أقلام

عتاب الأحبة

سيد أمير العلي

في رسالة “عتاب الأحبّة” أثار سماحة العلامة الشيخ علي الجزيري فكرة، أراني أميل إليها منذ مدّة، وتتلخّص في نقده لما يطرحه بعض الخطباء -ومنهم علماء معروفون- من معالجات وردود على الإشكالات الفكرية -المسمّاة في التعبير الحوزوي بالشبهات- الموجّهة إلى الدين أو الخطاب الديني، بحيث صار هذا اللون من الطرح غالباً على عدد متزايد من المنابر الحسينية..

ونقطة النقد الأساسية تتمثّل في أنّ الشريحة الحاضرة في المجالس الحسينية في غالبيتها العظمى ليست معنية ولا مهتمّة ولا متابعة لهذه المسائل، وهذا يعني خسرانها -وخسران الجهات التبليغية- لفرصة سنوية استثنائية، بإشغال المنبر بهذه الردود عن إيصال مواد تثقيفية وتأصيلية في مواضيع أهمّ وأولى!

المجال الأفضل لمعالجة الإشكالات الفكرية هو في الكتب والندوات والورش التخصصية؛ فإنّ الخطيب مهما كانت قدرته العلمية والبيانية عميقة وعالية فلن يستطيع أن يجيب إجابات وافية عن المسائل الحسّاسة والشائكة، على أنّ المعنيين بهذا المجال لا يمكن أن يقتنعوا بطرح يرونه منطلقاً من ردّات فعل غاضبة تبتعد عن الهدوء، يتمّ تقديمه في أجواء تفاعلية عاطفية، تريد أن تنتصر للعقيدة التي تنتمي إليها، فتقنع بأيّ جواب؛ ما دام يرضي انحيازاتها المسبقة!

ولا يمكنني أن أغفل هنا إعجابي بالقدرات الفكرية والبيانية لبعض خطبائنا الكرام، والذي تكشفه محاضراتهم المنبرية رغم اختصارها وابتسارها واختلاطها بالمؤثرات الخطابية، التي يتطلبها الطرح المنبري، وهذا ما يجعلني أرجو منهم أن يتفرّغوا لمشاريع فكرية جادّة يمكنهم بها أن يضيفوا إلى ساحة الخطاب الديني الكثير، في زمن الإفلاس الفكري الذي نعيشه آسفين!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى