أقلام

درس أمي

عبدالرسول البحراني

لأمي مقولة تربوية كانت ترددها، وكانت بمثابه قاعدة أو فلسفة تربوية تنتهجها في تربيتي وإخوتي.
والمقولة أو القاعدة كانت تقولها بلهجتها الدراجة ( رَبّه سَبِع وعلْمَه سَبِع وفَهْمَه سَبِع ثم ذِبّه في ثَمِ الضبع)
قبل أن أشرح الأسس والمرتكزات التربوية في مقولة أمي حسب معرفتها وخبرتها سأشرح معنى ( ذبه في ثم الضبع) أي اِرمه للحياة، كناية عن الصعوبات التي ستواجهه فيها.
لن أناقش النظريات التربوية والنفسية والفلسفية في تنشئة الفرد فهي بحر زاخر بالنظريات والمعارف، ولكن سأتطرق ببساطة للركائز التي أسست أمي لقاعدتها التربوية في تنشئتها لأبنائها حسب مفهومها وهي ثلاث
:

1. التربية (ربه سبع ) وهي مرحلة الطفولة منذ الولادة وحتى عمر سبع سنوات وفيها يكتسب الطفل مهارات كثيرة من والديه ومحيط عائلته الأقرب، وهنا يتمحور دور القدوة في تربية الطفل وسلوكه. وغالباً ما يكون الأبوان يمثلانها. وهي مرحلة تستلزم ملاحظة دقيقة حيث أن ما يكتسبه الطفل في هذه المرحلة التأسيسية يبقى محفوراً في عقل الطفل ونفسه، لذا تكون الرقابة في هذه المرحلة في أعلى مستوياتها والتركيز فيها على إكساب الطفل مهارات بسيطة وغالباً ما تكون مصحوبة بكثير من العطف بما يتناسب مع هذه المرحلة.
2. ‏التعليم (علمه سبع) وهي مرحلة ما بين الطفولة والمراهقة، التي يكتسب فيها الفرد مهارات من دائرة أوسع من دائرة العائلة وتشمل المدرسة والأقران والمجتمع. وهذه المرحلة غالباً ما تتسم بالصرامة والحزم نوعاً ما، ويتركز فيها غرس المفاهيم الرئيسة المتوارثة وأكثر ما تكون دينية وأخلاقية وسلوكية.
3. ‏التدريب (فهمه سبع). مرحلة الشباب في فلسفة أمي التربوية هي مرحلة أخيرة قبل أن تترك لنا تحديد شخصياتنا وتأطيرها، وهي مرحلة التدريب والتهيئة بالتجريب. وغالباً ما تكون هي المرحلة الجامعية، وتتسم غالباً بمساحة أكبر من الحرية ورقابة أقل.
كانت هذه ركائز قاعدة أمي التربوية دون التوسع في النظريات والعوامل المؤثرة في تربية وتشكيل شخصيات أبنائها. وهذا بمشاركة والدي رحمه الله الذي ترك مجالاً واسعاً لأمي لتنشئتنا حسب فلسفتها لقناعته بها.
ولنقيم هذه التجربة والفلسفة على بساطتها سنجد مخرجاتها 9 أبناء وبنات جامعيين، واحد منهم أنهى الماجستير . علماً بأن أبي رحمه الله لا يقرأ ولا يكتب سوى الأرقام بشكل مبسط وأمي -متعنا الله بوجودها- لا تقرأ ولا تكتب.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. احسنت واحسنت والدتك فهي استندت على نهج أئمتنا الطاهرين فعن الصادق (عليه السلام) قال: دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبعا وألزمه نفسك سبع سنين، فإن فلح وإلا فلا خير فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى