أقلام

الوسوسة الاجتماعية

صالح المرهون

الوسوسة هي مرض نفسي يصيب الإنسان، وهي حالة نفسية مزعجة يطلق عليها علماء مصطلح:( العصاب القهري).
ينشغل عقل المريض المصاب بالوسوسة بأفكار غير سارة، ويشعر باندفاعات تبدو غريبة بالنسبة إليه، مثل الشك في الناس وقدراتهم وجهودهم والحسد وظن السوء.
ويكون مدفوعًا ليؤدي أعمالًا غريبة لا تسره، وليس لديه القدرة على الامتناع عنها، وقد لا يكون للأفكار والوسواس معنى حقيقي في ذاتها، لكنها مع ذلك، أفكار مثابرة ومسيطرة على عقل الإنسان المريض بالوسواس والشك دائمًا.
الوسوسة هي ضرر على الإنسان تنتج عن حب الإنسان لذاته واهتمامه بحمايتها والدفاع عنها، ويرى نفسه على صواب والناس جميعًا على خطأ، فإنه عند الشعور بنقص في نفسه وذاته يبحث عن ملجأ ينجيه من ذلك النقص، فيتجه إلى الشك في التعامل مع الناس، حتى المقربين منه، فيشك في قدراتهم وجهودهم ويتهمهم بالسرقات وما شابه. وقد تحصل هذه الحالة حتى مع زوجته، فتنشأ عنده حالة من التجسس والتدقيق في توافه الأمور بسبب الشك، وهذه الحالة مرضية ينبغي الاستعاذة بالله منها، وعلى الإنسان أن يتعامل بحسن الظن مع الناس، ولا يجعل للوسوسة مكانًا في نفسه وذاته ويشغل عقله بأفكار غريبة، ويشعر بأنه هو الأجدر وهو الأرقى وهو الذكي وهو القادر على صنع المستحيل، ويتهم غيره بالنقص وعدم القدرة حتى على صياغة شعر أو صياغة مقال ويتهمهم بسرقة جهود غيره. ورد عن الإمام علي بن أبي طالب(ع)( سوء الظن يفسد الأمور، ويبعث على الشرور) ونهى عليه السلام عن سوء الظن.
إن الأصل في التعامل هو البناء على الصحة في أعمال وجهود الآخرين حتى في قضايا الأدب والثقافة والقدرة على استنباط التحصيل العلمي والثقافي، وفي مسائل الحلال والحرام، فما يباع في أسواق المسلمين يبني فيه على الصحة والحلية، كذلك يبني على جهود وقدرات الناس بالصحة، ولا يشكك في عملهم ويتهم غيره بالنقص وهو الأرقى والأجدر وهو القادر على صياغة الشعر وكتابة المقالات والقيام بتحطيم غيره حتى لا يظهر غير في الساحة وتكون له الشهرة والسمعة والمكانة الاجتماعية، فيبحث ويسأل عن قدرات وجهودهم فيشكك في مايقومون به جهود وأعمال ليسقط من شأنهم وقدراتهم لكي يحطمهم ويبقى هو في الصورة وفي الساحة وهو القادر على صنع المستحيل، والعجب بالنفس كذلك هو مرض نفسي.
إذن مطلوب من الإنسان الذي يكثر شكه ويوسوس أن يبني على الصحة، حتى لا تتكرس عنده هذه الحالة المرضية، فهي من الشيطان، كما جاء عن الإمام الصادق(ع)( لا تعودوا الخبيث من أنفسكم بنقض الصلاة فتطمعوه، فإن الشيطان خبيث يعتاد لما عود، فليمض أحدكم في الوهم، ولا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك)
الخضوع للوسوسة والشك والتعمل مع الناس بهذه الطريقة الغريبة، حرام، حيث يحول الدين إلى عقدة، والدين يسر وليس عسر،
في بعض الأحيان بسبب أجواء يعيشها الإنسان أو ظروف تصيبه هذه الحالة المرضية، وقد لاحظت حتى مابين الكتاب والشعراء والمفكرين وطلاب العلوم، تحصل هذه الحالة المرضية. إذن على الإنسان أن يلجأ إلى الله تعالى بفكره وعقله ومشاعره وسلوكه، حتى يأمن هذه الحالة المرضية التي يعاني منها الكثير الناس داخل ذاتهم ونفوسهم،
اللهم لا تبتلينا بمثل هذه الأمراض إنك سميع مجيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى