أقلام

قَمِيصٌ لا كَمَا القُمْصَانِ

هاني الحسن

أحتاجُ غيْرَ العَيْنِ حَتّى أبْصِرَكْ
فَأَضِئْ بذكراك البهيجة مِنْبَرَكْ

جُلُّ الَّذِينَ تَنَاوَلُوكَ رِوَايَةً
النَّصُّ نَصَّبَ حَوْلَهُمْ قَسْرًا شَرَكْ

بَعْضٌ رآكَ بِرُؤْيَةٍ مَجْرُوحَةٍ
حَتَّى بِمِخْيَالِ الخُرَافَةِ أَسْطَرَكْ

كَهْفٌ وَسِرْدَابٌ وَقِصَّةُ غَيْبَتَيْنِ
غَدَوْا عَلَى مَدِّ القَضِيَّةِ مِحْوَرَكْ

وَالْبَعْضُ صَيَّركَ اعْتِبَارَ حَدِيثِه
المَحْكِيِّ مِثْلَ مَسِيرَةٍ أَوْ مُعْتَرَكْ

وَيَرَاكَ مِثْلَ رِجَالِهَ فِي عُمْرِهِ
حَتَّى بِوَاقِعِ سِيرَةٍ قَدْ أَطَّرَكْ

بَعْضٌ لِحَضْرَتِهِ بِشِدَّتِهِ انْبَرَى
وَأَقَامَ مِنْ لَأْوَاهُ خَطْبًا أَحْضَرَكْ

وَالْبَعْضُ فِي حُجُبٍ عَنِ الرُّؤْيَا اغْتَدَى
وَعَنِ المُشَاهَدَةِ الصَّرِيحَةِ أَنْكَرَكْ

أَمَّا أَنَا لا أَدَّعِي عِلْمًا وَلَكِنْ
أَهْتَدِي أَنَّ المُهَيْمِنَ فَسَّرَكْ

أَحْتَاجُ ألْطَافًا تُحِيطُ مَدَارِكِي
حَتَّى أَعِي وَبِكُلِّ فَهْمٍ أَسْطُرَكْ

أَحْتَاجُ سُرْعَةَ ضَوْئِكَ المَبْثُوثِ فِي
الأَكْوَانِ أَسْئَلَةً تُجَابُ لِأَعْبُرَكْ

أَحْتَاجُ مَدَّ الرُّوحِ أَبْعَدَ مِنْ يَدِي
وَحَسِيسَ جَذْرِ المَدِّ حَتَّى أَسْبِرَكْ

هَلْ أَكْتَفِي بِالطَّيْفِ يَجْتَازُ الرُّؤَى
لِيَؤُمَّنِي أَمْنًا إِذَا خِفْتُ الدَّرَكْ

هَلْ كُنْتُ أُغْفِي عَنْكَ خَشْيَةَ قَوْلِهِمْ
وُيُقَالُ أَنَّ فُلَانَهُمْ قَدْ غَيَّرَكْ

وَأَنَا أُرِيدُكَ حَاضِرًا فِي ضَامِرِي
فَلَعَلَّ شَوْقِي فِي جَنَانِي أَخْبَرَكْ

يَا أَنْتَ يَا مَلَكًا تَسِيرُ عَلَى الثَّرَى
هَلْ أَنَّ مِنْ طِينِ النُّبُوَّةِ عُنْصُرَكْ

يَا أَنْتَ يَا بَشَرًا يَطِيرُ إِلَى السَّمَا
اللهُ مِنْ طُهْرِ البَتُولَةِ أَثْمَرَكْ

يَا مَاءُ يَا سِرَّ الْحَيَاةِ بِأَسْرِهَا
مَنْ ذَا بِيَنْبُوعَ البَرِيَّةَ كَدَّرَكْ

يَا مَنْ إِلَهُ الكَوْنِ أَنْشَأَهُ سَنًا
وَبِعِصْمَةٍ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ طَهَّرَكْ

يَا بُغْيَةَ المُسْتَضْعَفِينَ عَلَى الدُّنَا
مَنْ يَا تُرَاهُ عَلَى القِيَامَةِ أَخَّرَكْ

يَا لُغْزَ أَلْفٍ هَا تَزِيدُ مِئَاتُهُ
لَسْتَ القَلِيلَ فَهَاهُنَا مَا أَكْثَرَكْ

الصَّبْرُ يَقْتُلُنَا فَهَلّا طَلْعَةً
مَا أَصْبَرَ المُشْتَاقَ بَلْ مَا أَصْبَرَكْ

هَا هُمْ يُنَادُونَ البِدَارَ فَلَمْ تُجِبْ
أَصْوَاتَهُمْ مَنْ عَنْهُمُ قَدْ عَثَّرَكْ

هَا قَدْ أَتَتْ ذِكْرَاكَ تُمْطِرُ بِالشَّذَا
سَنُقِيمُ فِي وَسْطِ الضَّمَائِرِ مَشْعَرَكْ

إني لَبِسْتُ قَمِيصَ حَفْلِيَ شَاعِرًا
أحْيَيْتُ فِي قَلْبِي المُحِبِّ تَذَكُّرَكْ

هَذَا قَمِيصٌ لا كَمَا القُمْصَانِ
أَنْزَعُهُ وَأَتْرُكُهُ كَمَنْ قَبْلِي تَرَكْ

إِنْ غَابَ حَفْلٌ بَالْمَظَاهِرِ زَاخِرٌ
فَلَقَدْ أَقَمْنَا فِي المَشَاعِرِ مَظْهَرَكْ

هَا هُمْ عَلَى فَمِيَ اغْتَدَوا فِي صَرْخَةٍ
وَلِذَاكَ إِحْسَاسُ القَصِيدَةِ مُشْتَرَكْ

يَا رَبّ تَدْعُو النَّاسُ تَشْكُو ضُرَّهَا
تُحْيِي الشَّعِيرَةَ تَرْتَجِي أَنْ يُظْهِرَكْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى