أقلام

المهاجر الأفريقي الجائع بين اللعنة ووهم الجنة الموعودة

م. أمير الصالح

كلما ترد أخبار عن غرق قوارب المهاجرين الأفارقة كلما يتفطر قلبي لما تعانيه البشرية من ظلم الانسان لأخيه الإنسان. وتأملت الموضوع فرأيت أن أكتب بعض الاسطر عنه. وقد رأيت أن هناك أربعة أصناف رئيسية من المهاجرين الأفارقة لدول اوربا الغربية:

١- صنف بطران هربان بأموال مسروقة و هو الأقل عددا و الأكثر مالا.

٢- صنف جوعان وهو الأكثر عددا والمُعدم مالا (شاهد مقاطع اغنية ” نكتب ونغني خنقتني العبرة”)

٣- صنف خرمان داشر وهو المُغيب عقلا والمغسول دماغا و المنبهر حضاريا يمشي دونما هدف إلا إشباع شهوات فرجه ويقبل بتمزيق وحرق قيمه و تغيير ديانته من أجل الحصول على اللجوء في اوربا.

٤- صنف يبحث عن الأمان وهو نتاج الحروب و التوترات والصراع بين الفيلة.

في هذه العجالة وددت أن أتحدث عن الصنف الثاني وهو صنف المهاجر الجوعان الجربان.

يهرب عدد كبير من شباب وفتيات وسط وشمال القارة الإفريقية إلى سواحل اوربا الجنوبية عبر قوارب مهترئة وقوارب مطاطية صغيرة بسبب الحيف و الضيم أو الجوع وقلة الحيلة بحثا عن جنة الفردوس حيث الحلم الأوربي. وفي قوارب الموت، و بعد تصفية الحلقات الأضعف من الهاربين حيث حلقة أمواج البحر وحلقة أسماك القرش وحلقة إحتمال الغرق وحلقة إبتزاز المهربين وتهديد القراصنة يبقى من بقى ليصل إلى يابسة القارة الاوربية وهم على شفا رمق من الموت.

وهناك على اليابسة يبدأ المهاجرون الأفارقة الفقراء في رحلة جديدة بين مطرقة اللعنة من أحزاب اليمين الاوربي والنازيين الجدد والقوميين الفاشيين الذين لا يجدون غضاضة في رمي كل المهاجرين بأقذع الالقاب وأقبح النعوت وإتهامهم على أنهم السبب الرئيس لأي فشل في اوربا وفي تفشي البطالة والأمراض و الجرائم. وبين سندان ألم فراق المهاجرين الافارقة أهلهم و أرض أجدادهم و أعزة فؤادهم وتشوه هويتهم و غربتهم. فبعض صنوف المهاجرين سواء الشرعي أو الغير شرعي منهم، هرب ويهرب من بلد هو ضحية مشكلاته ليكون ضحية لبلد يلقي عليه مشكلاته. دائما هناك من الاوربيين من يقول: “المهاجرون هم السبب لمشاكل اوربا…. المهاجرون قذارة فأطردوهم…. الخ”. فترى أو تسمع بعض مقالات صحفية أفلام سينمائية و تغريدات لنشرات إخبارية يتم فيها إلصاق تهم الجريمة و السرقات والمخدرات والإتجار بالبشر والعنف جزافا على المهاجر الأجنبي لا سيما إذا كان أسمر اللون أو حنطي اللون وليس من أصحاب الملايين. ولا يسأل الاوربيون أنفسهم عن دورهم فيما آلت إليه أحوال دول اولئك الفقراء قبل وأثناء وبعد ما حدث ويحدث من الإستعمار لهم من قبل الأوربيون أنفسهم وما جلب ذلك الاستعمار من مجاعات ونزوح وإنتشار فقر و تفشي أمراض. يكون حال الأغلب من المهاجرين الفقراء هو أنه لا بلد جديد أحترمهم ولا تنمية بلد كانوا فيه احتواهم. و هذا امر صعب إنسانيا و يحز في قلب كل إنسان ذو مشاعر صادقة.

هل يعني ذلك أن كلا الخيارين بالنسبة للمهاجر الإفريقي هما طريق مسدود؟! حتما الجواب لا. وإنما و كما يبدو أن المشهد العالمي غير مستقر والتوزيع العادل للثروات مضطرب بشكل عنيف فبينما الشمال من الكرة الارضية يتمتع بالخيرات ومحتكر للموارد ومستولى على المواد الخام يعيش عدد كبير من سكان الجنوب من الكرة الارضية في فقر مدقع وأزمات متفاقمة خانقة. أي أن الحوار بين الشمال و الجنوب مازال يراوح نفسه منذ عقود طويلة والمشهد الجديد هو زيادة التدفق البشري من إفريقيا الجائعة إلى اوربا المترفة. و عليه قد يرى البعض أنه على المتضرر من هذا الوضع اللجوء للاعلام والصراخ ليل نهار عن أزمة هو أشعل فتيلها و عليه التنصل رويدا رويدا من شعارات مثل حفظ حقوق الإنسان!. أو إعادة الحسابات من جديد و تفعيل الحوار الهادف العادل وليس حوار الاسياد و العبيد والإبتعاد عن الازدواجية في المعايير للوصول لنتائج مرضية وحلول ترسي قواعد النمو والفرص في بلاد المواد الخام الافريقية لتترك فرصة للانسان الافريقي ان يعيش بكرامة في وطنه بدل الهروب للقارة الاوربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى