أقلام

تأتأة

أحمد الهاجري

هل سبق وشاهدت شخصًا يصعب عليه نطق الكلمات؟ هل تعرف شخصًا يردد في بداية حديثه مممم أو أأأأ قبل أن ينطق الكلمة؟! هل تساءلت ماذا يعني ذلك؟ ولماذا يتحدث بهذه الطريقة؟! وهل اعتقدت بأنه مصاب بحالة نفسية معينة؟!
هنا أستعرض القليل، لأجيب عن ماهية التأتأة وانحباس الكلمات، وهل من الممكن اعتبارها اضطراب نفسي؟!
إن التأتأة ليست حالة نفسية، وإنما اضطراب في التواصل، حيث يعاني الشخص من صعوبة في إخراج الكلمات بطريقة سلسة وسهلة، يتمثل ذلك في تكرار الأصوات، إطالتها، أو حتى نطق أجزاء من كلمات معينة، أو احتباس ظهورها تمامًا

لقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص المتأتئين لا يعانون من اضطرابات نفسية، ولا يتصفون بصفات شخصية معينة تميزهم عن أقرانهم، كذلك تصنف التأتأة بأنها اضطراب عصبي (نيروبايلوجي) في الأصل، وقد يتطور ويزداد حدة مع من يعانيه بسبب التفاعل النفسي مع التأتأة والخوف من ظهورها أو الوصمة بها.
كذلك تبين بأن الأشخاص المتأتئين قد يعانون من مستوى عالٍ من التوتر أو القلق الاجتماعي المتعلق بالتواصل والحديث أمام ومع الآخرين بسبب التأتأه، هذا النوع من القلق يزيد من فرصة حدة التأتأه، ولذا تزيد فرصة تكرار الخطأ، ويفسره البعض بالسبب الأساسي للتأتأة بينما هو في الحقيقة ليس كذلك.
الجدير بالذكر أن حوالي ٥٪ من الأطفال في العالم يعانون من التأتأة في أحد مراحل طفولتهم لفترة تتراوح ما بين ستة أشهر أو أكثر، وتتلاشى التأتأة في نهاية المرحلة الطفولية بينما فقط ١٪ منهم سيعاني من التأتأة طيلة حياته.
ماذا عن سبب التأتأة؟!
إن السبب الرئيسي لهذا الاضطراب العصبي (النيروبايلوجي) ما زال غير معروف، ولكن أثبتت الدراسات الحديثة بأن هنالك أساس جيني لهذا الاضطراب، فُسّر هذا الجين/ الجينات بأنها مسؤولة عن قدرة الشخص على التحكم بالعضلات المطلوبة للتحدث بطلاقة، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من التأتأة غالبًا ما يرثون من والديهم جين أو عدة جينات مسؤولة عن ذلك، وفي حالات أخرى قد يكتسب الشخص الجين بسبب طفرة جينية. إن هذه الجينات الموروثة ليست فقط مسؤولة عن ظهور التأتأة ولكن أيضًا عن مدى تطورها والتعافي منها، حيث أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ تأتأة مزمنة عند أحد أفراد الأسرة تكون فرصة تخلصهم من التأتأة أقل من الأشخاص الذين لديهم تاريخ أسري لتأتأة تعافوا منها في الطفولة، كما بينت الدراسات بأن الأولاد أكثر عرضة للتأتأة بأربع مرات من البنات. وأنه ليس كل من يرث ذلك الجين سوف يعاني من التأتأة، لذلك تم التوصل إلى أن هناك عنصر بيئي مساهم في ظهور هذا الاضطراب. ولقد أُثبت أن العنصر الجيني مسؤول عن التأتأة بنسبة ٧٠٪ بينما العنصر البيئي بنسبة ٣٠٪ ولكن حتى الآن لم يتم التعرف أو تحديد أي العناصر البيئية تحديدًا المساهمة في ظهور هذا الاضطراب.
هل هناك اختلافات تركيبية أو وظيفية بين دماغ الشخص الذي يتأتأ عن غيره؟!
هنالك كم هائل من الدراسات عن الاختلافات التركيبية والوظيفية في دماغ الأشخاص الذين يعانون من التأتأة، وأثبتت الكثير منها بأن هناك اختلافات تركيبية ووظيفية متعددة بين دماغ الشخص الذي يتأتئ عن غيره، ولكنه ليس بالاختلاف الكبير، كذلك ليس بالواضح ما إذا كانت هذه الاختلافات هي من تسببت بالتأتأة أو ببساطة ناتجة عنها! أيضًا لم يتم التوصل بعد ما إذا كانت هذه الاختلافات هي خلل دماغي مسؤول عن التأتأة أم لا.
هل يمكننا التخلص من التأتأة؟!
حقيقةَ، ليس هنالك علاج فوري للتأتأة، فالتخلص منها يختلف من شخص الى آخر، وهناك عوامل عدة تساعدنا على التنبؤ بأمل العلاج، كعمر الشخص، ووقت ظهور التأتأة، والتاريخ الأسري، كذلك نوعها وحدتها، وكلما كان التدخل مبكرًا، كلما كان فرصة التخلص منها أو تخفيفها أكبر، وعادةً تكون طريقة العلاج من خلال جلسات مقدمة من مختص في اضطرابات التواصل والتخاطب.
متى أطلب المساعدة من المختصين؟
من المهم مراجعة المختصين إذا لاحظت على طفلك أحد الأعراض التالية:
١. بدأ الطفل بالتأتأة واستمرت معه أكثر من ستة أشهر.
٢. عمر الطفل يفوق الثلاث سنوات ونصف عندما بدأ بالتأتأة.
٣. إذا لاحظت أن حالة التأتأة تسوء.
٤. إذا كان أحد أفراد الأسرة يتأتئ.
٥. إذا كان لدى الطفل مشاكل أخرى في الكلام كصعوبة في نطق مخارج الحروف مثلاً.
٦. إذا لاحظت أن الطفل يعاني عند التحدث والكلام.
٧. إذا بدأت أنت بالقلق على طفلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى