أقلام

الحمد لله عندنا مكيف!

سهام البوشاجع

صيفنا المتسم بشمسه القوية، وهوائه الحار، ورطوبته العالية، يحل ضيفًا ثقيلًا بضعة أشهر في كل عام، يتذمر منه ثلة وتستبشر به ثلة أخرى، فهو من سينضج ثمار نخيلها، ويتجنى بواسطته الكثير من الفواكه والخضروات المرتقبة.

وإن ضغطت الثلة المتذمرة من الناس، على نفسها لتتحمل هذا الوهج الساخن الذي يحيط بها، إلا أنها تعزم أمرها، وتحزم أمتعتها، باحثة عن ممر السعادة كما يقولون عنه، فلا شيء يبعث على السعادة أكثر من حمل حقيبة، والانتظار في ممر طويل تقود نهايته أزقة، وشوارع مدن باردة وجميلة في الوقت نفسه.

وقد نسمع الكثير من التعليقات والنكات، من الناس الذين لم يسافروا، يوجهونها نحو من هم خارج البلاد أو على وشك العودة مثل: (لا ترجعون وابقوا حيث أنتم)، (لماذا تعودون وأنتم في النعيم ونحن في الجحيم)، (اجلبوا لنا قليلًا من الهواء البارد لديكم ليخفف عنا حرارة هذا الجو) وغيرها، ولا ريب أن هذه الجمل ليست إلا حلمًا بنكهة الواقع المأمول.

نحن من عجنت طينتنا من رمال الصحراء السمراء، وشربنا من مياه البحر المحلاة، وقوينا بثمار النخيل الباسقة، فارعة الطول، وجميلة الجميلات، نفر من الحر ونريد أن نستبدل طقس الصيف ونعرج إلى رخاء اللون الأخضر الداكن ونداه، ونريد أن نغوص في أعماق الجبال الباردة ونكتسي حللًا ببياض ثلوجها، لا تلومونا، فحرنا لا يطاق وشمسنا تحكم علينا الخناق.

والسؤال: لم كل هذا الحر؟ لماذا تتجاوز حرارة مدننا 50 درجة؟

تقول كتب الجغرافيا والتاريخ إن منطقتنا، أجواؤها خاصة بها، لإحداثيات موقعها، التي تقع فلكيًا بين دائرة عرض 12 جنوبا (جنوب دائرة الاستواء)، و37.5 شمالًا (شمال دائرة الاستواء) وبين خطي طول 17 غربا (غرب خط غرينتش) و60 شرقًا (شرق خط غرينتش).

ومع تقلبات الجو التي تشهدها كل مناطق العالم، فالوطن العربي له النصيب الأكبر من آثار هذه التقلبات، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة منها: التقدم الصناعي، وتزايد أعداد السكان، والتغييرات التي حدثت على سطح الشمس نتيجة الدورة الشمسية، وانفجاراتها الهائلة، فما تزال ترسل موجات حرارية إلى الغلاف الجوي ينتج عنها ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وغيرها من الأسباب العلمية الكثيرة، لكننا كبشر نعيش وسط هذه الأجواء، لا يهمنا أسباب ارتفاع درجات الحرارة بقدر الذي يهمنا كيف نبرد على أجسامنا، بل كيف نجد الحلول السهلة والمباشرة للهروب من هذه الجحيم كما قد يسميه البعض؟

“الجحيم” الذي قد يراه بعض من الناس “نعيمًا” نظرًا للمآسي التي يعيشونها، من فقر، أو جوع، أو حروب، وقد يتهمونا بأننا أناس متذمرون، ننعم في رغد العيش، والأمان، فلا هم لنا سوى أن نفكر في توافه الأمور، وأصغرها، متجاهلين ما يدور في العالم من مشكلات كبرى، ومآسٍ حقيقية، وهذا ليس حقيقيًا، ولا مبررًا لما نشعر به، فلسنا سوى بشر نتحدث عما يزعجنا لا أكثر.

لا أستغرب من دول لا تعرف “جهاز التكييف” ولا طريقة عمله حتى أو أهميته، كونها لا تحتاج إليه، لأنها تعيش في مناطق باردة جدًا وعلى حدود بعيدة عن العالم “الساخن” إنما يدهشني حقًا أن أعرف أن في منطقتنا العربية وفي نفس ظروفنا، بل في السعودية توجد منطقة لا تستخدم “المكيفات” ولا تخطط لوجودها في منازلها، وهي محافظة “النماص” إذ لا تتجاوز درجات الحرارة فيها عن 25 طوال العام.

الحمد لله لوجود أجهزة التكيف في عالمنا، والحمد لله على نعمة العقول المبتكرة، وشكرًا جزيلًا “كارير” أنت مخترع عظيم، حظيت بالكثير من عبارات الشكر والثناء على لسان الكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى