أقلام

ما أوصلك إلى هنا قد لا يوصلك إلى هناك..

ما أوصلك إلى هنا قد لا يوصلك إلى هناك . What Got You Here, Won’t Get You There

مع تقدم عجلات الزمن أضحت الأدوات متغيرة بشكل سريع، فشعار “ما أوصلك إلى هنا قد لا يوصلك إلى هناك ” حقيقة قائمة وملموسة. لقد بذل الأجداد جهود مضنية في عالم التجارة والصناعة والعمل والطبابة وحصدوا قطاف جهودهم. ولكن تلك الأدوات لم تعد موجودة في هذه الأيام لعدم كفاءة تلك الأدوات
واستحداث البدائل.

في عالم اليوم، لابد إنه على الإنسان بذل الجهود الصادقة لتخطي حواجز الوقوف في مكانه مهنيا أو علميا أو ثقافيا أو تجاريا أو صحيا. في فترة زمنية ما، كان البعض يتشدق بذكر أسماء لامعة واقتباسات طنانة وتكديس حفظ الأرقام القياسية بعناوين مختلفة لأطول وأكبر
وأضخم وأسرع الأشياء في عالم الماديات في ذاكرته فيحظى بمكانه
ومعامله خاصة ويُنعت من محيطه أو أبناء جيله بالمثقف او العلامة أو المطلع. لا تسأل كيف أصبح ذلك الشخص يلقب بالقاب كبيرة وأصبح مثقفا أو صاحب فكر أو مدرسة فكرية! ولكن كان ذلك ديدن وثقافة محيط بشري في زمن ما.

مع انبثاق عوالم الاتصالات، تكشف لنا حجم وجود كل أمة بشرية وتأثيرها على سكان الارض اقتصاديا
وثقافيا ومعرفيا
وسلوكيا وحتى صحيا. و اكتشف كل منا
قلة الإنتاج والمحتوى المعرفي في مجتمعاتنا
وشبه جفاف المشاركة عالميا في إيجاد حلول اقتصادية أو القدرة على تخفيف الآلام لأبناء البشر الصحية والنقص الكبير في مراكز البحوث العلمية والمختبرات المتقدمة.
ووجدنا أن اختفاء البعض خلف أقنعة الألقاب والشهادات الكبيرة جعل من بعض أبناء مجتمعاتنا العربية شبه معطله الفكر
ومنعدمة المعالجات للمشاكل الكونية
والمحلية.

هناك كتاب يحمل عنوان ” What Got You Here, Won’t Get You There ” لمؤلفه مارشال جولدسميث الصادر عام ٢٠٠٧ م؛ وترجمه العنوان حرفيا ” ما أوصلك إلى هنا قد لا يوصلك إلى هناك “. هذا الكتاب يعالج طرح وممارسة بعض المفاهيم الجديدة يومذاك ويدعو القيادات الإدارية لأهمية تبني الشفافية من جهة
والديناميكية لأدوات الإنتاج العصرية من جهة أخرى. أنصح من يود أن يستثمر وقته في علوم القيادة الإدارية بقراءة مؤلفات Marshall Goldsmith.

ولعل الجميع سواء من يؤمن ومن يكفر بالتقنية العصرية والتطبيقات ذات العلاقة بالتقنية أحس
ولمس وعاين أهميتها
وفعاليتها في ظل الحجر المنزلي في ظل جائحة وباء كورونا. وأن العمل (عن بعد) أضحى ممكنا
وأن الدوام في أماكن العمل لا يقاس بوقت الدخول والانصراف،
ولكن يقاس بالإنتاج
و الفعالية.
وأن المعرفة لا تقاس بالشهادات العلمية لحاملها فقط، وإنما أيضا تقاس بالإبداع في ابتكار الحلول.
وأن العولمة في المشاكل والحلول أضحت واقعا
وأن ما كان بالأمس تحصيل حاصل أصبح منظورا في إمكانية التنقل منه أو إليه.
نعم ” ما أوصلنا هنا قد لا يوصلنا إلى هناك “.

و أدعو بقلب صادق جيل الشباب أن يستثمروا أوقاتهم وعلومهم لفهم التجارة الإلكترونية
وتطبيقات الذكاء الصناعي والعمل عن بعد وإطلاق نماذج تطبيقات العمل والبيع و الإدارة
والمحاسبة والطبابة الإلكتروني في فضاء التطبيقات ليحجزوا مقاعدهم في طلب الرزق السايبيري.
فأدوات طلب الرزق تغيرت بشكل متسارع
ومحسوس والبارع من يتكيف مع زمانه لا أن يندب عثراته. فمع جائحة كورونا، الناجحون المتكيفون مع زمانهم سيزدادون نجاحا،
والمتعثرون لديهم فرص جديدة للانطلاق.

بقي أن أورد بتصرف مثبطات الولوج لعالم مابعد كورونا:

– الإصرار على النجاح الفردي في كل شأن.

– الحرص المفرط على الإضافة القيمية في كل مشاركة وعدم الاهتمام بالعلاقات.

– إعطاء أحكام مسبقة في كل شي.
– تسفيه آراء الآخرين

– البدء في الحوارات بكلمة ” لا” أو ” ولكن ”
والمبطنة لمضمون ” إن المعلق بكلمة ” ولكن ” هو صاحب الرأي الصحيح
وأن الآخرين هم (الغلط) أو ناقصي الإدراك.

– تحدث الشخص عن نفسه بإطراء مفرط.

– التحدث مع الآخرين في حالة هيجان وغضب.

– السلبية نحو الآخرين
والتنظير الفارغ

– احتباس المعلومات بهدف أخذ مقعد التفوق على الآخرين.

– الإخفاق في تتويج المحسنين والمبدعين
والناشطين والمتبرعين

– ادعاء البعض بأعمال حسنة لم يقوموا بها.

– الدوام على تقديم الأعذار والتستر بالأعذار الواهية للهروب من الإنجاز أو القيام بأي عمل

– التلحف بالماضي للهروب من استحقاق الحاضر.

– خلق التفاضل دون استحقاق عملي.

– الامتناع عن التعبير عن الندم في حالة الغلط أو التعثر أو الإخفاق أو سوء تقدير الأشياء.

– عدم الإصغاء للآخرين.

– الإخفاق في التعبير عن الامتنان لمن هم حولك كالزوجة والآباء والأمهات والجيران والأصدقاء.

– تعنيف من هم تحت رحمتنا و التنمر على من تطولهم سلطتنا.

– إلغاء اللوم على الآخرين و عدم محاسبة الذات.

ولعل من الجيد أن الإنسان في ظل الظروف الحالية لجانحة كورونا لكي يراجع نفسه ويسمو بها بشكل أفضل أن يفعل الخصائص التالية:

– إجادة فن الاعتذار والعمل بها عند وقوع عند أو قول خاطئ والعمل على عدم الرجوع لذات الصنيع.

– إجادة فنون الإصغاء
والعمل بها.

– إجادة فنون الشكر لله
وللخلق وإظهار ذلك سلوكيا وليس مجاملة

– إجادة فنون المتابعة للعمل والإنجاز مع كامل الاحترام للكرامة الإنسانية داخل الفريق الواحد.

– تعلم وممارسة مهارة التغذية الاستباقية practicing feedforward بأن تطلب من الآخرين إبداء مقترحاتهم بطرق إنجاز ذات العمل قبل البدء فيه.

إن حجم التغيير في أنماط السلوكيات الذي أحدثته جائحة كورونا على مستوى العالم كبير جدا، وهي فرصة ذهبية شبه نادرة في حياة الإنسان الفرد لتهيئة التغيير في ذاته. وهذه الفترة تجعل الإنسان في موضع التغيير في أصعدة كبيرة على مستوى شخصه الكريم ومحيطة الأسري، ومن لديه تاثير فيهم او عليهم. فالكثير من القوانين البشرية تغيرت أو جمدت أو ألغيت، ومن باب أولى أن يعيد الإنسان ذو التكييف العالي أنماط حياته المثبطة للنجاح إلى سلوكيات أخرى تزرع النجاح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى