أقلام

ننعاكَ شوقًا ولا ننعاكَ خسرانا

جاسم الصحيح

إلى روح زعيم الحوزة العلمية السيد (محمد العلي السلمان) رحمه الله تعالى.

ننعاكَ شوقًا ولا ننعاكَ خُسرانا

فما برحتَ لنا فجرًا وقُرآنا

وكعبةً من تراتيلٍ نطوف بها

طوفَ الفراشاتِ يستلهمنَ بستانا

ومنبعًا ما عَدِمْنَا في شواطئِهِ

ماءَ الوضوءِ لكيْ نمحو خطايانا

يا سيِّدي.. إنَّ موجَ الشوقِ يحملُنا

في بحرِ ذاتِكَ أشجانًا فأشجانا

ماضٍ إلى أينَ؟! أوقاتُ الصلاةِ هُنا

حَنَّتْ إليكَ، وأَنَّتْ في نجاوانا!

جَدِّدْ وضوءَكَ، وانفضْ عنكَ غاشيةً

من النعاسِ! أذانُ الفجرِ قد حانا!

نشتاقُ وَجهَكَ يا مَنْ وَجهُهُ حَرَمٌ

في كلِّ ركنٍ بهِ نلقى مُصَلَّانا

نشتاقُ عينيكَ كي نحياهُما وطنًا..

حُلْمُ العيونِ بأنْ يُصبِحنَ أوطانا!

نشتاقُ كُلَّكَ كُلًّا واحدًا أحدًا..

لا يفهمُ الشوقَ مَنْ يحياهُ نقصانا!

تاللهِ! لوْ تعرفُ الأقدارُ مَنْ أخذتْ

منَّا، لعادَ إلينا الموتُ ندمانا

يا مَنْ عمامتُهُ شمسٌ وإنْ طلعتْ

سوداءَ تنزفُ آلامًا وأحزانا

ها أنتَ: بالأمسِ تبكي في مآتمِنا

وفي مآتمِ هذا اليومِ مبكانا

لك المريدون قد فلُّوا عمائمهمْ

وفصَّلوا من قماشِ الطهرِ أكفانا

أمَّا هواكَ فـ(ـلا تسألْ)! فنحنُ هُنا

نحياهُ في عالم الذكرى، ويحيانا

حَفَّارُ قَبرَيْكَ يدري أنَّ مِعوَلَهُ

قد كان في الأرضِ والأضلاعِ طَعَّانا

قبرانِ في ساعةٍ شُقَّا سواسيَةً:

في الرملِ قبرٌ وقبرٌ في حنايانا!

وقد دَفَنَّاكَ ذكرى في جوانحِنا

من قبلِ دَفْنِكَ في الغبراءِ جثمانا

أَوَّاهُ! وانهارتِ (الأحساءُ) في لغتي

بعد الوقوفِ على التاريخِ أزمانا

إنَّ الذي سَلَّ منكَ الروحَ طافَ بنا

واستلَّ من روحِنا صبرًا وسُلوانا

يا ابن السماءِ وما تنفكُّ مُتَّخِذًا

من الملائكِ أصحابا وخِلَّانا

(جبريلُ) شِعرِكَ؛ أَوقَفْتَ الحياةَ لهُ..

فهل مَحَضْتَ الهوى في الخُلدِ (رضوانا)؟

وهل (ثمانونَـ)ـكَ انْحَلَّتْ عباءتُها

ثُمَّ ارتديتَ الصِّبا حُورًا وولدانا؟!

ويا كيانًا من التقوى، كـجَوهَرِهِ

ما جَوْهَرَتْ (سُورةُ الإنسانِ) إنسانا

فما سوى (العروةِ الوثقى) لديهِ عُرًى

وما أقامَ – سوى للهِ – بُنيانا

هل ذاكرٌ كيف كان الحُبُّ يَنْدُبُنا

إلى محافلِ (آلِ البيتِ) نُدمانا؟!

حكايةٌ إِثْرَ أُخرى بيننا انطلقتْ

ثُمَّ ارتحلتَ ولم نُكمِلْ حكايانا

كم استضفنا القوافي وَهْيَ حالمةٌ

وكمْ على صَدرِها نامتْ رزايانا

حبرُ القداسةِ من كفَّيكَ ينفحُني

طُهرًا، وينضحُني حُبًّا وتحنانا

وأنتَ تأنسُ منِّي ريحَ محبرةٍ

تَهُبُّ حَمَّالَةً عطرًا وألوانا

كانت على جسمكَ الأعوامُ قد هرِمتْ

لكنها لم تزلْ في الروح شُبَّانا

وكمْ شكوتَ من الأُذْنَينِ سَمْعَهُما

وليسَ ما تشتكي داءً وحِرمانا!

ما مَسَّ سَمعَكَ وَقْرٌ، إنَّما كَرُمَتْ

أُذْنَاكَ أنْ تغرقا في لغوِ دنيانا

قد كنتَ تسمعُني بالقلبِ، تسمعُني

أضعافَ مَنْ هَيَّأُوا للسَّمعِ آذانا

وحينَ يظمأُ نايي كنتَ تُشرِبُهُ

ماءَ المديحِ وتستسقيهِ ألحانا

واليومَ عاد إلى ألحانِنا ظمأٌ

من الغيابِ، وعاد النايُ عطشانا

هِيَ المَنِيَّةُ مهما طالَ موعدُها

عُقباكَ في هذهِ الدنيا، وعُقبانا

طُفْنَا المدى, ونَخَلْنَا الصادقينَ بهِ

لم نلقَ أصدقَ وعدًا من منايانا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى