أقلام

الإنسان .. بين الرحيل والمبادرة

الشيخ صالح آل إبراهيم

وقفة في الفكر والاجتماع (١٨)

إن وجود الإنسان مؤقت في هذه الحياة، فمهما امتد به العمر فلابد أن يطوي الموت صفحته، و من يتأمل تراجع قواه المختلفة، ويتابع مسلسل الموت الذي يختطف من حوله، يدرك حقيقة الرحيل الوشيك الذي لا مفر منه، قال الإمام علي (ع): “واعلم أنك طريد الموت الذي لا ينجو هاربه، ولا يفوته طالبه ” . و مشكلة الإنسان مع الموت أنه يأتي بغته بدون مقدمات ولا سابق إنذار.قال الإمام علي (ع): “قَصِّرُوا اَلْأَمَلَ وَ بَادِرُوا اَلْعَمَلَ وَ خَافُوا بَغْتَةَ اَلْأَجَلِ “.
وحينما نعمل مسحًا ميدانيًا خلال الأشهر الماضية، فسنرى كم من شاب نعرفه في عنفوانه، يعقد الآمال، ويرسم الأحلام، ويخطط للمستقبل أنهى الموت حياته في غمضة عين، ففجع أهله وعارفيه على حين غرة، وكم من الأحبة “خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الامراض وخاصة هذا الوباء (كورونا)”رحلوا عنا سريعًا فكانوا كطيف قد مر بنا .

وإن استحضار هذه السنة الإلهية الحتمية، وعدم الغفلة عنها يدعونا للمبادرة لأمرين مهمين: أولهما إصلاح النفس، وتعجيل التوبة، وتأدية الفرائض والواجبات، والنظر فيما قدمنا من عمل صالح لغد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ ما قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾، و ثانيهما الحرص على تأدية حقوق من حولنا من “والدين، وأولاد، وأزواج “وغيرهم، والعمل على إبراء ذممنا من ظلامات وتبعات وحقوق الناس، إذ أنها من أشد عقبات يوم القيامة، فقد يعفو ربنا تعالى برحمته، ولكنه لا يتجاوز عن حقوق الناس، وظلاماتهم حتى يتجاوزوا عنها . عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرصادِ﴾ قال: ( قنطرة على الصراط، لا يجوزها عبد بمظلمة ).

فرد المظالم، وتأدية الحقوق من أخطر الأمور التي لا ينبغي الغفلة عنها، و التساهل بها، فلا يدري الواحد منا متى يا ترى يصيبه سهم المنون، وعندها يصيح ربي ارجعون .. وهل من رجعة عندها ..!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى