أقلام

فيروس كورونا: هل كمية الفيروسات التي تتعرض لها تحدد مدى إصابتك بالمرض؟

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

من المحتمل جدا أن يكون عمال الرعاية الصحية على اتصال( تماس) مع العديد من مرضى كوفيد-19 بشكل يومي.

الاتصال( التماس) مع المزيد من المرضى بالفيروس يعني، من الناحية النظرية، أن هؤلاء العمال سيكونون عرضة لجرعات عالية من فيروس كورونا بمرور الوقت، هل يعني ذلك أنهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض، كما تشير تقارير من بعض البلدان ؟

نعلم في بعض الأمراض أن هناك ملازمة مباشرة بين جرعة الفيروس التي بتعرض لها الشخص ومدى شدة المرض، مثال جيد على هذا هي الأنفلونزا.

ففي 2015 دراسة من الولايات المتحدة أظهرت أنه كلما كانت جرعة فيروس الانفلونزا التي أعطيت لمتطوعين أصحاء أعلى، كلما كانت الأعراض أسوأ، الفيروسات هي  جسيمات صغيرة جدا ينبغي عليها أن تدخل خلايانا حتى تتناسخ ( تتكاثر)، وبالتالي فإن المنطق يقول أنه كلما كانت هناك جسيمات فيروسية في البداية أكثر، كلما كان عدد الخلايا التي ستصاب بالعدوى أكثر.

ومع ذلك، الفيروسات تتناسخ بشكل أسي، خلية مصابة واحدة يمكن ان تؤدي الي مئات، إن لم تكن آلاف،  من نسخ الجسيمات.

وهذا يعني أن بعض الفيروسات، حتى الجرعة الصغيرة منها كافية لتسبب العدوى، على سبيل المثال، لا يحتاج  نصف المجموعة السكانية لتصاب بالعدوى سوى 18 جزيئا من النوروفيروس، هذا يمكن أن يؤدي إلى علامات( أعراض) إكلينيكية كلاسيكية من التقيؤ والإسهال، ففي مثل هذه العدوى، يتناسخ الفيروس بشكل سريع جدا بحيث قد لا تكون لمقدار جرعة البداية تلك الأهمية.

هل الجرعة الأولية لفيروس سارس-كوف-2   ‪SARS-CoV-2‬( الفيروس الذي يسبب مرض كوفيد-19) لها علاقة بشدة/ حدة المرض؟ في الوقت الحالي ، لا نعلم.

والطريقة الوحيدة للإجابة على هذا السؤال بشكل قطعي هي” دراسات التحدي التجريبية” ‪experimental challrge stufuws‬، والتي تنطوي على إصابة متطوعين أصحاء بشكل عمدي من أجل دراسة الأمراض وعلاجاتها، وهذة المحاولات ستكون موضع تساؤلات أخلاقية بسبب حدة المرض المحتمل.

بمجرد أن يصاب المريض بالعدوى، فمن السهل نسبيا قياس مقدار الفيروسات التي ينتجها- وهو مقدار يعرف باسم” الحمل الفيروسي”.

وذلك لأن الفحص العالمي القياسي لفيروس كورونا هو قياس كمي، وبدلا من أن تكون  نتيجة القياس التي سيحصل عليها فريق التشخيص مجرد نتيجة إيجابية أو سلبية،  سيحصل الفريق  أيضا على عدد( رقم) من صفر إلى 40، يعرف هذا الرقم( العدد) باسم رقم ال ‪Ct‬ أو دورة العتبة ‪threshold cycle‬.

بعكس ما يمكن توقعه حدسيا، كلما قل عدد ال ‪Ct‬، كلما  زاد عدد الفيروسات في عينات المرضى، فأي عدد ‪Ct‬ أقل من 15 يعني مستويات عالية جدا من الفيروس.

في حين أن العينات التي فيها عدد ال ‪Ct‬ أكبر من 35 تحتوي فقط على كميات منخفضة من الفيروس، في غياب البيانات عن جرعات الفيروس المعدية، حاول الباحثون معرفة ما إذا كان الحمل الفيروسي العالي يعني مرضا أكثر سوءا، أشار تقرير صيني إلى أنه لا يوجد فرق بين مقدار جرعة فيروس كورونا الذي يتعرض له الشخص وحدة مرضه.

لكن تقريرا آخر أظهر أن المرضى الذين يعانون من مرض أخف، لديهم مستويات أقل من الفيروس عوامل أخرى لتؤخذ في الإعتبار من المهم أن تضع في اعتبارك أن كمية الفيروس التي يحتاج اليها للإصابة بالعدوى ليست سوى جزاء واحدا من القصة.

كيف يستجيب الجسم للفيروس قد يكون حاسما أيضا، وذلك لأن الاستجابة المناعية للفيروس قد تكون مفيدة وضارة، إذا لم ينشط الجهاز المناعي بشكل كاف، فقد يتناسخ/ يتكاثر الفيروس بشكل أسرع، من ناحية أخرى، إذا كان الجهاز المناعي مفرط النشاط، فقد يتلف الأنسجة السليمة، هناك قائمة طويلة من الحالات الطبية التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بحالات حادة لكوفيد-19، من مرض السكري إلى ارتفاع ضغط الدم.

ولكن ماذا عن عوامل مثل الإنهاك أو الضغط النفسي الشديد؟ نتوقع أن يتعرض العديد من الطاقم الطبي الذين هم في الخطوط الأمامية لضغوط نفسية كبيرة في الأسابيع والأشهر القادمة؛ هل يمكن أن يؤثر ذلك على قابليتهم للإصابة بالعدوى؟

الحرمان من النوم ثبت أنه يؤثر على فرص إصابتك بالفيروس الأنفي ‪rhinovirus‬، المعروف أيضا باسم فيروس نزلات البرد. قام باحثون في بيتسبرغ، بنسلفانيا، بمراقبة أنماط النوم لدى 164 بالغا على مدى أسبوع ثم عرضوهم جميعا للفيروس الأنفي، أولئك الذين ناموا أقل من خمس ساعات في الليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد من أولئك الذين ناموا سبع ساعات أو أكثر.

لا نعلم ما إذا كان من الممكن تطبيق هذه النتائج على فيروس سارس- كوف- 2 ‪SARS-CoV-2‬ ، نظرا لأن فيروس كورونا المستجد يختلف تماما عن الفيروس الأنفي.

ولكن يمكننا التكهن بأن الاستجابات المناعية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يعانون من ضغوط نفسية شديدة لن تكون استجابات مثالية مقارنة بشخص مرتاح بشكل جيد في بيته، قد يكون هذا عاملا إضافيا يفسر لماذا يبدو أن المزيد من موظفي الرعاية الصحية العاملين في الخطوط الأمامية يصابون بكوفيد-19، على الرغم من كل أوجه عدم اليقين هذة.

بالطبع، فمن الضروري للعاملين في مجال الرعاية الصحية تقليل تعريض أنفسهم  للفيروس إلى أقصى حد ممكن، من ارتداء أكبر قدر ممكن من معدات الحماية  إلى ممارسة المسافات الاجتماعية مع الزملاء- كل إجراء يقومون به له أهليته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى