أقلام

الفيروس أعاد تعريف أحترام المساحة الشخصية

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

ردت أن أتخذ من هذا الموضوع فرصة لأتناول ولو بشيء من الإقتضاب موضوع المساحة الشخصية، وبحسب ما ورد في الوكيبيدي، المساحة الشخصية هي عبارة عن المنطقة التي تحيط بالفرد ويعتبرها ملكاً له من الناحية النفسية. وتمثل هذه المساحة قيمة خاصة لأغلب الأشخاص بل ينتابهم الشعور بعدم الأرتياح أو الغضب أو التوتر حال التعدي على هذه المساحة.

هذه المساحة تضيق وتتسع بحسب نوع العلاقة الشخصية. فنراها تزداد ضيقاً في حال العلاقات الحميمية بين الزوجين أو بين الوالدين وأطفالهم مثلاً، ولكنها تتسع وتزداد بعداً كلما
ضعف مستوى العلاقة بين الأشخاص.

ولذا ينبغي علينا معرفة المساحة الشخصية لكل فرد ومدى علاقتنا به ومراعاتها قبل أن نصل إلى الحد الذي قد ننتهك فيه تلك المساحة حتى لا يصبح الأمر مزعجاً من الناحية النفسية والعملية ويسبب عدم أرتياح وقد يصل هذا الإزعاج إلى ما يسمى بالتحرش الجنسي سيما في الأماكن العامة وأماكن العمل والذي صدرت مؤخراً قوانين صارمة بحقه.

الملاحظ في ثقافتنا العامة أن الكثير منا لا يراعي هذه المساحة وبالخصوص في الأماكن العامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر دور العبادة والمجالس العامة والأماكن المزدحمة، الأمر الذي يسبب أمتعاضاً وتذمراً وربما يصل الأمر إلى حد التدافع والخلافات الشخصية.

الموضوع المترجم
التباعد الإجتماعي قد يكون مؤهلاً لإعتباره تناقضاً لفظياً في إيطاليا، حيث يعد المشي بتشابك الذراعين مع الأصدقاء، وتقبيل الجيران تحية، والتربيت على رؤوس الأطفال جزءاً من الثقافة المعبرة عن العواطف.

لكن الفيروس الجديد أعاد تعريف مفهوم إحترام المساحة الشخصية للإيطاليين المعتادين على لمس بعضهم (التلامس مع بعضهم)، وكذلك للكوريين الجنوبيين، والفلبينيين والأمريكيين والإسبان  ومواطني العديد من المناطق الأخرى المزدحمة في العالم.

سواء أكانوا يتصرفون بموجب أوامر حكومية أو يتبعون نصائح الصحة العامة الأساسية، فإن الناس يضعون مسافة بينهم لتجنب فيروس كورونا. تدعو قواعد الإشتباك الجديدة إلى الحفاظ على مسافة من متر إلى مترين (أو من ثلاثة إلى ستة أقدام) لمنع التعرض المحتمل للفيروس عندما يسعل أو يتكلم شخص مصاب.

يتسبب مرض كوفيد-19 في ظهور أعراض خفيفة أو معتدلة في معظم المصابين، ولكن إحتمال ظهور أعراض حادة عند كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مرنفعاً. الغالبية العظمى من المصابين يتعافون.

أصبح معيار إعادة ضبط درجة التباعد المقبولة دليلاً واضحًا على أنتشار الوباء حيث المدارس ومراكز التسوق والأماكن الرياضية أُغلقت وتضاءلت فرص اللقاءات العامة. خارج متجر لبيع الأسلحة في كاليفورنيا، ومكتب بريد في المجر وسوبر ماركت في مانيلا، أستطاعت صفوف العملاء المنتظرين على مسافات مناسبة إلى حد ما.

ممارسة التباعد الإجتماعي في البداية خلق إرتباكاً بين المتسوقين المنتظرين في سوبر ماركت في مدريد. وتلا ذلك بعض تبادل الألفاظ القاسية بينهم. لكن سرعان ما علم العملاء أنه إذا كانوا يريدون مشتريات من البقالة، فعليهم أن يصطفوا في صف الانتظار.

معايير المسافة الآمنة أيضاً تكشف عن مدى قرب ما يموضع الناس أنفسهم  عن بعضهم في السابق. أصبح لدى القساوسة في كنيسة في سيول مساحة للإنتشار في مقاعد المرتلين الفارغة بعد أن قرروا إجراء صلوات الأحد على الإنترنت. الصحفيون في مؤتمر صحفي في برلين جلسوا على مقاعد متباعدة عن بعضهم البعض.

مرسوم وطني دخل حيز التنفيذ في إيطاليا الأسبوع الماضي يُلزم الناس بالبقاء على مسافة متر واحد (حوالي ثلاثة أقدام). انقلبت عادات العمر  والمجتمع بأكمله رأسا على عقب بين عشية وضحاها.

في بلد حيث غالباً ما يعني إنتظار دورك هو أن تدفع بنفسك بين المنتظرين إلى مقدمة المنتظرين غير المنضبطين مستخدماً مرفقيك، الإيطاليون يصطفون بداعي الإحساس بالواجب مع مسافة فاصلة تقدر بين متر ومترين، أحياناً يقف الإيطاليون في صفوف على الجانب الآخر من الشارع من بعضهم البعض للحفاظ على المتاجر غير مزدحمة وعلى أنفسهم من الإصابة بكوفيد-19.

امتشق أصحاب المتاجر شرائط قياس المسافات.

قال بييرو إميليو فينشنزي، صاحب متجر لبيع الأجهزة المنزلية بالقرب من الفاتيكان: “لقد رأيت الكثير من الأنضباط والتضامن والتعاون، والجميع يفهم أن أول من يقع سيسحب الآخرين معه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى