بشائر المجتمع

الشيخ المشاجرة.. استيراد الحرية الجاهزة

آمنه الهاجري: الدمام

أكد الشيخ إسماعيل المشاجرة بمحاضرته الليلة الماضية تحت عنوان “الحسين حراً” حضور الحرية في كل خطوات الإمام الحسين (ع). مبيناً بالشواهد التاريخية امتناعه (عليه السلام) من مبايعة يزيد سراً، فإنسان حر كالحسين لا تكون بيعته إلا جهاراً نهاراً، وقال سماحته أن خروج الحسين من المدينة موقف آخر يعزز ويؤكد أن الحرية كانت مبدأً انطلق منه.

وأوضح الدكتور المشاجرة أن عزمه (ع) على الخروج من مكه بعدما منع من حريته في ممارسة دوره فيها، بعقد الجلسات مع الصحابة، وتبيين منطلقه في رفض البيعة؛ يكشف عن أمرين: رعايته لحرمة بيت الله، والآخر طلبه للحرية التي ينشدها. فلم يقبل (ع) أن يعيش في الخفاء أو تحت الجبر والقسر، ولكن أراد أن يعيش حراً في كل الظروف والأحوال.

وبشواهد عدة بيّن الشيخ المشاجرة أن كل الأجواء التي أحاطت بمشروع الإمام الحسين (ع) كانت قائمة على حرية الاختيار له ولكل من أحاط به، من مشايعيه وأعدائه على السواء، فعندما خطب في أعدائه ليقيم عليهم الحجة طالبهم أن يكونوا أحراراً في تصرفاتهم واختياراتهم.

وعرّج سماحته على المفهوم الغربي للحرية، إذ جعلوها على رأس الأولويات في حياة الإنسان، ووصلوا إلى حد تأليهها. وانتقد إفراطهم في الحريات التي اتخذوها ذريعة، للنيل من المبادئ، وأداة للفتك بالأديان. وصار كلٌّ يسوق لأفكاره المنحرفة تحت مظلة ثقافة حرية الرأي.

وجزم الدكتور بأن كثيرا من مفاهيم الحرية التي يراد لها أن تصل إلى المجتمعات الإسلامية مفاهيم غير حرة، بل قسرنا عليها من حيث لا نشعر. وأشكل بأنهم مارسوا أساليب غير نقية في فرض الحريات على الآخرين بالمفهوم الذي يؤمنون هم به، والصحيح أن حرية كل مجتمع يجب أن تنسجم مع مفاهيمه، وتأتي ووفق سياقها التاريخي.

وبرهن على أن ما أوقع المنظرين العرب (رواد النهضة العربية) في التناقض هو أن الحرية في المجتمع الغربي مرت بمراحل: التأسيس، والاكتمال، والاستقلال، والتقوقع. غير أن المجتمعات الشرقية والعربية استوردت النموذج الغربي للحرية غافلةً عن السياق المرحلي والتاريخي الذي مر به. بل أخذت القالب بسياقاته الجاهزة وزرعته في مجتمع مغاير، وهذا غير صحيح.

وفي سياق الرؤية القرآنية الإسلامية الحسينية للحرية ذكر الشيخ المشاجرة أن الحرية التي جاء بها الإسلام ترتكز على أمرين رئيسين: تحرير الإنسان من عبادة غير الله؛ وتلك العبودية لله ستحرره من عبودية الآخرين. والتحرر من عبادة الأنا والذات والغريزة، فالإنسان حينما يتحرر من غرائزه يحكّم عقله ويصبح حراً مطلقاً.

وقال: “إن عابد أناه يصبح عقله أسيراً لهواه، وما يصدره لنا العالم الغربي كله عبودية للغرائز والشهوات”. وتابع: “الإمام الحسين (ع) أراد أن يدرس أصحابه الحرية التي جاء بها القرآن الكريم، ولم يقبل لهم إلا أن يكونوا أحرارا كـ (الحر الرياحي) فكانت الحرية حاضرة في سلوكهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى