بشائر المجتمع

الشيخ الموسى: الحداثيون والمشككون كالببغاوات ..ومواجهتهم بالوعي والبصيرة

مالك مهدي – الدمام

(البصيرةِ والتي ترادفُ الوعيَ، وهيَ بمعنى قوةِ الإدراكِ وقوةِ العقيدةِ واليقينِ والوضوحِ والرؤيةِ الثاقبةِ والقراءةِ العميقةِ، وكما نعبِّرُ: قراءةٌ ما بينَ السطورِ، فيكتشفُ الإنسانُ الحقائقَ قبلَ أنْ تنفجِرَ في وجهِهِ.)

هكذا استهل سماحة الشيخ عباس الموس حديثه في خطبة الجمعة بمسجد الإمام الكاظم في الأحساء بقرية العمران.
وأكد سماحته في حديثه على أن البصيرة من مستعملات القرآن المتكررة في موارد متعددة بمعاني مختلفة، إلا أنها تصل إلى معنى مشترك وهيَ حالةُ الوضوحِ لدى الإنسانِ؛

وأضاف: “الوضوحِ في العقيدةِ، والوضوحِ في ما هوَ صلاحُهُ، الوضوحِ في ما ينبغِي عليهِ فِعلُهُ، والوضوحِ في تشخيصِ وتقديرِ الموقفِ”.

وشدد الشيخ الموسى على أن يكون الإنسان في مأمنٍ بأنْ يتحرَّكَ في طريقِ الهُدَى والذي لا يكونُ إلَّا باتِّباعِ أئمةِ البصيرةِ، الذينَ لا تخونُهُمُ الرؤيةُ، ولا يُخطِئُ عندَهُمُ النظرُ، متابعتُهُمْ نجاةٌ، والأخذُ بخلافِ ما عليهِ رؤيتُهُمْ مُهلِكٌ، الصوابُ مضمونٌ في متابعتِهِمْ، والخطأُ مُحقّقٌ في مخالفتِهِمْ، ويتمثل هذا في أهل البيت عليهم السلام .

وفي حديثه عن أثر البصيرة، تناول سماحته جانب الوعي والبصيرة في مختلف التحديات التي يواجهها الإنسان في حياته قائلاً:” والوعيُ معناهُ أنْ ينظرَ المرءُ إلى أيِّ مسألةٍ مِنَ المسائِلِ لا سيّما ما يرتبطُ بالشأنِ العامِّ والقضايا المحيطةِ بهِ منْ كافّةِ جوانِبِها”

وأكد الموسى أنَّ الإنسانَ الواعِي ليسَ إنساناً ببغائِيًّا يُملَى عليهِ وهوَ بدورِهِ يُملِي على الآخرينَ، بلْ يفكرُ فيما يسمَعُ قبلَ أنْ يُردِّدَهُ، ويرَى في كلِّ شيءٍ عِبرةً ينتفعُ بِها، فلطالما يدافِعُ المرءُ عنْ أفكارِهِ ويُمضِي عمرَهُ على هذا المنوالِ ثمَّ يكتشِفُ في النهايةِ أنَّهُ كانَ يُدافِعُ عنْ أفكارٍ زُرعَتْ برأسِهِ.

ومن جانب آخر خاطب الموسى طبقة النخبة من النشطاء الإجتماعيين بضرورة َ أنْ يكونُوا واعِينَ لمجرياتِ الأمورِ؛ لأنَّ للنخبةِ تأثيرَها الخاصَّ في بلورةِ وإيصالِ القضايا إلى مختلفِ الأطرافِ، نظراً لانجذابِ جمعٍ مِنَ الناسِ إليهِمْ واستئناسِ الكثيرينَ بوجهاتِ نظرِهِمْ عندَ التحدياتِ الصعبةِ وعدمِ وضوحِ الرؤيةِ للعامةِ.

كما نوه سماحته بأن اليومَ، إحدى أهم التحدياتِ وهي التشكيكاتُ في الدينِ، والتي اتَّسَعَتْ رُقعتُها مِنْ مستشرقينَ وعلمانيينَ ولبراليينَ ومَنْ يسمَّوْنَ بالحداثيينَ، وأصبحَ ذلكَ مِنْ أقوى التحدياتِ، والشبابُ والناسُ عمومًا وخصوصًا معَ وسائِلِ التواصلِ الاجتماعيِّ المفتوحِ

وأضاف:”أصبحوا يسمعونَ هذا وذاكَ، أحدُهُمْ يشكِّكُ في العصمةِ مثلًا، وآخرُ يشكِّكُ في وجودِ الإمامِ المهديِّ وثالثٌ يشككُ في الخمسِ، ورابعٌ لا يروقُ لهُ ما يجرِي في الحجِّ مِنَ الأعمالِ وليسَ لديهِ قناعةٌ بذلكَ، وغيرُهُمْ ممنْ يبحَثُ عنْ بصيصِ كلامٍ مِنْ هنا وهناكَ ليتشبَّثَ بِهِ ويجعلَهُ منطلَقًا للحريةِ الدينيةِ أوِ الفكريةِ أوِ الانفتاحِ وما شاكلَ ذلكَ  ، وأمام هذا النوع من التحديات لا بدَّ أنْ نتسلَّحَ بالوعيِ ، مِنْ خلالِ التفقُّهِ في الدينِ.”

وشدد سماحته على أن ما يواجِهُ بعضُ المؤمنينَ وخصوصًا الشبابُ الإشكالاتِ المذهبيةَ في سفراتِهِمْ وجامعاتِهِمْ ووظائفِهِمْ، ولا يستطيعونَ الردَّ عليها، سببه أنهم لمْ يطَّلِعُوا ولمْ يدرسُوا ولمْ يخصِّصُوا لهمْ أوقاتًا للقراءةِ وتعلُّمِ المسائلِ العقائديةِ.

وأكد أن تعلم المسائل العقائدية ليسَتْ خاصةً بطلبةِ العلومِ الدينيةِ، فما يواجِهُهُ الشبابُ منْ إشكالاتٍ أكثرُ مما يواجهُهُ العلماءُ، بلْ إن المشككينَ قدْ لا يذكرونَ ذلكَ أمامَ العلماءِ والطلبةِ، ودعى المؤمنينَ أنْ يتسلحُوا بسلاحِ العلمِ والفقهِ، ووصف بعضَ المشككينَ أنهم إنما يقرؤونَ أوْ يسمعونَ شخصًا ما ويرددونَ كلامهُ كالببغاواتِ ليسَ إلَّا.

وفي ختام حديثه ذكر الموسى بأن مِنَ الوعيِ أنْ يطَّلِعَ الإنسان على ما حولَهُ ومَنْ حولَهُ، ماذا يجرِي مِنْ حولِهِ في العالَمْ، أنْ يتعرَّفَ على عاداتِ الناسِ وطبائِعِهِمْ وأخلاقِهِمْ وتصوراتِهِمْ، لكي لا ينخدِعَ بِهِمْ، أوْ تُشوَّهَ صورتُهُمْ عندَهُ، وتلتبِسَ عليهِ الأمورُ،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى