أقلام

حفلات الطلاق

أستغربُ كما يستغرب غيري من الناس من وجود شيء اسمه (حفلات الطلاق)، فهي حالة لم تعرفها مجتمعاتنا الإسلامية إلا في السنوات الأخيرة، وبقراءة أوليّة فإنها تشيرُ إلى حالة انتقامٍ من الزوجة تجاه الزوج الذي تم تصويره أنه إنسانٌ غير سوي لا يستحق العيش معه، وربما بادرت الزوجة بالتشهير به وإفشاء الأسرار التي بينهما وخصوصاً التي في ظنّها أنها تشوّه صورته، وقد يستدعي الكثير من الناس إلى الفضول في معرفة ما بينهما …الخ.

من خلال ذلك، فإن العقلاء من الرجال والنساء هم من يقرؤون الحدث من زوايا مختلفة؛ لمآرب عقلائية مختلفة كتحليل شخصية ونفسية الزوجين، مثل:
– الزوجة التي تشهّر بزوجها لا تستحق أن يختارها رجلٌ بفعل التشهير الذي قامت به، والذي ربما لا يعرف أسبابه أحد ولا يعني أحداً ممن تتحدث معهم الزوجة المطلَّقَة.
– سيرى البعض أن الزوجة التي على هذه الشاكلة لا تساهم في حفظ الأسرار، بل لا يُؤمَنْ أن تكون أضافت ما يلمِّع صورتها والحط من شأن الزوج.
– حفلات الطلاق هي بنظري احتفال لغضب الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الطلاق كما في الأثر (أبغض الحلال عند الله).
– مخالفة الأدب القرآني الكريم الذي يقول: (إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسان).
– كذلك لا نخفي دور المتصيّدين في هذه المياه، حيث هناك من يتعاطى الحدث لأغراض شخصية بعيدة عن انفصال الزوجين، كإثارة فتنة جديدة بعد انفصال الزوجين ويكون ضحيّتها أشخاص لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الموضوع.
– مهما كانت أسباب الانفصال، على الزوجين أن ينفصلا بهدوء حفاظاً على المروءة والحياة التي تحمّلا فيها بعض، مهما بلغت حالة التشنّج أو الصراعات التي بينهما.
– حالة الانفصال لها أسبابها، فربما يكون الزوج أو الزوجة أو أطراف خارجية تنساق خلف أهوائها بغية تدمير حياة الآخرين وإرضاء النفس والشواهد في مجتمعاتنا كثيرة.
والقائمة تطول، وكل ما ذكرته أعلاه ليس بالضرورة أن تكون الزوجة معنية به بالدرجة الأولى؛ بل حتى الزوج الذي عليه أن يتّقي الله سبحانه وتعالى، وأن لا يساهم في هدم جزءٍ من أجزاء البناء الاجتماعي، أو يعرقل حياة امرأة لا تحب العيش معه وفق قضايا خاصة؛ بل عليه أن يسرّحها معززة مكرّمة مهما بدر منها من سوء تعامل وأدب تجاهه؛ إلا أن ما يثير في هذا الأمر هو قيام الزوجة بعمل (حفلة طلاق) تحت عناوين غير مُبرَّرة وغير مشروعة عُرْفاً وشرعاً، ذلك أن الزوج مهما كانت سلوكياته السلبية تجاه الزوجة إلا أنه على الزوجة أن تتوجه إلى بارئها في أن يبدلها خيراً منه جرّاء ما ارتكبه في حقّها.

يشار في هذا الصدد، بعض المتصيّدين في مثل هذه الخلافات بدون مسوّغ، وهم شريحة عشوائية تريد أن تنهش أعراض الناس بعيداً عن التفكير في تحليل هذه القضايا بشكل عام، أي: مناقشة أسباب الطلاق ودواعيه وغاياته من جوانب قانونية وشرعية واجتماعية ونفسية، أو تتسلّى في أوقات فراغها بذكر فلانة وفلان التي عملت وعملت، وكان من زوجها كذا وكذا!! أو ربما أشعلوا نار الفتنة بين عائلتين بوضع بعض الكلام الباطل بُغية إرضاء أهواء شيطانية …الخ.

ولا شك أن المرجوّ في مجتمعاتنا أن تكون أكثر وعياً في هكذا قضايا، فعلى كل إنسان أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يترفّع عن كل ما يخالف السلوك البشري، سواءً بإقامة احتفالات غير مشروعة تحت عنوان (الطلاق) أو بالتدخل غير المبرر من أطراف غير معنية، أو بأي شيء لا يتناسب مع الأخلاق الإنسانية المستقاة من شريعة السماء، وأن ننهى من يخوض في أعراض الناس، ونخوّفه عقوبة الله عز وجل، شريطة أن يكون النُصح والنهيُ بالتي هي أحسن، وأن ندعو لكل زوجين بالصلاح والهداية، فلعلّ الأيام أرجعتهما إلى بعضٍ لإكمال الحياة التي تعرَّضت لبعض الخدوش، ولينعم أطفالهما بالراحة والاستقرار في ظلِّ أبوين يسعيان لصنع السعادة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. نشاطرك الراي, فهذه مشكلة قد تورث البغضاء وتفكك المجتمع. وأقصد هنا, التشهير. وكأننا نسينا مبدئ (أمساك بمعروف, أو تسريح بإحسان). شكرا لك اخي الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى