أقلام

جوهر عيد الأضحى وفرحته

خليفه علي حسين الغانم

حياتنا كدفتر من الحجم الكبير
متعدد الأوراق المليئة بالقصص والعبر ، وبالمواقف والتجارب حلوها ومرها .
هناك أوراق دوما تذكرك بأشخاص تحبهم ويحبونك ، وأوراق تذكرك بأشخاص عشت معهم تشتاق لهم ويشتقون لك ،
و أوراق تذكرك بأشخاص تتمنى أن لا تفارقهم ولا يفارقونك ، وأوراق الندم تجلب لك الهم والكدر ، هكذا هي حياتنا ما بين ألم و فرح .
عيد الأضحى المبارك يحتل أوراق عديدة في دفتر ذكريات كل منا حسب عمره الزمني والعقلي وجميع هذه الدفاتر لا تخلو أوراقها من ذكريات مظاهر فرحة العيد وتجلياتها .
سؤال ملح حسب اطلاعي وملاحظاتي أن جوابه مازال معطل رغم محاولات البحث عن الإجابة عليه في الندوات الثقافية العامة والخاصة منها ، والمؤتمرات الدولية ، وفي الغرف الدراسية ، وعلى أرفف المكتبات اليدوية أو حتى الرقمية منها على الإنترنت والسؤال هو :
هل أعياد عيد الأضحى المتعاقبة أتت بثمارها على الفرد المسلم خاصة وعلى بني الإنسان عامة كما نردد في كتبنا وعلى ألسنة الخطباء منا والمعنيين والمهتمين بالساحة الدينية والثقافية والمجتمعية بإن عيد الأضحى فضيلة زاخرة بالمناقب يحمل بين طياته معاني سامية ومن ضمنها أن شعائر الحج التي تسبق عيد الأضحى ويوم العيد تجسد المحبة ، والإلفة ، والمساواة ، والعدل ، وتكافؤ الفرص ، وتحكيم العقل ، المشاركة في اتخاذ القرارات ، وقبول المختلف معنا لنحاوره في رأيه وأفكاره دون أن يلحقه منا أية أذى جسمي أولفظي أو تمييز مذهبي أو طائفي … أم أننا نجد فجوة كبيرة بين هذا التنظير والسلوك القائم بين ظهرانينا ؟
وإذا كان كذلك لماذا مر علينا أكثر من ١٤٠٠ سنة ولم نفلح بتصحيح هذا المسار السلبي والخطأ ؟ وما هي الموانع التي جعلتنا لاننجح في ردم هذه الفجوة بين النظرية والسلوك ؟ هل الخلل يعود في تفسير النصوص والنظريات ، أو يكون الخلل في التربية والتعليم والقائمين عليها ، أو يكمن الخلل في عدم ممارستنا لعملية التقويم فيما مضى وما هو قائم ؛ مما يجعل أعيادنا تتكرر دون ردم هذه الفجوة أو على الأقل تجسيرها لكي تتطور أحوالنا نحو الأفضل على أرض الواقع ، والتقويم هام وفوائده جمة ويمثل أعلى مرتبة في السلم الإنساني المعرفي ؟
في مثل هذه المناسبة العظيمة على مشاعرنا كمسلمين لا أحبذ أن أقلب وأفتح مواجعنا وأتوسع في ضرب أمثلة وتجارب قاسية بل دامية مرت بها الأمة الإسلامية قديما وحديثا تؤكد أن النظريات الإسلامية في واد وروادها في واد آخر وكأن النصوص والحقائق يتعذر تطبيقها على بني الإنسان ، وهذا التوجه مردود عليه شرعا ومنطقا مع أنه لايقلل من شناعة ومرارة الممارسات البشعة والمنسوبة إلى من هم في حظيرة الإسلام الذين يحتفلون بالعيد سنويا مظهرا ولا يلامسون جوهره الذي أراده الله ومارسه نبي الرحمة محمد بن عبدالله الهاشمي القرشي عليه وعلى آله الطيبين أفضل الصلاة والسلام .
سأترك المجال لكل منا يرجع إلى دفتر ذكرياته لعله يجد فرضيات غفلت عن ذكرها أو تجنبتها لعدم الإطالة عليكم .
إنما طرقت هذا الموضوع من باب تلاقح الأفكار فيما بيننا على أن نعيش لب المناسبة وليس ملامسة قشورها فقط وفقط التي تتلاشى مع انصرام أيام الحج والعيد ونبقى كما كنا نتصارع بين غالب ومغلوب وهادر ومهدور .
بينما شعائر الله ملاذ آمن في الدنيا ( كسلوك أو نظام أو منهج يعيشه الناس معززين مكرمين ) وفي الآخرة ( الحصول على ثواب إقامة شعائر الحج وهي جنات النعيم ) لهذا لايمكن الفصل بين فوائدها الدنيوية والأخروية كما في قول الله تعالى :-
( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) سورة الحج آية ٣٢
أعزائي الكرام أزف إليكم معايدتي القلبية لعيد الأضحى عام ١٤٤٢ الموافق ٢٠٢١ كل عام أنتم ومحبيكم بوافر الصحة والسلامة محتفلين مبتسمين جميعا بجوهر العيد وفرحته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى