بشائر المجتمع

الموسى: نعيش زمن استئساد الزوجة على زوجها

مالك هادي: الأحساء

تحت عنوان “عدمُ التناهِي عنِ المنكرِ” تحدث سماحة الشيخ عباس الموسى إمام مسجد الإمام الكاظم عليه السلام ببلدة الحوطة في الأحساء.
فأكد سماحته على أن التناهِي عنِ المنكرِ واجبٌ، وهوَ التفاعُلُ في حقلِ المنكرِ نهيًا وانتهاءً منَ الجانبينِ، فقال: فواجبُ المؤمنينَ خَلقُ جوِّ التآمُرِ بالمعروفِ والتناهِي عنِ المنكرِ بصورةٍ جماعيةٍ حاسمةٍ، فالتفاعُلُ الإيجابيُّ في المعروفِ والتفاعلُ السلبيُّ في المنكرِ، هما فرضانِ جماعيَّانِ على المؤمنين على أيةِ حالٍ، فعليهِمْ أنْ يُراقِبوا إخوانَهُمْ كما يراقبونَ أنفسَهُمْ، وتركُهُما ولا سيما التناهِي يستجِرُّ لعنةَ اللهِ ورُسُلَهُ، حيثُ يُترَكُ بتركِهِما القرآنُ.

كما حذر الموسى من انهيارُ المجتمعِ بسبب عدمِ التزامِ كلِّ فردٍ بواجِبِهِ، وبالتالي عصيانُ اللَّهِ فيما يخصُّ نفسَهُ (كتركِ الصلاةِ، والكذبِ)، ثمَّ يتطورُ إلى الاعتداءِ على حقوقِ الآخرينَ، ثمَّ يتطورُ إلى اللامبالاةِ بالقيمِ، وينتهِي بتشرذُمِ المجتمعِ وتعدُّدِ الولاءاتِ فيهِ، خصوصًا الولاءاتِ الأجنبيةَ.

وعن المناعةُ المجتمعيةُ وكيفيةُ تحقُّقِها قال الشيخ الموسى: لأنَّنا في زمنِ كورونا؛ كثيرًا ما يتحدثُ بعضُهُمْ عنْ أهميةِ حصولِ المناعةِ لَدَى كلِّ فردٍ، سواءٌ مِنَ الجهاتِ المختصةِ أوْ مِنْ أهلِ التخصصِ مِنَ الأطباءِ، أوْ مِنْ عمومِ الناسِ الحريصينَ على سلامةِ المجتمع. ويتحدثُ أهلُ الاختصاصِ بأنَّ المناعةَ مِنْ هذا الفيروسِ تتحققُ أولًا بأخذِ اللَّقاحِ مِنْ كلِّ فردٍ مِنْ أفرادِ المجتمعِ، وإذا ما التزَمَ جميعُ المجتمعِ بأخذِ اللَّقاحِ فربَّما تحصلُ مناعةٌ جماعيةٌ، يكونُ لهذِهِ المناعةِ دورٌ في المحافظةِ على سلامةِ المجتمعِ الجسديةِ، وحمايةِ المجتمعِ بشكلٍ عامٍّ مِنَ المرضِ، بما في ذلكَ الأشخاصُ الذينَ لا يمكنُ تطعيمُهُمْ، مثلُ الأطفالِ أوْ مَنْ لديهِمْ جهازٌ مناعيٌّ ضعيفٌ.
وأيضًا يتحدثونَ عنْ بعضِ العوامِلِ المساعِدةِ على المناعةِ الجماعيةِ والتَّي تُذكرُ بعنوانِ الاحترازاتِ، فتجنُّبُ المخالطةِ ضروريٌّ خصوصًا معَ المرضَى ومَنْ لديهِمْ أعراضٌ، والحفاظُ على التباعُدِ بينَ الناسِ، وارتداءُ الكمامةِ بشكلٍ مستمرٍّ ما دامَ الإنسانُ في الخارجِ في العملِ وفي الشارعِ وفي المراكزِ التجاريةِ، وغيرُ ذلكَ مِنَ الاحترازاتِ بغرضِ تجنيبِ المجتمعِ المرضَ.
وهذا الكلامُ يدركُهُ كلُّ عاقلٍ وشريفٍ، فإذا كنَّا نخافُ على أجسادنا وعلى صحتِنا، فهلْ نخافُ على أخلاقِنا؟ وهلْ نخافُ على فكرِنا؟ وهلْ نخافُ على روحِنا؟ وهلْ نخافُ أنْ ننحرِفَ عنِ الجادةِ الحقِّ، أوْ أنَّ الخوفَ مقتصرٌ على المرضِ، وعلى الجسدِ دونَ غيرِهِ منَ الأمورِ؟.

وأجاب سماحته بأن هناك مقارباتٌ في تحققِ المناعةِ المجتمعيةِ وضرورةِ النظرةِ بنفسِ الصورةِ تجاهَ القضايا الصحيةِ والأخلاقيةِ وغيرِها في المجتمعِ، وجاء ذلكَ في نقاطٍ:
أولًا: النَّصبُ والاحتيالُ الماليُّ في المجتمعِ، وهذَا مِنَ الأمراضِ الأخلاقيةِ التي لو انتشرَتْ في المجتمعِ فخطرُها كبيرٌ، والمؤلمُ أنَّ ذلكَ مِنَ الشبابِ، عاطلونَ عنِ العملِ، بلْ لا يريدونَ العملَ، ويريدونَ أنْ يقتاتُوا على الآخرينَ، إنَّ دورَ المجتمعِ أنْ يحقِّقَ المناعةَ في ذلكَ، مِنْ خلالِ الوعيِ والحذرِ وتمييزِ الحاجةِ الحقيقيةِ عنِ الاحتيالِ، فرُبَّما أصحابُ المخدِّراتِ يخدعونَ الناسَ بأنهمْ أصحابُ حاجةٍ، ويستعملونَ ذلكَ في شراءِ المخدِّراتِ، وربَّما تصادفُ مَنْ يدَّعِي مساعدةَ الفقراءِ والمحتاجينَ، ثمَّ يقومُ هوَ بالاستيلاءِ على الأموالِ، وربَّما ترى مَنْ يتحركُ بِاسمِ الدينِ والنشاطاتِ الاجتماعيةِ، ثمَّ يستولِي على ما يجنيهِ مِنْ ذلكَ!
وطرح الشيخ الموسى عدة علاجات مِنها: ضرورةُ معرفةِ أصحابِ الحاجةِ وليكُنْ ذلكَ بالتعاونِ معَ الجمعيةِ مثلًا، أو معَ رجالِ الدينِ أوْ أصحابِ التخصُّصِ في ذلكَ، ولا تُقدِّمِ المساعدةَ سريعًا بمجردِ طلبِها منكَ، ومِنها: أنَّ أصحابَ الحاجةِ في العادَةِ يتعففونَ عنِ السؤالِ والسؤالِ المتكررِ، فعلينا أنْ ننظرَ إلى هؤلاءِ، وعلينا أنْ لا نتفاعلَ معَ سؤالِ الشبابِ ولوْ بالتأنِّي والسؤالِ عنْ أحوالِهِ وظروفِهِ الواقعيةِ مِنَ القريبينَ منهُ، ومِنها: أنْ نوجِّهَ المساعدةَ للمحتاجينَ مِنْ داخلِ العائلةِ فحالُهُمْ معلومٌ لَدَى المقربينَ غالبًا.

ثانيًا: استئسادُ المرأةِ على الرجلِ، وربَّما ذلكَ بسببِ بعضِ القوانينِ الوضعيةِ، وغرضِي بيانُ بعضِ المشاكِلِ الناتجةِ مِنْ عدمِ الوعيِ، فعندَما تفكرُ المرأةُ أنْ تخرُجَ أوْ تسافِرَ بدونِ إذنِ زوجِها مثلًا، أوْ عندَما تشعُرُ بأنَّ أباها أوْ زوجَها لا يستطيعُ أنْ يمنعَها مِنْ شيءٍ ولا حتَّى يشتكِي عليها، فإنَّ ذلكَ مدعاةٌ لأنْ تستأسِدَ، في بعضِ الحالاتِ عندَما ترغبُ في وظيفةٍ فلا تنظُرُ إلى الرجلِ ولا إلى التوافُقِ بينهُما فإنَّها تستأسِدُ، وربَّما لا تفكرُ النساءُ إلَّا في حقوقِهِنَّ القانونيةِ والشرعيةِ دونَ الالتفاتِ إلى حقوقِ الزوجِ، ولوْ وقفْنَ وقفةً جادةً وعُقلائيةً لاكتشفْنَ أنَّ الأمورَ لا تنضبطُ إلَّا بالأمورِ الشرعيةِ، ومعَ الفعلِ فعلٌ، فمثلًا عندَما تصرُّ الزوجةُ على الوظيفةِ، ولا تقبلُ المعيشةَ معَ الزوجِ بدونِها، بلْ ربَّما تتخلَّى عنِ الزوجِ ولا تتخلَّى عن الوظيفةِ، فهلْ إذا قبلَ الزوجُ بوظيفتِها، تقبلُ هيَ بأنْ يتزوجَ بأُخرى مثلًا؟ فمنْ حقِّهِ أنْ يُعدِّدَ الزوجاتِ شرعًا.
هلْ تنقلِبُ الموازينُ، ويكونُ الرجلُ في المنزلِ، مربيًا ومنظِّفًا وطاهيًا، ومرتِّبًا لكلِّ شيءٍ في المنزلِ، وتكونُ المرأةُ في العملِ وتتركُ تربيةَ الأولادِ والعنايةِ بالمنزلِ؟! في بعضِ المواقِفِ الاجتماعيةِ حصلَتِ المرأةُ على الوظيفةِ في مكانٍ بعيدٍ فتركَتِ الزوجَ والأطفالَ لوحدِهِمْ وذهبَتْ، فهلْ هذا الفعلُ منطقيٌّ، وأينَ حنانُ الأمومةِ، وهلْ إذا وصلَ الأمرُ إلى الطلاقِ ستتخلَّى عنِ الأولادِ أوْ ستطالِبُ بهمْ، وإذا كانَتْ ستطالِبُ فلماذا ذهبَتْ للوظيفةِ وتركَتْهُمْ؟!
إذا كانَ مِنْ حقِّ الزوجةِ أنْ تكتُبَ في عقدِ الزواجِ شروطًا كإكمالِ الدراسةِ والوظيفةِ، وليسَ أمامَ الزوجِ إلَّا أنْ يقبَلَ، فهلْ مِنْ حقِّهِ –ولَهُ الحقُّ الشرعيُّ– أنْ يكتُبَ في العقدِ أنْ يتزوجَ مثنى وثلاثَ ورباعَ دونَ أنْ ترفُضَ ولا تنزعِجَ الزوجةُ، ولا تحدُثُ أيُّ مشكلةٍ، بل تقبلَ بكلِّ أريحيةٍ بشرطهِ كما يقبلُ شروطَها؟ كلُّنا يسمعُ أوْ يقرأُ أوُ يعايشُ حالاتِ الطلاقِ، ولعلَّنا ندركُ أنَّ مِنْ أهمِّ أسبابِهِ في هذهِ الأيامِ استئسادُ المرأةِ، -ولا أُنَزِّهُ الرجُلَ- لكنَّ المشكلةَ أنَّ بعضَ النساءِ يَعِشْنَ سنواتٍ معَ أزواجِهِنَّ وبمجردِ أنْ تصطدِمَ معهُ في مشكلةٍ وترى أنَّ بعضَ القوانينِ تتوافَقُ معَ فكرِها سرعانَ ما تتخلَّى عنِ الحياةِ الزوجيةِ.

ثالثًا: المناعةُ ضدَّ الحديثِ عنِ الآخرينَ، وهذا مِنَ الأمراضِ المزمنةِ التي تحصلُ بينَ عمومِ الناسِ، والسؤالُ: لماذا تسمحُ للآخرينَ أنْ ينقلُوا الكلامَ لكَ عنْ آخرينَ، بغيبةٍ أوْ نميمةٍ، أليسَتْ هذهِ التي دمَّرَتْ بينَ الأحبابِ والجيرانِ، أليسَ ذلكَ مما فرَّقَ بينَ الإخوانِ، أليسَ في ذلكَ هتكٌ لأمورٍ سترَها اللهُ، وما الحلُّ لتكوينِ مناعةٍ مجتمعيةٍ في ذلكَ؟
بكلِّ بساطةٍ: الرفضُ وعدمُ قبولِكَ للاستماعِ للحديثِ عنِ الآخرينَ، إمَّا أنْ تمنَعَ الذي يتحدثُ ليسكُتَ، أوْ تمتنِعَ مِنَ الجلوسِ معهُ، ولوْ تحركَ الأفرادُ بِهذا الاتجاهِ تجاهَ بعضهِمْ، ربَّما لامتَنَعَ وخجلَ أهلُ الثرثرةِ وأهلُ النفاقِ، والنمامونَ مَنْ يُحدثونَ البلبلةَ بينَ الناسِ.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى