أقلام

سباق الجرذان

أمير الصالح

في عالم المال والأعمال والثقافة والعمل والثراء والنفوذ يتسابق البعض لإحراز مكاسب مالية أو صدارة في المراكز واستحواذ على نفوذ أكبر بشكل مستمر، ويجعلون ذلك هو الديدن ونمط حياتهم، دون وعي منهم أن كل ذلك على حساب صحتهم و صفاء أذهانهم وراحة بالهم ومبادئ البعض منهم أو اخلاقهم. دخول ذلك البعض في حلبة مسابقة المقارنات مع الآخرين كنمط حياة يومي يُطلق عليه سباق الجرذان Rat Race . والواقع أن الكثير من الناس لا يدركون أنهم دخلوا أو أُدخلوا ذلك السباق دون إرادتهم أو استغلالًا من آخرين لبعض غرائزهم، ووقوعهم في الفخ دون استدراك منهم حتى أصبح البعض منهم مثل جرذان المختبرات الذين يجرون في دولاب بشكل دائري مستمر دون غاية أو وصول نقطة نهاية. ولتمحيص المبتلى من الناس بهكذا داء من غير المبتلى به، على الإنسان أن يجيب بكل شفافية ومصداقية وموضوعية على الأسئلة التالية لنفسه:

١- هل أسلوب حياتك العامة معقود ومبني على المقارنة بما في أيدي الآخرين من أموال ومسكن وسيارات ومجوهرات ومزارع وأملاك وعقارات ومناصب وسلطة ونفوذ وإمكانات ممن هم أثرى أو أقوى أو أعلى دخلًا ماليًا منك؟

٢-هل حياتك المهنية والحياة العامة (الدينية/المالية/ المعيشية/الاجتماعية) تتسم بالمنافسة الدائمة مع الآخرين؟

٣- هل هناك نهاية تلوح في الأفق لهذا المعترك اليومي الذي تعيشه داخل نفسك أم أنه مستمر؟

إذا كان الجواب: نعم، ووجدت نفسك متعبًا وغير سعيد، فأنت عالق في فخ سباق الفئران لا محالة، وعليك التخلص بأسرع وقت من ذلك البلاء، وابدأ بتشخيص المؤثر داخل نفسك وخارجها.

اسأل نفسك من يدفعك دفعًا لهذا السباق المحموم والمنهك حتى انتهيت هناك؟ فمن المحتمل أن يكون المؤثر أحد الأمور التالية، أو خليط منها، أو جميعها:

– نفسك الطماعة
– زوجتك الجشعة/ زوجك الجشع.
– أبناؤك المدللون وطلباتهم المفرطة.
– إخوتك المتشدقون بك افتخارًا ليل نهار.
– والداك الباحثان عن المباهاة بك، أو المعولان عليك في كل صغيرة وكبيرة.

– ابناء مجتمعك الذين يقدسونك ويجلون قدرك وينفخون في حجمك حبا أو رياءا أو مصلحة أو طمعا أو نوعا من أنواع أدب الصعاليك.

فبعد تحديد المسبب لذلك، اعمل قصارى جهدك لتقليم أظافر تأثير المؤثر وتهذيب توقعاته، ووضع الأمور في نصابها، والمكاشفة بحجمك الطبيعي لمريديك، لأنه إن عاجلا أو آجلا، سيسرق ذلك المؤثر السلبي سعادتك لصالح إشباع غرور فلان ومباهاته وأنانيته وتجسير مصالحة، فإن كانت النفس الطماعة التي بين جنبيك هي التي تُرهقك بكثرة مطالبها وحب البروز لديها، فلا باس عليك بأن تمارس دور المهذب للنفس للسيطرة عليها وكبح جماح الطمع وتنمية روح القناعة وصرفها عن الاستهلاك النهم.
وإن كان المؤثر خارجيا كالزوجة الجشعة، أو الوالدين المفرطين في الطلبات، أو الأبناء المدللين، أو الإخوة المتشدقين، أو أبناء المجتمع فعليك بعقد جلسة مصارحة ومكاشفة معهم لرسم خطوط حمراء وتقليل الضغوط منهم على نفسك. وإن لم تنفع تكتيكات: التطنيش، والتغافل، وعدم حمل الأمور بجدية من طرفك، حينذاك عليك تصعيد إجراءات الردع لتخفيف أقحامك في سباق الجرذان المستمر بما يلي:

– التفكير جديا بإعادة رسم خطوط العلاقة مع الزوجة الجشعة/ الزوج الجشع.

– تقليل مدة التواصل وعدد. مراته مع الوالدين كثيري الطلبات ممن تنعدم عندهم مراعاة الضغوط على الضحية.

– تقنين مصروفات الأبناء وإخضاعهم لمحطات ” اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ”

– الاستقلال من ضغوط المجتمع المفرط في عقد المقارنات وتكسير المجاديف والتفنن في صناعة الخذلان بعد طول إلحاح أو الإقحام للضحية.

ومن الجيد أن ينمي الإنسان في ذاته:

١- القناعة بما قسم الله له بعد بذل الجهود المتواصلة.

٢- الزهد بما في أيدي الناس والتعلق بما عند الله.

٣- التفعيل العملي يقرأ من خلال إحداث مسيرة حياة الإنسان بعد الاستقرار على القناعات والابتعاد عن المجاملات غير المتزنة

٤- كن كما أنت لا كما يود الآخرون منك أن تكون حسب أمنياتهم، فأنت لست حصان سباق وإنما فارس يمتطي صهوة حصان.

٥- إن أنعم الله عليك فخذ زمام المبادرة بإكرام من هم حولك، وإن قُدر عليك رزقك فتعفف عن السؤال وتجنب إيراد نفسك مواطن الإذلال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى