أقلام

نمط آخر للحياة

رباب حسين النمر

القلق كائن مرادف لكلمة(كورونا كوفيد19) فهو وحش يفترس البشر في كل مكان خوفاً من سرعة انتشار فايروس كورونا حول العالم،
وكان الحجر المنزلي هو حضن الأمان الذي يقلل من خطر الإصابة بهذا الداء العُضال.
لكن لكل شيء ثمن، وضريبة الحجر المنزلي باهضة ومتعبة أدت إلى تغيير أنماط الحياة الاجتماعية التي اعتادها الناس،فليس من الهين حجز الأفراد في منازلهم، وقد اعتادوا مذ ولادتهم على الحياة الاجتماعية، ومخالطة الآخرين في المدارس،والأسواق، والمنتزهات العامة، وفي المساجد، ومجالس الذكر والدعاء والمناسبات الإسلامية وإحياء مختلف المناسبات، وفي الاجتماعات العائلية المعنية بصلة الرحم، والمجتمعية التي يقصدها الناس للمشاركة والقيام بأداء واجب الصلة (المواجب) مثل حفلات الزواج، ومجالس العزاء!
الإنسان لا يستسلم بسهولة! وتدفعه غريزة حب الاجتماع على إيجاد بدائل مناسبة أوقات الأزمات، وهكذا كان، حيث حلت المجالس (الرقمية) والجلسات(الافتراضية) عام2020م مع انتشار كورونا كوفيد 19، وبات العالم الافتراضي هو الملاذ الاجتماعي الذي يقصده الناس في عزلتهم الاجتماعية، اختفى البشر المتكدسون في الشوارع، وتكدسوا في قروبات الواتساب، وفي جلسات البث المباشر، وقروبات السناب شات، والغرف الجماعية التي أنشأها الأفراد في مختلف تطبيقات السوشل ميديا وبرامجها لتحل محل المجالس الاجتماعية التي يرتادها أفراد المجتمع.

حلت الأصابع الرشيقة محل الرجلين، وباتت شاشات الجوالات بديلة عن الشوارع، وأيقونات التطبيقات بديلة عن المجالس الواقعية، فينتقل المرء بإصبعيه ليقدم واجب العزاء لفقد عزيز أو حبيب كبديل عن مجالس الفواتح، وفي جهة أخرى ليقدم تهنئة بعقد قِران صديق أو زواج قريب فليس ثمة حفل زفاف واستقبال، ثم يخرج متجها إلى حيث مجموعة السناب شات العائلية لصلة الرحم فيلتقي إخوته وأخواته وأولادهم، ووالده ووالدته وكأنه في(زوارةالخميس)، ثم يخرج متجهاً نحو(البث المباشر) ليستمع إلى محاضرة دينية أو يشارك في الابتهالات الشعبانية، مثل البث المباشر الذي تقدمة بشائر لايف يومياً، ومن هناك يتجه إلى قاعة الدارسة عن بُعد ليسجل حضوره.

واختزل الواقع الافتراضي في عهد كورونا كثير من المظاهر الاجتماعية في الزيارات الافتراضية، فالمواقع الرسمية للمتاحف والمراكز الثقافية باتت تقدم للزائر عن بعد جولات افتراضية شبيهة بالواقعية، مثل إتاحة الفرصة في مركز الملك عبد العزيز الثقافي(إثراء) بأرامكو بزيارة افتراضية أسوة بسواه من متاحف العالم التي تمنح الزائر فرصة التمتع بجولات في صالاتها،ومشاهدة معروضاتها التاريخية النادرة دون أن يغادر المنزل.

ويبقى السؤال عالقا:
وماذا بعد كورونا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى