أقلام

إيحاءات قرآنية (١٦)

سيد أمير العلي

إذا غابت فلسفة الحياة الزوجية وغايتها عن الزوجين أو أحدهما، فإنّ صرح الأسرة سيكون مهدّداً بالانهيار وفشل تأسيسه، أو استمراره. وكذلك إذا استبدلت مهمّة الكيان الأسري، وهي تحقيق الاستقرار والاطمئنان النفسي والاجتماعي، بطموحات أخرى واهمة وغير واقعية.

والطمأنينة الأسرية -التي هي القاعدة الأرسخ لتكامل أفرادها- تحتاج في ضمان أفضل صورة لتحقّقها إلى مبدئين عاليين، هما بالتعبير القرآني المودّة والرحمة.

المودّة تعبير عن العلاقة العاطفية التي تظهر آثارها في حديث كلّ من الزوجين مع الآخر، وفي سلوكه معه؛ فالبيت المليء بأجواء المحبّة تتفتّح في أفراده طاقة الانطلاق في الحياة، وتهون في أعينهم صعوباتها.

وإذا كانت المودّة هي روح الأسرة المطمئنّة، فإنّ الرحمة طريق بقائها ونمائها. والمراد منها المرونة في التعامل والتواصل، ومحاولة تفهّم ظروف الآخر وخصائصه واحتياجاته. وهي تقتضي السعي لتغيير الذات والآخر بالمقدار الممكن أحياناً، والتنازل والتأقلم مع طبيعته أحياناً أخرى.

إنّ السعادة الأسرية غاية تستحقّ أن نوليها عناية كبيرة، وأن نجعلها هدفاً لا نتوانى عن الحركة الجادّة للوصول إليه، وهي نعمة إذا استشعرها الإنسان، وتأمّل أسرارها، فسيقف على واحد من أسرار الخلق، ممّا يأخذه إلى تعميق إيمانه ومعرفته بالله. ولذلك اعتبر بعض العرفاء الزواج خطوة من أولى وأهمّ خطوات السير إلى الله تعالى.

 

(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا؛لتَسْكُنُوا إِلَيْهَا،وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً،إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

سورة الروم؛ ٢١.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى