أقلام

فرصة لأن يقلع الزقيطية عن سلوكهم الطفيلي

أمير الصالح

روى الجاحظ في كتابه الشهير “البخلاء” عدة نوادر توثق دهاء سلوكيات بعض الفضوليين وخبثهم ليتمكنوا من الأكل تطفلا، وبالمجان في أماكن لم يتم دعوتهم إليها . كانت شخصية أشعب هي الأكثر شهرة في هذا المضمار حتى أضحى أيقونة التطفل على الموائد .
في اللغة الدارجة ببعض مناطق شرق المملكة ولاسيما إقليم الاحساء ، يسمي الأهالي أولئك الفضوليين على موائد الطعام بـ(الزقيطية) . والزقيطية هم أفراد يتفننون في توظيف معلومة أماكن انعقاد الولائم تحت مظلة الأعراس ، أومجالس العزاء، أو صالات طعام حملات الحج، أو المجالس المفتوحة، أو الأنشطة المعقودة بجميع أطيافها سواء بالفنادق، أوحراج العقار،أو الأندية الرياضية.
يتحاشى معظم الناس طرد الزقيطية حفظا لماء وجوههم ،
وتجنبا لما لا يحمد عقباه،
واعتبار أن ما يقدم للزقيطية من طعام هو من باب الصدقة لوجه الله الغني الحميد.
ومع نمو معدل (البجاحة)،وضعف الوازع التربوي، واستمراء ذلك السلوك من قبل البعض، وسهولة التواصل بالجوال ،اشتد عود الزقيطية
وأصبحت هناك عدة مجموعات مكونة من ثلاثة و أربعة أشخاص. وكل مجموعة من الزقيطية لها مراسل في منطقة جغرافية، أومجموعة من القرى . وكل زقيطي يوافي أعضاء مجموعته بكل جديد بعد جمع معلومات عن نوع،وتاريخ،
ومكان ،ومناسبة انعقاد الوليمة،ونوع الطعام، والمطبخ الذي سيقوم بطبخ الطعام . وعليه التواصل من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي،
ويتم تنقيح تقارير الزقيطية،
وعمل جدول لكامل الأسبوع لاستهداف تلك المناسبات،وإقحام أنفسهم فيها ولا سيما تلك العامرة بولائم بناء على انتقاء الطبخة التي يميلون إليها وترشيحها.

في ظل أحداث انتشار الوباء، والإجراءات الاحترازية الرسمية، ومع تطور القرار المانعة للتجمعات، وحظر انعقاد الأفراح، و تبني معظم الأهالي حجب مجالس العزاء ، وإغلاق صالات التداول في البنوك أضحى الزقيطية في مأزق نفسي كبير ، حيث تم استئصال مآرب تطفلهم ،وثقل ظلهم، وانكشفت نار جشعهم لمن يعيش معهم . ولا تستغرب استعدادهم للانتقام من فترة الانقطاع بتلبيس الناس بالتحايل فرصة رجوع الحياة لطبيعتها .
ولعل البعض ممن ابتلى بهذا البلاء المشين يراجع نفسه،
ويقرر الإقلاع عن تلك الممارسة الخاطئة التي تجلب النفور منه . نتمنى ألا نرى أي زقيطي بعد انكشاف وباء الكورونا الحالي، كما نتمنى أن يغتنم كل صاحب عادة أو سلوك سيئ فرصة العزل الاختياري لمراجعة الذات ، وضبط السلوكيات و الألفاظ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى