أقلام

لقب (فتى رائد الاعمال)

أمير الصالح

قبل عدة سنوات شاهدت فيلم “ The wolf of wall street “ وقد أثار في ذهني عدة أسئلة لأن خيال المؤلف وصيغة السيناريو تدغدغ مشاعر كل موظف وشاب بأن يفكر في الانطلاق بعالم الأعمال والتجارة،
وأن يتحرر من رق الوظيفة، والانعتاق من سادية رئيسه المباشر المشوّش أو المعقد نفسياً. وحديثاً، أرسل أحد الأصدقاء مقالاً صحافياً بعنوان ” … لماذا أصبح الجميع مهوساً بلقب مؤسس ؟! “.
وكان المقال يتضمن جرعات موضوعية وفكرية في معالجة أسباب الاندفاع الكبير من قبل الشباب نحو مجال ريادة الأعمال،
وتأسيس الأنشطة التجارية المغلفة بتطبيقات الذكاء الصناعي دون أية دراسة معمقة عن ميوله واستعداده النفسي، وعن النشاط الذي سيزاوله، واللوجستيات المتعلقة به.
” وهم الموهبة ” talent Delusion “ كتاب يشخص نفسياً أسباب ودوافع ذلك الاندفاع العظيم نحو ريادة الأعمال لدى الكثير من الشباب. مثل تطبيق حلم الحرية المالية والتمظهر البراق وسحر السفر حول العالم وفانتازيا ريادة الأعمال، وأبهة الاستقبالات والمؤتمرات. بينما الواقع أن رواد الأعمال الحقيقيين يمرون بمصاعب جمة وتحديات كثيرة، ويبذلون من الجهد والوقت والمال الشي الكثير، ليكونوا من القلة القليلة ممن ينجحون ويتألقون ويشار إليهم بالبنان. وأما ما يقارب التسعين بالمائة، ٩٠ ٪؜ في بعض الدول، وفي ظروف ماقبل عصر الكورونا فإنهم يتلاشون.
وإحصائياً لم أقف على ورقة إحصائية متكاملة من مصدر رسمي عن نسبة النجاح في ريادة الأعمال ما بعد زمن جائحة كورونا، إلا أن التقارير العامة من البنك الدولي تشير بانكماش اقتصادي كبير .

المغامرة في عالم ريادة الأعمال إن لم تكن مدروسة بالقدر المعقول وحسب النماذج العلمية المتعارفة وإلا فإنها ستكون مغامرة شبه لهو وعبث وخسارة وحسرة. تؤكد دراسات بحثية نشرها دكتور باحث يُدعى آدم غرانت في كتابه “الأصليون ” أن بيل جيت وستيفن جوبز ولاري بيغ وسيرجي برين وآخرين لم يقفزوا إلى قارب إطلاق شركاتهم الخاصة إلا بعد التأكد من وجود تمويل كامل، وخطوط إنتاج لأعمالهم. وبعضهم ترك وظيفته
والتحق بأعماله الخاصة بعد سنتين من بداية إطلاق مشروعه/هم. ولعل من الجيد أن نشدد بأن المشروع الريادي في الأعمال يحتاج إلى تفرغ ومتابعة وانضباط، وتحديد أهداف قابلة للتحقق، ووجود خبرة كافية، والتهيئة النفسية للضغوط المتعددة وحسن قراءة للدورة الاقتصادية في البلد المقام به المشروع،
والقطاعات الناجحة،
ومزاج الإنفاق المالي الشعبي العام لاقتناء للمنتج أو الخدمة المقدمة.

في ظل ظروف الجائحة الحالية قد يكون من الحكمة بمكان زيادة رقعة الاطلاع على التجارب المحلية والخارجية، والدولية في عالم ريادة الأعمال بشكل خاص
والتجارة بشكل عام.
وهناك عدة مواقع جادة وحريصة على إعطاء الحقائق كما هي متناثرة بين محطات البودكاست والإنترنت واليوتيوب،
والصحف الاقتصادية المتخصصة والمحطات التلفزيونية الفضائية. الكل يعي بأن الكرامة المالية ليست خياراً،
وإنما مصير يجب أن تبذل الجهود لتحصيلها. والبعض يعلم بأن سوق الوظائف أضحى شرس المنافسة، إلا أن سوق ريادة الأعمال لا يقل ضراوة عنه إن لم يكن أكثر ضراوة.
يقول البعض ” إن النجاح مسيرة نيرة وقد يتخللها بعض التعثر، و لا بد من الاستمرار للوصول إلى الدرجات المنشودة من قبل كل شخص ” ، وأنا أشاطرهم ذلك.

المراجع :
١/ مقال ” إباحية ريادة الأعمال ….لماذا أصبح الجميع مهوسا بلقب مؤسس ؟! لمؤلفه عماد أبو الفتوح
٢/ كتاب ” الأصليون” للدكتور آدم غرانت
٣/ موقع بي بي سي الإخباري
٤/ موقع سي إن بي سي الإخباري الاقتصادي
٥/ موقع آر تي التلفزيوني ” لقاء مع … سر النجاح.. مفكر اقتصادي عربي يقدم نصائح للنجاح” بتاريخ ٣٠ اغسطس ٢٠٢٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى