أقلام

استراتيجية ما قل وكفى.. لماذا تفوِّت أدمغتنا علينا فرص التغيير إلى الأفضل

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

لو، كما يقول المثل الإنجليزي: الفاعلية في البساطة والوضوح [سواء في الكم أو في مقدار التغيير   less is more ](1) قد يعني فيما يعني ما ورد في الحديث النبوي الشريف “ما قل وكفى خير مما كثر وألهى” ومنه مبدأ  “التقليلية الحدنوبة أو التبسيطية” minimalism” والتي اشتهرت في الاعمال الفنية والهندسية وغيرها وتتميز باستخدام أقل عدد من العناصر(1، 2)]، فلماذا نسرف نحن البشر كثيرًا؟

في الورقة(3)  التي نشرها الباحثون وكانت موضوع غلاف مجلة نتشر Nature، يفسر باحثون من جامعة فيرجينيا لماذا نادراً ما ينظر الناس في وضعية معينة أو شيء من الأشياء أو فكرة من الأفكار تحتاج إلى تحسين – في جميع أنواع السياقات والأطر – ويأخذون في الاعتبار حذف أو انقاص او إزالة أحد العناصر كأحد الحلول الناجعة. بل تراهم دائمًا ما يضيفون عنصرًا أو بعض الأشياء [المترجم: ظنًا منهم أن ذلك يجعل الوضع أو الشيء أو الفكرة أفضل / أحسن]، سواء أكان ذلك مفيدًا أم لم يكن مفيدًا في النهاية.]

تفيد النتائج التي توصل إليها الفريق إلى السبب الأساس الدي يجعل الناس يعانون من جداول أعمال مرهقة، وأن أعمال المؤسسات تتعثر بسبب انتشار البيروقراطية،  وهو ما يمثل أهمية خاصة للباحثين،  وذلك لأن البشرية تستنفد موارد الأرض الطبيعية.

” تجد هذه المشكلة في التصاميم الهندسية، والتي هي من ضمن اهتماماتي الرئيسة” كما قال ليدي كلوتز LEIDY KLOTZ، الأستاذ المشارك في قسم النظم الهندسية والبيئة والمدير المشارك لمبادرة العلوم السلوكية المتقاربة،(4) “بل تجدها تمثل مشكلةً أيضًا في الكتابة والطبخ وكل شيء آخر – فقط تأمل في عملك [تصميمك، مثلًا] وسترى ذلك ماثلًا للعيان. أول ما يتبادر إلى أذهاننا في أي عمل نقوم به هو، ماذا بإمكاننا  إن نضيف إلى ذلك العمل  لنجعله أفضل أو أحسن. توضح ورقتنا(3) أننا بذلك نقوم بما هو ضار بنا، حتى عندما يتمثل  الحل الصحيح والوحيد في الحذف أو الاختزال أو الازالة [وليست الإضافة]. حتى مع وجود حوافز أو دواعي  مالية، لا يأتي الحذف أبدًا على البال”.

[المترجم: هذا الفيديو يوضح بشيء من التفصيل ماذا تعنيه الاضافة والحذف باستخدام لعبة المكعبات البلاستيكية والمعروفة ب “الليغو” Lego] :

https://youtu.be/1y32OpI2_LM?si=XOyEKxub8F56CQ6I

كلوتز Klotz، الذي يجري دراسة ليستكشف التداخل بين الهندسة والعلوم السلوكية، تعاون مع ثلاثة زملاء من كلية باتن Batten للقيادة والسياسة العامة في البحث المتعدد التخصصات الذي يُثبت مدى رغبتنا في إضافة شيء / أشياء إلى شيء آخر بطبيعتنا. تعاون باحثو  كلية باتن للسياسة العامة وعلم النفس، وهم الأستاذ المساعد غابرييل آدامز Gabrielle Adams  والأستاذ المساعد بنجامين كونفيرس Benjamin Converse، والباحث السابق لما بعد الدكتوراه في باتن أندرو هالز Andrew Hales, مع كلوتز في سلسلة من الدراسات والتجارب القائمة على الرصد لدراسة هذه الظاهرة.

عند التفكير في احتمالين بشكل عام لماذا تتبادر أفكار الناس  بشكل ممنهج إلى الإضافة لا الحذف – إما أنهم يولِّدون أفكارًا لكل من الاحتمالين ولكن بهملون حلول الحذف / الإنقاص  بشكل غير متناسب أو يتجاهلون تمامًا الأفكار التي تنطوي على الحذف – الباحثون ركزوا على الاحتمال الثاني.

“تتبادر أفكار الإضافة إلى الذهن بسرعة وسهولة، لكن الأفكار المنطوية على الحذف تتطلب مزيدًا من الجهد المعرفي (الذهني)” كماقال كونڤيرس Converse. “نظرًا لأن الناس غالبًا ما يتحركون بسرعة ويعملون بالأفكار الأولى التي تتبادر إلى أذهانهم، ولذا ينتهي بهم الأمر بقبول الحلول التي تدعو إلى الإضافة دون أن يفكروا في خيار الحذف على الإطلاق.”

يعتقد الباحثون أنه قد يكون هناك تأثير معزز لذاته بذاته self-reinforcing effect.

“كلما زاد اعتماد الناس على إستراتيجيات الإضافة، كلما أصبحت سهلة المنال ذهنيًا ” كما قال آدامز. “بمرور الزمن، فقد تصبح عادة البحث عن أفكار تنطوي على الاضافة أقوى وأقوى، وعلى المدى الطويل، ينتهي بنا الأمر إلى تفويت العديد من الفرص لتحسين وضعنا وذلك بتبني استراتجية الحذف بذل الإضافة.”

كلوتز أصدر كتابًا يطرح نظرة شاملة عن موضوع استراتجية الحذف، عنوانه: “الحذف: الاستراتيجية العلمية غير المستَغلة للتبسيط”(5) “

Subtract: The Untapped Science of Less،” والذي صدر بعد أسبوع من نشر الورقة في مجلة نتشر.

على الرغم من أن توقيت نشرهما كان مصادفة، إلا أن كلًا من الورقة والكتاب هما نتاج جهود  بحثية متعددة التخصصات وتعاونية في جامعة ڤيرجبنيا UVA ، على حد قوله. “هذه النتائج مثيرة للاهتمام بشكل لا يصدق، وأعتقد أن لأبحاثنا آثارًا هائلة في كل الأطر والسياقات، ولكن بشكل خاص في مجال الهندسة لتحسين التصاميم التكنولوجية لما فيه صالح البشرية”.

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/تقليلية\

2- “عبارة “Less is more” تعني أن نكتفي بالقليل الذي من شأنه أن يكون أكثر فعالية ويعطي قيمة أكبر، وهذا هو النهج الذي تتبعه ثقافة الحد الأدنى (الحندوية(1)) التي تنطبق على الأفكار والمشاعر كما تنطبق على الأشياء المادية.  فهي أسلوب حياة وليست مجرد التخلص من أشياء زائدة عن الحاجة والاكتفاء بالقليل. ثقافة الحندوية تعتبر طريقة التخلص من زوائد الحياة؛ حتى تستطيع التركيز على أشياء أكثر أهمية كي تحصل على التحرر والسعادة والإنجاز، وكما ذكرنا فهي تنطبق على الأفكار والمشاعر والأشياء، ولكننا سنركز أكثر على الأشياء والمقتنيات الخاصة.” مقتبس مع بعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

 https://fixaha.com/eco-knowledge/less-is-more-minimalism-lifestyle/

3-https://www.nature.com/articles/s41586-021-03380-y

4- https://convergentbsi.org/

5-  https://us.macmillan.com/books/9781250249937

المصدر الرئيس

https://engineering.virginia.edu/news/2021/04/why-our-brains-miss-opportunities-improve-through-subtraction

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى