أقلام

الشيخ عبدالله حسن السمين: العنبر

عبدالله البحراني

الشيخ عبدالله بن حسن السمين. تمثلت فية العفة والنزاهة, حتى لُقِّب (بالعنبر)لصلاحه وسمعته العطرة. ومن ذريته, الشيخ عبدالله السمين العنبر (أبو يحي)

تعريف بشخصيته:

الشيخ عبدالله حسن بن علي السمين، ينتسب لأسرة (آل علي بن عبدالله)، والتي يتفرع منها عدة عوائل (آل موسى، السمين، الصاغة، والعبدالوهاب). من مواليد عام 1332هجري. ويسميه البعض (أبا ذر الحي) لزهده وصلاحه. عمل في بداية حياته في الصياغة, ثم في الخياطة, وفي شركة ارامكو لأكثر من عشـر سنوات. وكانت له مساهمة فاعلة في إخماد حريق أثناء عمله بأرامكو. وتخليداً لشجاعته ومساهمته عُلقت صورته لسنوات في مطار الظهران. وهذا موضوع مشاع في المجتمع. وفي السنوات الأخير, قرر عدم مواصلة العمل لدى الشركة وعاد إلى العمل في الصياغةوطلب العلم.

بداياته في طلب العلم

وبعد عودة سماحة الشيخ صالح بن ملا محمد السلطان من العراق عام 1381 /1382هجري، احتضن كوكبة من الراغبين في دراسة العلوم الدينية. ومن الذين توسم فيهم الخير والصلاح. وكانت أول حلقة للشيخ السلطان في الأحساء. وهم: الشيخ عبد الكريم علي البحراني، الشيخ عبدالله حسن السمين، الشيخ محمد بن محمد المهنا، والشيخ أحمد بن ملا محمد العمام.وكانوا يحضـرون دروس الشيخ صالح في بيته في المساء، ويتابعون أعمالهمالمعاشية في النهار. وهذا مؤشراً على الرغبة الصادقة والطموح من قبل تلك الثلة. وفي مرحلة لاحقة، التحق بهم مجموعة آخرى. ومنهم: الشيخ عبدعلي حسن الناصر، السيد هاشم السيد محمد الحسن، والحاج حسين عبدالله البوناصر.

وبهذه, يكون الشيخ صالح السلطان (رضوان الله عليه) قد كسر العرف السائدفي ذلك الزمان. ففي المنطقة, كانت هناك شبة قاعدة (بأنه لا يتمكن صاحب المهنة أو الحرفة الجمع بين عمله وطلب العلوم الدينية). وكان طلب العلم محصورٌ في بيوت علمية معينة في المنطقة. وبهذا الخطوة الشجاعة, فقد حرك الشيخ السطان المياة الراكدة. وتبنى ثلة من الشباب كانت لديهم الطاقة والرغبة لنفع المجتمع.

مبادراته الإجتماعية

وفي حياة الشيخ (العنبر) صفحات مشرقة. ولكن, سوف اتوقف اليوم مع نشاطه الاجتماعي. وإحدى سماته البازة (روح المبادرة). فعندما يلاحظ (أو يسمع) عن عمل لا يتفق مع الدين، أو فيه تعدى على حقوق الآخرين، فغالبا ما يتدخل. ويطرح الحلول العملية لتلك القضية (حسب امكانياته).

المشهد الأول

كانت علب اللبن والحليب في الماضي، مصنوعة من مادة الورق المقوى (الكرتون).مصنع المطرود للأبان كان من المصانع الرائدة في هذا المحال. وعلى العلبة كتبأسم صاحب المصنع (عبدالله المطرود). وللحفاظ على أسم الجلالة, فقد كان الشيخ العنبر يقوم بَجمعِ العلب المستخدمة والمرمية في السكك والطرقات, ويقوم برميها في جليب (بئر ماء) مهجور في بيتهم. ولكنه، رأى بأن هذه الطريقة لن تحل المشكلة من جذورها. عندها, بادر بالذهاب إلى مدينة سيهات يرافقه الحاج المرحوم علي البوعايش الناصر. وقابلوا الحاج عبدالله بن سلمان المطرود (صاحب المصنع).وتحدثوا معه بما يترتب على وضع أسم الجلالة على علب الألبان. وقد تفاعل الحاج المطرود مع هذا المسعى في الحال. وهذه لفتة جميلة من تلك الثلة من الرجال.

المشهد الثاني

وينقل, بأنه شاهدَ أحد الباعة في (براحة القوارة), كان يبيع أدوات الزينة النسائية ومنها طلاء الأظافر (المناكير). ولم يكن يُعرَف في ذلك الزمان (بعد) مزيل طلاء الأظافر. وهنا، سأل الشيخ العنبر ذلك البائع (بتودُّد): هل تعرف أن هذا الطلاء يمنع وصول الماء إلى الأظافر, وعليه فإن الوضوء للصلاة غير صحيح ؟

فأجاب البائع: ولكني دفعت أموالاً في هذه البضاعة

فما كان من الشيخ العنبر، إلا أن دفع للبائع قيمة البضاعة من جيبه الخاصِّ. وأخذا تلك العلب وأتلفها. وطلب من البائع عدم بيع مثل هذه البضاعة. وما نقراءه من هذا الموقف، ذلك المستوى العالي من الشعور بالمسؤولية ولهمة العالية.

المشهد الثالث

تمرس في الخطابة على الخطيب الحسيني الكبير الملا ناصر بن حسين النمر، ولدىالشيخ الملا داوود الكعبي. وكانت موعظته مؤثرة في القلوب لأنه من الصادقين. ويقال أنه في أحد الأيام، وبعد القراءة الحسينية. استوقفته إحدى نساء الحي وفي مقام والدته. وقالت له، يا شيخ (اليوم لم نتسمع). لأنك أطلت الكلام في مسائل الوضوء والصلاة والطهارة.

فقال لها (رحمه الله)، ولكن يا أماة، وهل قاتل الحسين (عليه السلام) وقُتلَ، إلا من أجل الصلاة! وكذلك ينقل أنه اذا سَمعَ الأذان، يقول: (هنيئا لمن وفق). أي لأدئها في المساجد. وكان قد أقام صلاة الجماعة في مسجد المهنا لفترة من الزمن.

نهاية المطاف

ورحمه الله على الشيخ عبدالله بن حسن السمين (العنبر), غادرنا ولكنه ترك سمعة طيبة وذكر حسن. وشخصياً فأني, أحرصُ على زيارة قبره كلما أتيحت لي فرصة. وفي عام 1436 هجري، رثاه سماحة السيد عبد الأمير بن السيد ناصر السلمانبأبياتٍ. يقول فيها.:

إختار التقى خير زاد في مسيرته /// وسار يرسم في ميدانه الحكما

تخاله كان سلماناً بسيرته /// في مفرقيه وسام الزهد قد رسما

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. وهذه أبيات, في رثاء سماحة التقي الورع
    الشيخ عبد الله بن حسن السمين رحمه الله بمناسبة مرور أربعين عاما على وفاته.
    ************************
    إني حسبتك سلماناً وقفتَ هنا **** لتقتفي من هم غابوا ومن سلفوا
    أرى الوقارَ شعاراً يا فقيدُ وذي *** مهابهُ السلفِ الأخيارِ إذ تقفُ
    وذا التقى خيرُ زادٍ كنت تحمله *** مدى الحياةِ ونهجٌ كله شرفُ
    وكنتَ تعملُ للأخرى على مهلٍ *** ولم يكنْ لك يوماً في الدنا هدفُ

    عبد الأمير السيد ناصر السلمان 26/8/1441

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى