أقلام

الشهيدة باسمة أحمد الأقنم: الأنموذج المشرق للممرضة المتميزة الإيمانية

د. حجي إبراهيم الزويد

في فجر الثاني والعشرين من يوليو ٢٠٢٠م، فقد وطننا الغالي بشكل عام والأحساء بشكل خاص واحدة من الطاقات الفاعلة، ممرضة من خيرة الممرضات علماً وخبرة وإخلاصاً وعطاءً، وأخلاقاً وتعاملاً، واهتماماً بالمرضى: الممرضة باسمة أحمد الأقنم، حيث وافاها الأجل أثناء ولادتها، فرحلت شهيدة، وهي في عمر الزهور، حيث كان عمرها اثنين وثلاثين عاماً عند رحيلها، أعلى الله في الجنان درجاتها.

الجانب العلمي والإنساني في حياة باسمة:

كانت الشابة باسمة تعمل في وحدة الإنزيمات، وهي وحدة خاصة بتعويض الإنزيمات، وهذه الوحدة خاصة ودقيقه ومعقده نوعاً ما، وبها بروتوكولات كثيره ينبغي اتباعها بدقة لمواجهة مضاعفات العلاج والأمراض.

ولذلك تحتاج هذه الوحدة إلى تمريض عالي الكفاءة والمهارات الإكلينيكية، شديد الملاحظة حاد الذكاء، ومن أجل ذلك تم تدريب طاقم التمريض على هذا العمل الدقيق خارج الأحساء وخارج المملكة، ولكن شاءت الأقدار وتم استبدال طاقم التمريض المدرب بطاقم آخر تم تدريبهم من قبل المدربين.

وكانت باسمة واحدة منهم، حيث تم تدريبها بسرعة فائقة، إذ استطاعت البدء بالعمل والإلمام بالبروتوكولات والتواصل مع أهالي المرضى بكل كفاءة فأصبحت هي العمود الأساس بالوحدة، وقد قامت بتدريب الكثير من طاقم التمريض لهذا العمل الدقيق والحساس.

باسمة هي شعله وحدة تعويض الإنزيمات، حيث إنه بالرغم من دقة العمل وصعوبته فقد كانت حادة الذكاء سريعة البديهة تعيش قمة النشاط والإخلاص والتفاني في العمل، وكانت ملمة بجميع البروتوكولات والإجراءات بالوحدة، حيث كانت تتبعها بدقة فائقة.

كانت رحمها الله تعالى، محبة لعملها ولمرضاها رقيقة خفيفة الظل، متعاطفة مع المرضى وذويهم، بشوشة، دائمة الابتسامة.

كانت مصلحة المرضى هي الأولوية لديها، وكانت تتكيف مع كل أزمة بالقسم مع كل تغير طارئ، ولا تفقد زمام الأمور مهما تعقدت الأوضاع ، وكانت تستطيع إيجاد حل سريع والبدء في تنفيذه دون تأخير.

كانت هادئة ومحترمة ومحتشمه تسعى لخدمة المرضى ومتابعتهم
وكأنهم أبناؤها.

تقول د. هدى الخواجة، استشارية الأمراض الاستقلابية و رئيسة وحدة الإنزيمات: ” أستطيع الاعتماد عليها أثناء إجازاتي في تسيير إجراءات الوحدة مع الأطباء الموجودين وإعطائهم النصح عند اللزوم دون تقصير، وكانت شديدة الحرص على متابعه كل مايلزم الوحدة من أدوات وعلاجات واحتياجات أخرى، وكانت تتواصل مع مستشفيات القطيف والدمام والإمدادات حرصا منها لسد أي احتياج أو نقص خارج عن إرادتنا.”

الجانب الأسري في حياة باسمة:

كانت تقوم بواجباتها الزوجية على أكمل وجه، وتعيش مع زوجها قمة السعادة الزوجية، وكانت محافظة على الأسرار الزوجية.

ربت أبناءها منذ نعومة أظفارهم على حب الصلاة وحب أهل البيت عليهم السلام، وكانت تدفعهم للحضور في المساجد ومجالس الذكر، وقد لوحظ أثر ذلك في سلوكهم الإيماني.

وقد ربت أبناءها على احترام الأبوين، فابنها عبدالله على سبيل المثال، مع أن عمره خمسة عشر سنة، إلا أنه عند كل خروج له من البيت يأخذ إذن أبويه في الخروج، وإذا اعترضا على خروجه في بعض الموارد ينفذ كلامهما ولا يخالفه ويحترم قرارهما.

وقد كان أبناؤها شديدو الحب لأمهم، يستمعون إلى توجيهاتها ونصائحها، في جوانب حياتهم كلها بما في ذلك استخدام الأجهزة الذكية.

الجانب الاجتماعي في حياة باسمة:

كانت اسما على مسمى، حيث كانت الابتسامة الصادقة تشرق من أعماق روحها.

باسمة ذات حضور اجتماعي واسع، وكانت تهتم بحضور الواجبات والمناسبات الاجتماعية وكذلك التجمعات العائلية، شرط خلوها من مجالس الغيبة، وكانت إذا لاحظت ملاحظة على أحد، تخبره بلطف دون علم أناس آخرين بذلك، وكانت ترى أن من كمال سعادتها مساعدة الآخرين.

الجانب الأخروي في حياة باسمة:

كانت تعيش في الدنيا وروحها متجهة نحو عالم الآخرة، كانت كثيراً ما تشير إلى أن الدنيا دار فانية، وأنها تفتقد إلى الجمال الحقيقي الذي هو موجود في عالم الآخرة، وكانت تعيش هذه الرؤية واقعاً حقيقياً، فقد كانت حياتها داخل البيت وخارجه تجسيد لتوجيهات القرآن الكريم وأحاديث النبي وأهل بيته عليهم السلام.

كانت تنفر من مجالس الغيبة.

ونختتم هذا المقال بما ذكرته زميلتها مريم البحراني:

قلوب كانت تنتظر أن تهنئها وتهنئ عائلتها لا أن تعزيهم … فقدها كان سريعاً مفاجئاً صادماً، أشعر بكل من في المستشفى بمن يعرفها
ومن لا يعرفها بالألم
والحسرة … لعلنا نرثيها بكلمات الأسى والحزن والدموع والذكرى لكن حقيقة هي بين يدي الكريم الحنان المنان …. موتها كان شهادة فمن أسعد بمن حظى منزلة الشهداء بين يدي بارئه … الخاتمه لها سعيدة وللأحياء موجعة …

رحم الله الشهيدة الشهيدة باسمة الأقنم، وأعلى درجاتها في جنان الخلد العالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى