أقلام

مسؤولية المعرفة

علاء محمد المسلم

يولد الإنسان وهو لايعرف اسمه ولا رسمه، فأبواه يطعمانه ويلبسانه، حتى إذا بلغ الفطام قاوم الطعام واختار وقت المنام، ليبدأ الأبوان تعليمه وتربيته، فإذا بلغ الحلم خلَّف ما ألِف وزاد على ماعرِف، ليكون هو المسئول عن ما يصبو إليه ويئول.

قال الله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) الإسراء.

نهت الأية الكريمة الإنسان عن اتباعه ما لاعلم له به، فعليه أن يعقل مايتبع ادراكاً لاحشواً، فهو مسئول عن العقائد المودعة في فؤاده، وعن معرفته وعلمه الذي حصله لتلك العقائد، وعن حواسه فهي ادواته لتحصيل العلم، وعن عمله بما أدرك وعرف وعلم واعتقد، فالأنسان مسئول عن ذلك كله مابلغ تكليف العقل والإختيار.

وفيما يروىٰ عن الحسين بن هارون عن أبي عبد الله ع في قول الله: (ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) قال: يسئل السمع عما يسمع والبصر عما يطرف والفؤاد عما يعقد عليه.

ولذلك فإن الإنسان معني ببناء معرفته وعقائده بوعي وإدراك، ليكون أقرب الى الحق وتكون أعماله في محل القرب من طاعة الله تعالى. وعلى العكس من ذلك لمن ظلم نفسه وجهل ربه وران على قلبه فلايزيده عمله إلا خسراناً وبعداً عن مرضاة الله عز وجل.

ذكر في نهج البلاغة في خطبة لأمير المؤمنين علي ع أنه قال: “أول الدين معرفته”.
وذكر في الزيارة الجامعة لأئمة أهل البيت ع: “ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله”.
وذكر أيضا في دعاء مروي عن أبي عبدالله ع في زمن غيبة القائم (عج) “اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني”.

ويتبين من الأثر فيما ذكر وروي أن هناك ملازمة بين معرفة الله تعالى ورسوله ص والأئمة ع فهم الهداة إليه سبحانه، وتلك هي المعرفة الحقة لعقائد سليمة وأعمال صالحة لتزكية الإنسان نفسه والأخيرة هي الغاية لفلاح الآخرة ونعيمها.

لقد وفق الله تعالى الحر بن يزيد الرياحي يوم العاشر من محرم لاختيار محال معرفة الله سبحانه بمعرفة الإمام الحسين ع، فانتقل من معسكر الظلم والشقاء الى ركب الطهر السعداء. فمعرفة الحر الرياحي لأهل البيت ع وإيمانه بما يرضي الله سبحانه قرباه للإنتقال من سعير النيران إلى نعيم الجنان، فلم تكن الفاصلة عنده إلاّ عزيمة نفسه وإيماءة خيله مسرعاً نحو الإمام الحسين ع، ليجد لنفسه جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، حيث أقرب ما يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وشفاعته.

وأي قرب من رضى الله تعالى يكون أسرع وصولاً من سفينة النجاة سفينة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام؟! فسلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى