أقلام

فقدك لايطاق أبا مصطفى

د. خليفه علي حسين الغانم

رحم الله عزيزنا المخلص أستاذنا الفاضل الحاج/ صالح مبارك النظام، حقا اسمه على مسمى، لقد تجسدت معانيه في جسمه الأنيق وعقله الرزين وروحه الخلاقة المبدعة.
فصلاحه وبركته لم تقتصر على ذاته، بل كل من حوله من الأقارب والأباعد شملهم فيض كرمه الذي لاينضب سواء على زملائه أو طلابه أومعارفه ومجتمعه.

رحلة عمرية أمضيناها سوياً لعدة عقود انطلقت من عام ١٤٠٣هـ في مدرسة الإدريسي بالدمام مع كوكبة من الزملاء الأعزاء، تحت إدارة حكيمة متمثلة في قائدها المخلص والمثابر الإستاذ الفاضل/ عبدالله بن عبدالرحمن المطلق (أبوخالد) المحترم الذي احتضننا جميعا رغم تلك السنين العجاف المشحونة طائفياً.
فقيدنا العزيز على قلوبنا، كان محل ثقة عند إدارة المدرسة، ولهذا أسند إليه المدير إدارة كونترول الاختبارات، وهذه بحاجة إلى مثابرة وجهد مضاعف وأمانة وتحمل مسؤولية. وقد أثبت فقيدنا جدارته ولعدة أعوام دون انقطاع أو تململ من ضغط العمل.
فقيدنا الغالي بجهوده الذاتية كان شغوفاً وسباقاً في عالم الحاسوب وبرامجه، ومتابعاً لمراحل تطوره وكل ماهو جديد في عالم الحاسوب.
لهذا كان له فضل كبير في تحويل كثير من الأعمال الكتابية بالقلم إلى برامج الحاسب، ومن ضمنها أنه صمم بنكاً من الأسئلة في اختبارات مادة الرياضيات، وحول كثير من النماذج المدرسية اليدوية إلى نماذج على سطح الكمبيوتر له ولجميع زملائه على حد سواء.
كان معلماً محبوباً لدرجة أن طلابه لم ينسوه وهو لم ينساهم وهذه ميزة يتمتع بها بقوة ذاكرته للأشخاص الذين جالسهم ولو لمرة واحدة لديه القدرة على كسبهم.
من مآثره الأخوية: علم أنني بحاجة لمن يساندني في كتابة رسالة الماجستير ومثلها رسالة الدكتوراه على جهاز الحاسوب، وإذا به يهاتفني ويقولز وجدت الشخص الذي سيساعدك! ولعلك تقبله، وطلب مني أن أحضر إلى منزله في مجلسه العامر بحي المحمدية لكي أقابل هذا الشخص. وعندما ذهبت في حينها وجدته أعد مكتباً في مجلسه ويفاجأني أنه هو الشخص الذي سيتحمل هذا العبء الكتابي الكبير وقد أصر على ذلك. وبالفعل قضينا أياماً ولياليَ متواصلة لعدة شهور لإنجاز مهمة الكتابة وتنسيقها؛ ولكي يبعد عني الحرج يكرر دائماً أنه استفاد من المعلومات التي نكتبها، ويبادرني بشكره قبل تقديم شكري له!.
وعن خدماته المجتمعية فهي عديدة ومتنوعة سواء على مستوى إسرته أو الحي الذي يقطنه أو مجتمعه، فالجمعيات الخيرية والمساجد والمجالس العامة والخاصة وأعمال الخير كلها تشهد في حقه.
وعن نظام فقيدنا الكبير الذي يتماشى مع اسم عائلته النظام فهو شخص منظم في مسكنه وملبسه ومظهره الأنيق، ولديه قدرة فائقة على إدارة الوقت واحترامه.ولهذا تجده حاضراً في دوامه مبكراً ومن أوائل الموظفين سواء عندما كان معلماً أو مدير مدرسة أو في أية مناسبة، فحضوره حسب الوقت المتفق عليه مسبقاً ولم يتأخر قط وأصبح هذا السلوك لايفارقه.
كان المرحوم أبو مصطفى منسقاً ناجحاً فيما يسند إليه من مهام، ومن ضمنها تنسيقه في عقد اللقاء الدوري لنخبة من مدرسي مدرسة الإدريسي الذي أنتمي إليها، لقد كان يحرص على إعداد الجدول الزمني لعقد اللقاءات والسير بموجبه، وكان لقاؤنا ماقبل الأخير وبإلحاح منه في منزله -وهذا قبل مرضه الأخير بقليل- وكأنه بمثابة وداعنا الوداع الذي لايطاق.

تعزيتي لشخصية حافلة بالعطايا والسجايا الإنسانية الجميلة والنبيلةّ أشعر بالتقصير، ولم أجد الكلمات والسطور التي تفي بحق حبيبي أبي مصطفى رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته وملاذي على فقدك الحزين المفاجئ (إنا لله وإنا إليه راجعون).
أخص بالتعزية أبناءه البررة الأعزاء كل من: مصطفى، مجتبى، زهير، مرتضى. وأحسن الله لكم العزاء وألهمكم الصبر والسلوان.
لقد فقدنا كنزاً صالحاً مباركاً من كنوز الإنسانية السامية المنظمة التي تعلقت قلوبنا بأخلاقه الكريمة وابتسامته الصافية التي لاتفارقه في أحلك الظروف. فلن ننساك أبداً وستبقى سجاياك النبيلة وسلوكك العطر خالداً لايغيب عنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى