أقلام

ورطة سفر! الثالثة عشر

صادق العليو
في حلقتنا هذه نتابع معكم تفاصيل حفل الوهقة مع يوم الشرطة في القرية النائية بجنوب ارخبيل الفلبين ، فقد اصروا على ضيافتنا فيه كضيوف شرف أجانب زائرين القرية ومتجشمين كل هذه المتاعب لأجل دعم توظيف ابناء القرية فيما وراء المحيطات وبدون اية اتعاب توسيط او ضرائب تعجيزية بل وتقديم قروض مالية ميسرة لتساعد على سفر العمالة وترك عوائلهم في بحبوبة بدون أي ديون ترهقهم ، وقد اعتبرت ادارة الشرطة هذا التصرف النبيل محط اعجاب وتقدير يستحق التكريم فجعلونا ضيوف الشرف في حفلهم وأرسلوا لنا سيارة رسمية لتقلنا من فندقنا الى مركز الحفل ، وقد كنا مترددين لما قد نتوقع من وراء الحفل وما دورنا وكيفية الحضور والتهيأة له ، ولكن حضور السيارة اربكنا أكثر فركضنا مسرعين لنتطقم بأحسن ملابسنا وكأننا سنحضر حفل خطوبة وبعضنا غرق نفسه بالكولونيا ولبس احسن ملابسه البيضاء غير الحلاقة والتدهين للشعر ولأننا نريد أن نبيض الوجه في الحفل طلعنا نلق ونلمع والسيارة لازالت تنتظرنا في المدخل .

وعند خروجنا لنركب السياره تفاجأنا بأنهم أرسلوا لنا سيارة جيب دفع رباعي صغيرة ومكشوفة وكأننا في فيلم حربي امريكي قديم ، فأنخبصنا وانزعجنا من هذه التوصيله التي ذكرتنا بركوب الفيل في الهند وركوب الجمل في مصر فكلها كانت صدمة وتحتاج مهارات نفسية وجسمانية لتتمكن منها ، المهم تحلطمنا أو ماتحلطمنا كان لابد من ركوبنا رغم أنفنا ونحن نحاول ان نغطي وجهنا من الخجل والإحراج من هذه التوصيله اللي صورتنا وكأننا في رحلة صيد أو سفاري وهو اقرب التشبية إلا أننا كنا الطريدة لا الصياد ، وبعد عدة دقائق شفنا فيها الويل والثبور من الخضخضة والدوران في هذه المركبة وسائقها الطفشان وصلنا الى الموقع وإذا به ساحة كبيرة وضعت بها بعض الكراسي المأخوذة من المدارس وبعض الإدارات لبعض الحضور والأغلبيه وقوف على الأقدام ، وما أن رحب بنا قائد الشرطة وبعض الحضور وطلب منا الجلوس وياريتنا جبنا كراسي من الفندق لأن كراسيهم ابدا غير مريحة وجلسة السيارة الجيب بدت فاخرة الآن مقارنه بهذه الكراسي الحديدية المهترئة التي بعض مساميرها تنش بالجلد عبر ثقوب البنطون الذي تمزق بسببها ، بس كانت مقلب شربناه ومافي اليد حيلة سوى التصبر لين نهاية المهرجان .

تضمن الحفل بعض الكلمات التي لم نفهم منا ولاكلمة وكان المتحدث معصب ويصارخ ولانعلم ان كان بسببنا او كرسيه هو أيضا غير مريح ويمكن بنطلونه متضرر ، على ايه حال أشغلنا نفسنا بمراقبة الحضور وماحولنا منهم ثم عدهم وتصنيفهم كم منهم أناث وكم الذكور ، وكم منهم له صفة تشريف رسمية والواقفين المتفرجين من الحضور ، ولم يكن ذلك رغبة لدينا لنفهمها ولكن لنقاوم الملل الذي استشعرناه وحتى لانغفى والناس جلوس ( تصير فضيحة ) ، وبعد مضي الوقت بدء الحفل بسلسلة فقرات تضمنها طوابير سير واستعراضات ليس فقط لأفراد الشرطة بل كل الطواقم الأمنية والخدمية والصحة والمطافيء وحتى سيارات جمع القمامة مرت بينهم ولانعلم ان كانت ضمن المشاركين او مجرد صدفة ، المهم جلسنا تقريبا 3 ساعات لولا أن الجو كان لطيفا معنا لكتبنا انه أسوأ حفل مر علينا بدون ان نفهم منه شيئا سوى طوابير الفرق والسيارات وبعض الطواقم البشرية ، إحببنا أن ننسحب بدري ولكن إصرارهم أن يوصلونا بسيارتهم تشريفيا وهو ما أزعجنا أكثر فلو أستئجرنا وانيت كان اكثر ملائمه ويمكن أسرع ، ومرغمين ضغطنا على اعصابنا وانا غفوت قليلا حتى بلغونا بإنتهاء الحفل وقمنا طيران للسيارة حتى ماودعنا ولاشكرنا احد لأنه لايوجد مايستحق الشكر علية في هذا المطب الصعب ورجعنا الفندق وبملابسنا ريحة سخام وغبار وديزل شاحنات والألوان انقلبت رمادية بدل البيضاء وكل واحد يلعن سنسفيل اليوم اللي قبلنا فيها الدعوة هذه وأكيد ماراح نكررها أبد   .

وبينما قضينا بقيت يومنا بالفندق مابين التبطح بالبانيو والتمقط بالحديقة ، جمعنا كل اوراقنا وكتبنا تقاريرنا ولملمنا ثيابنا إستعدادا لرحلة العودة غدا الى حيث المزيد من المدنية وبعض الرفاهية بعيدا عن هذا المكان وقطعنا وعدا ان لانعود له إلا بعد أن يتم تطويره ربما بعد مائة عام ، نعم الرحلة لم تكن ايامها كثيرة ولكن طبيعة الحياة ونوعيتها جعلتها بطيئة ومملة وربما بدت لنا وكأنها لاتنتهي ، ولكن الحمد لله انجزنا فيها مالم نكن نتوقعة واخترنا ما أستحق انتقائه من العمالة وبذلك كانت سعادتنا وتخفيفا علينا من تحديات وصعوبة الرحلة نفسها ، والآن نحن نفكر بجائزة لأنفسنا عن هذا الإنجاز المرضي والتقدم في الأداء ، لذا قررنا الأقامة يوم وليلة في مدينة اليجان التي فيها المطار والتي يعتبرونها الأكبر والأكثر تطورا عن جاراتها ، ولأنه ليس لدينا برنامج عمل قرر نا ان نصيع فيها ونتسيح قليلا لنطلق لأنفسنا العنان في احضان الطبيعة ولنزاول بعض هواياتنا التي حرمنا منها في قريتنا الكئيبة وماجاورها من مكان ، إذن هي إجازة وتوقف قصيرة قبل المزيد من المهام الصعبة في رحلات الغربة ،،،، فألى اليجان.

وفي يوم المغادرة نسينا تماما صعوبة الطريق وطول المسافة والوقت الذي قطعناه للوصول هنا فكانت فرحة السفر خففت علينا تذكر هذا الألم ، ولكن الحقيقة إننا سنجاهد مرة أخرى للوصول الى وجهتنا في طرق ضيقة وطويلة فيها الكثير من المنحدرات بعضها خطير خصوصا اذا ما ازدحم الشارع بالباصات والشاحنات ، ولكنه القدر ان نتمرمط ذهابا وإيابا وحاولنا عبثا ان نقضي الوقت بالكلام حتى خلص كل الكلام ، ثم بالنوم الذي لم يقبل ان يشاركنا الطريق فكان بعيد عن جفوننا وضلننا نتملل ونتمغط ونحاول الحديث عن اسوأ وأجمل ماقابلناه في هذه الرحلة العجيبة ، والغريب كلنا متفقين انها تجربة فريدة يجب ان لانكررها لأن مخاطرها كثيرة والعناء فيها أكبر ، وربما نترك المقابلات في المدن الكبيرة لتجهيزاتها بدلا من القرى النائية والبعيدة عن المدنية ، نعم كانت قائمة ملاحظاتنا طويلة واغلبها انتقادات وقليلا فقط كانت الإيجابية ومنها الطبيعة وطيبة الناس وعفويتهم وبساطتهم وعدا ذلك اغسل يديك لايوجد شي حلو .

وبعد ان مرت علينا الساعات مرورا كسّر عظامنا من الجلوس والتفعص في السيارة بلّغنا السائق اننا وصلنا مشارف مدينة اليجان ، وهو يهنئنا بسلامة الوصول ولكي نستعد للنزول وقد اعطيناه اسم الفندق ولكنه طلع مصرقع وليس من هذه المنطقة فضاف علينا تعب البحث والسؤال عن الأوتيل وياهي حالة صرنا فيها وحال ، ولكن الباقي سنذكرة في الحلقة القادمة وحتى ذلك الوقت نستودعكم الله .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى