أقلام

موت النقود

أمير بوخمسين

في كتابه موت النقود «The Death Of Money» للمؤلف جويل كرتزمن وهو من دار نشر «little, Brown and Company» في مدينة بوسطن الأمريكية لعام 1993، وترجمه بتصرف محمد بن سعود العصيمي، يحتوي الكتاب على ثمانية عشر فصلا، ويقع في نحو 240 صفحة.
يقدم هذا الكتاب تصوراً دقيقاً للتحولات الأخيرة التي طرأت على النقود، وأعني بها التحوّل من نقد ورقي مدعوم من الحكومة المصدّرة بالتحويل إلى ذهب، إلى الصورة الحالية التي لا تعدو أن تكون النقود فيها وهما أو فكرة أو شبحاً، كما يقول المؤلف، ويبين المزايا والعيوب، ويربط بين الآثار الاقتصادية وغيرها، ولا يترك المؤلف مجالاً إلا ويبين الآثار السلبية التي عمّت السوق المالية بسبب الاختراعات الحديثة.
وفيما يلي عرض لأهم الأفكار التي دار حولها الكتاب:
· اخترعت النقود في معابد السومريين منذ نحو خمسة آلاف عام، ومنذ ذلك التاريخ البعيد وحتى مطلع السبعينيات من القرن الحالي ظلت تؤدي دورها التقليدي المعروف كوحدة وسيطة في التبادل التجاري والمحاسبة، ومعيار للقيمة، ومستودع للمدخرات، ولكن أين هذه النقود في عالم اليوم؟
· موت النقود التقليدية التي عرفها الإنسان منذ آلاف السنين، وانقضى عصر النقود المستقرّة القيمة بصدور قرار الرئيس الأمريكي نيكسون في 15 أغسطس 1971 الذي فصل العلاقة بين الدولار والذهب، حيث كانت أوقيّة الذهب تعادل 35 دولاراً، وأغلقت نافذة الذهب التي كان يتم من خلالها للحائزين على الدولار خارج أمريكا تحويله إلى ذهب.
· صاحب هذا التحوّل تزايد هائل في حجم المعاملات الدولية، وظهرت نوعيات جديدة من النقود في محلات السوبر ماركت ومحطات البنزين والفنادق وغيرها.
· تتم المعاملات الدولية الآن بسرعة الصوت وتخترق المحيطات عبر الأسلاك أو بالبث في الفضاء عبر الأقمار الصناعية في الليل والنهار على مدار الأربع والعشرين ساعة، ويصل حجم المعاملات المالية الدولية وقت تأليف الكتاب إلى نحو 800 مليار دولار في اليوم الواحد، ومن هذه المعاملات نحو 25 مليار دولار فقط هي معاملات ترتبط بعمليات حقيقة خاصة بالإنتاج والتجارة والاستثمار الفعلي، أما باقي المعاملات فتتم على أوعية مالية مشتقة، الهدف الرئيس منها المضاربة وتحقيق الأرباح من تقلبات الأسعار.
· لذلك أصبح حجم الاستثمار المتداول مبالغاً فيه مقارنة بالاقتصاد الحقيقي.
بعد هذا العرض وأمام التقلبات الخطيرة وحالة عدم الاستقرار في الاقتصاد المالي، يعرض المؤلف بعض الحلول:
· الحد من تقلبات أسعار الفائدة لزيادة الإنتاج والدخول الحقيقية.
· الحد من تقلبات الأسعار في أسواق الأوراق المالية، والحد من التعامل في المشتقات المالية مثل عقود الخيارات الآنية والمستقبلية.
· تقليل العجز في الموازين التجارية الدولية، وتشجيع الاستثمار طويل الأجل، بدلاً من النظرة الآنية القصيرة الأجل التي أدت إلى هيمنة الاقتصاد الاستثماري على الاقتصاد الحقيقي «الإنتاجي»
ولعل الكاتب أكد منذ 28 سنة بأن التعاملات بالنقود الورقية مستقبلاً ستتحول إلى أرقام ونقود الكترونية، مثل ما تحولّت الصحافة الورقية إلى مواقع إلكترونية حالياً، وهذا ما نراه أيضاً من خلال العملات الإلكترونية، كالبتكوين وغيرها من العملات الرقمية، لذا تملي الأقدار على النقود بالزوال والوفاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى