. والأماكن المرتفعة، والحيوانات المفترسة أو الطيور غير المألوفة لديهم، والخوف من الحشرات المكتسب من البالغين حولهم، والخوف من تكرار الخبرات المؤلمة كوخز الإبر الطبية، والخوف من المستشفى والأدوية حبث تبقى هذه الخبرة المؤلمة في ذهن الطفل ويبكي بمجرد تعرضه لها مرة أخرى. والخوف من الظلام وهو خوف شائع جداً لدى الأطفال، والخوف من النار أو الدخان ولا سيما إذا ارتبط بموقف أو حادث.
والخوف من الغرباء وهي شائعة لدى الأطفال في السنة الأولى أو الثانية من العمر فهم يخافون من الوجوه غير المألوفة لديهم، وهذا خوف طبيعي لا يُعتنى به لأنه يزول كلما مر الزمن، ولكن لو استمر إلى سن الخامسة مثلاً فهذا خوف مرضي ناشيء عن موقف أو غير معتاد على وجود أشخاص غرباء.

و لفتت العاشور إلى أعراض الخوف التي تنقسم إلى الجسمية الفسيولوجية، والسلوكية الانفعالية.
مبينة أن الأولى تتمظهر برعشة في الجسم، وتغير في ملامح الوجه، والتعرق السريع، والتنفس المتسارع، والتأتأة، والحبسة الكلامية، وسرعة نبضات القلب وقوتها، والشعور بعدم التوازن والدوار، وبرجفة في الرجلين.
وأن الأعراض السلوكية تتمثل في التبول غير الإرادي وهو سلوكي ونفسي، والاستفراغ، والصراخ، والهروب السريع، والخجل والانطواء، وعدم التجاوب، وتوقع الخطر وهذا يجعل الأطفال يلازمون أحد الوالدين بصورة مستمرة.

وركزت العاشور على إيضاح الفرق بين الخوف الطبيعي والمرضي،
حيث أن الجميع يتعرض للخوف الطبيعي المؤقت الذي ينتهي بانتهاء الموقف، ولكن الخوف المرضي فهو خوف من عدة أشياء في وقت واحد، ولأسباب مجهولة، ولديهم مخاوف مجهولة تؤثر عليهم وتمنعهم المشاركة الاجتماعية وتجبرهم على الانعزال والالتصاق بأحد الوالدين، وعدم المشاركة بالمدرسة.
والخوف المرضي معمم حيث يعمم الطفل الموقف على غيره.
ووقته طويل قد يستغرق أشهراً عديدة إذا لم يكن هناك تدخلاً بتعديل السلوك. إضافة إلى
اضطرابات في النوم.

وعن أسباب أسباب الخوف النفسية (وهي الأقل) والتربوية (وهي الأكثر) تحدثت العاشور في نقاط متزامنة مع عرض شرائح صور ومعلومات لخصتها في التالي:

1-الاستعداد الوراثي بحيث يكون بالبيئة المنزلية عضو مشهور بالخوف والجبن أو أكثر من عضو، فيكون الاستعداد الوراثي موجود.
2- التعرض لمواقف مفاجئة مثل حوادث السقوط والسيارات فيبقى أثر الموقف فترة طويلة.
4-عدم ربط الأهالي مواقف أطفالهم بالتوكل على الله وأنه هو المالك القدير والمتصرف بالكون الذي يوفر الحماية للطفل.
4-التهديد والكلام العنيف من قبل البالغين والأهالي.
5-التحطيم بالكلام واتهام الطفل بالكسل والخوف والجبن والفشل.
6-القسوة في التعامل والضرب والتشويه الجسدي.
7-مبالغة الوالدين في قلقهما تجاه أي حادث بسيط يتعرض له الطفل مثل الجروح أو السقوط على الأرض فتنعكس هذه المبالغة على الطفل وتتسبب بخوفه وبكائه.
8-نزع الثقة وعدم تعويد الطفل على المواجهة أو تكليفه بالأعمال المنزلية البسيطة مثل حمل الأكياس وترتيب الألعاب.
9-نزاع الوالدين أمام الأطفال والعنف الأسري فيتزعزع الأمن وينزرع الخوف.
10-تغذية الطفل بالخوف من شيء معين وذلك ليستجيب الطفل لما يريدونه، حتى يتحول الخوف إلى مرض يستدعي علاج سلوكي أو دوائي.
11-مشاهدة الأفلام المرعبة والإجرام والدم والقتل مما يتسبب في زرع الخوف المرضي والاضطرابات النفسية لدى الأطفال.
12-الخوف المرضي الجمعي وهو تقليد الوالدين في خوفهما المبالغ به غير المبرر حيث يكتسب الطفل هذا الخوف والأولى هو تعويد الطفل على مواجهة الخوف، وعدم إظهاره أمام الأطفال.

وأمام هذه المواقف قدمت العاشور سلسلة من الأفكار السلوكية والتفاعلية والإبداعية التي تساعد الأهالي على فن إدارة مخاوف الطفل وأساليبه التي قد تكون مفيدة مع طفل وغير مجدية مع طفل آخر، وقد لخصتها فيما يلي:
1-محاولة عدم الضحك والاستهزاء والسخرية من مخاوف الأطفال لأنها مخاوف حقيقية، التي يعمد الطفل معها إلى إخفاء خوفه وكتمانه وعدم التحدث عن مشاكله للوالدين.
2-تجنب الإفراط الشديد في حماية الطفل عند التعرض لمخاوف طبيعية مثل الحشرات، وهذا يجعل الخوف أكثر سوءاً لأن الطفل عاجلاً أم آجلاً سيواجه الحشرات ومن الخطأ تجنيبه إياها بل يجب تعويده على مواجهتها.
3-إيجاد جو صحي في المنزل مبني على الحوار والتفاهم والجرأة والمباشرة، والابتعاد عن الشجار والصراخ حتى يتوافر للطفر جو نفسي آمن يساعده للتغلب على مخاوفه.
4- الاستماع للطفل عندما يحكي عن مشاكله وخوفه حتى ينتهي ثم مساعدته أو إقناعه بأسلوب هاديء وحميمي ، وعدم الانشغال عنهم ، فمن الضروري تشجيع الأطفال على الاستمرار في الحديث وعدم مقاطعتهم، وتهدئتهم
“نصف مخاوف أطفالنا نشأت بسبب عدم الاستماع إليهم ونصفها الآخر نشأ من تخويفنا نحن لهم ”
5-عدم إقناع الطفل بالخوف أو الإيحاء له به إلا في الأمور التي ينبغي عقلاً وشرعاً الخوف منها بأسلوب مناسب.
فلا ينبغي تخويف الطفل بشكل مستمر من عقاب الله، ومن ناره بل ينبغي تطمينه وتأجيل هذه العملية حتى سن التاسعة أو العاشرة.

6-إبعاد الأشياء الموحشة التي يخافها الطفل ثم تعويده عليها بالتدريج (التطمين التدريجي)الذي يطمئن الطفل حول شيء معين تدريجياً بصورة، بفيلم ، بحوار حتى يصل إلى الإقناع.
7-تجنب البرامج التلفازية المخيفة، والأخبار التي تبث عن القتل والدماء والدمار.
8-تنمية الثقة وتقليل الخوف عن طريق أسلوب اللعب والمشاركة، فاللعب وسيلة آمنة وجيدة لتعليم الطفل كيفية مواجهة الخوف، أو اختيار الألعاب المسلية
التي تحمل فهماً صحيحاً تبعث على الراحة وتزيل التوتر. ومشاركة الألعاب التفاعلية وتعيينه قائداً فيها. إن أساليب اللعب تشتت المخاوف وتزيلها وترفع منسوب الثقة بالذات.
وهناك أساليب يمكن اللجوء إليها لتخفيف الخوف وتشتيته مثل التلوين المتدرج.

9-تدريب الأطفال على فهم المشاعر وكيفية إدارتها والتحكم بها من خلال تعابير الوجه ومقياس درجة الخوف.
ونبدأ بتدريب الطفل بماهية مشاعر المزاج، وكيفية التعرف على المشاعر المختلفة للآخرين وكيف تتفاعل أجسامنا مع مشاعرنا وحالتنا المزاجية وكيفيه معرفة المشاعر من تعابير الوجوه، والتركيز على أن الموقف الذي حدث غير مستمر وكذلك يجب أن تنتهي المشاعر بانتهاء الموقف. تكرار هذا التدريب ( الحزن، الدهشة، التفاجؤ، الابتسام، الخوف، السعادة).
10- ومساعدة الأطفال بطريقة أخرى هي قياس المشاعر وتخفيض هذه المشاعر، بحيث نوزع أيقونات المشاعر على درجات ترمومتر، ونعلمه بعد القياس كيف نخفض الخوف ونسيطر عليه عن طريق قصص تربوية تدور حول مشاكل الخوف ومن خلالها تتعالج المشكلة ويتحسن حينما يقتنع بالإجراء الذي حصل في القصة، ومن الممكن تدريب الطفل على الاسترخاء التنفسي التخيلي بحيث يجلس على كرسي هزاز أو أريكة مريحة أو سرير دون حركة ويغمض عينه ويتذكر المواقف السارة التي حدثت له قريباً ثم يبدأ بالتنفس وهو الشهيق والزفير المنتظم، الشهيق من الأنف، ثم نكمل أربعة إعداد وبعدها يزفر من الأنف، ويكرر العملية حتى يرتخي جسم الطفل ويهدأ عن الارتجاف والخوف ودقات القلب القوية.
وأفضل وقت لهذا التمرين هو وقت الاستيقاظ، وقبل النوم.
وعند الانتهاء من الاسترخاء نعيده لتذكر الموقف المخيف الذي حدث له وفتح عينه والنهوض.

11- انتقاء القصص التربوية التي تعالج مشاكل عديدة لدى الطفل وتكون بعيدة عن الخرافات والمخاوف والأوهام، وهناك أنواع عديدة مثل القصص التالية: ( عندما أشعر بالخوف) وهي ملائمة للطفل ابتداء من السنة الخامسة، وقصة: (عندما أشعر بالخوف ) التي تناسب سن الرابعة، وقصة ( مشمش والخوف من الظلام)، وقصة ( موني والخوف من الوحدة).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى