أقلام

احترام الرأي

أمير بوخمسين

حرية الرأي والتعبير، أو ما يطلق عليه حق الكلام والتعبير والنشر، من الحريات الرئيسة في المجتمع، حيث أي تقدم في المجتمع مرتبط بمدى ممارسة هذا الحق ومستواه، والمقولة المأثورة: (إن لم يكن بوسع المرء أن يمتلك لسانه، فإنه لن يكون بوسعه ربما يمتلك أي شيء آخر)، فعندما لا يستطيع أن يتكلم أو يمتلك حرية التعبير لا يستطيع أن يمتلك أي حق آخر. دخلت حرية التعبير في العرف منذ الأيام الأولى من العهد الإسلامي، فالرسول (ص) كان يعوّد أصحابه على مناقشة آرائه وتقاريره، ففي يوم بدر قام بتحديد ميدان المعركة في المكان الذي ظهر له الأنسب لذلك، ولكن أحد أصحابه من الأنصار اقترح مكانا غيره، قد ظهر له أصلح بالنسبة إلى الحاجة الحربية، وحسب الراوي لهذا الحديث فإن الرسول(ص) عدّل رأيه طبقاً لوجهة نظر صاحبه، وقال: (لا يكون أحدكم إمّعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساء الناس أن تجتنبوا إساءتهم). لذلك أقرّ الإسلام هذا الحق وحثّ عليه. يقول د. المهدي المنجرة: (ليس في الإسلام حدود للتعبير عن الرأي، وأتحدى أي عالم كيفما كان أن يعطي تفسيراً واحداً بأن الإسلام قد جاء بحدود للتعبير عن الرأي، فالتعبير عن الرأي مضمون مادام لم يمسّ حق من حقوق إنسان آخر). لذلك لا تملّ آيات الكتاب في الدعوة إلى التفكير وترشيد العقل وتحريضه عن عدم اتباع الأوهام، والسير مع عامة الناس، واتباع الآباء والأجداد، والتأكيد على التدبّر والوعي بما يحيط بنا من قضايا. وعن وسائل ممارسة حق حرية الرأي والتعبير في المجتمع، فهي تتم عبر الطرق السلمية، لا عن طريق العنف والإرهاب، فطرق التعبير تختلف أشكالها من مجتمع إلى آخر، فتارة تتم عبر الوسائل المباشرة الحديث المباشر الصادر من فرد إلى فرد آخر، أو عبر الوسائل غير المباشرة كالوسائل المرئية أو المقروءة أو عبر السوشيال ميديا، وكلها تعد من قنوات الاتصال بالمجتمع، وحتى يتم خلق جو إيجابي ومنفتح لا بد إن يمارس الجميع حقه في الإطار السليم ودون التعدي على حقوق الآخرين. وبالتالي فالطريقة الأمثل في التعامل مع الرأي الآخر هي الطريقة الحسنى، وعدم استخدام العنف والقوة في إجبار الآخر على القبول بالرأي أو محاولة تسخيف وتسقيط الرأي الآخر عبر الاستهزاء والسخرية التي تصل في بعض الأحيان إلى صاحب الرأي بشخصه، وهذا ما يمارسه البعض في المجتمع بأسلوب دكتاتوري لا يقبل الرأي الآخر، فمجرد أن يتم استعراض رأي معين تجد الآخر يتصدى له محاولا إسقاط الرأي والتسخيف من الفكرة وعدم القبول حتى الدخول في النقاش. إن توجيه هذه الحرية في إطارها الصحيح أمر ضروري للمحافظة على الأجواء الإيجابية في المجتمع من أجل خلق جو صحي مليء بالنقاشات الموضوعية والعلمية الهادفة ولا يتم ذلك إلا عبر الطرق التالية:

1- احترام الرأي الآخر واستخدام الأسلوب الحسن في إبداء الرأي
2- الاعتدال والوسطية في الطرح
3- تدريب أنفسنا على الحوار والقبول بالآخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى