أقلام

التعامل مع المغرور

صالح المرهون

هناك تعاملان: التعامل مع الآخر المغرور، وتعامل المغرور مع نفسه، أما الأول فهناك تعامل واحد لاغير، وهو يضرب في صميم غروره فيحتقر، وهذا التعامل وهو الأنسب، بل الصحيح الوحيد لكل من يتظاهر بما ليس عنده، أو بما عنده غرورًا.
أما تعامل المغرور مع نفسه، أي: علاج نفسه، فالغرور والعجب بالنفس تقريبًا من واد واحد، إلا أن الأول يظهر للناس وله علاقة أكبر مع الآخرين، والثاني غالبًا ما يكون الإنسان فيه مع نفسه، وإن كانت آثاره تظهر في تفاعله وتصرفاته مع الآخرين.
وهناك الكثير من هذا النوع حتى في مجال الثقافة والكتابة، ولا سيما بعض الكتاب المتصف بالغرور والتكبر، فيرى نفسه الأفضل، ولا يرغب في أن يكتب على الساحة إلا هو، أو أن يجد أحدًا من الكتاب يتفوق عليه، ولهذا يتهم الآخرين بالسرقة، بل بسرقة جهود الآخرين وهذا مرض والعياذ بالله،
فإذا كان الغرور مرضًا وتحقير النفس أيضًا مرضًا، فالتواضع الاختياري يكشف عن نفس صحيحة وسليمة، والتواضع صفة سلوكية يتصف بها الإنسان تؤخذ كانطباع لأفعال ذلك الإنسان الذي قلبه ونفسه صحيحة وسليمة عند مخالطة الآخرين ضمن نطاق المجتمع،أما تعامل المغرور مع نفسه، فالغرور والعجب يكشفان عن نفس مريضة، ولذلك يتهم الآخرين بسرقة جهود غيره، ولا يرى نفسه إلا هو الأقدر والأجدر، ويرى غيره غير قادر على صياغة جملة واحدة، لا لغويًا ولا أملائيًا.
أما أسباب هذا التواضع، فأننا إذا علمنا أن السلوك والفعل الإنساني هما ناتج معادلة في نفس ذلك الإنسان، وعلمنا أيضًا أن هذه المعادلة لها متغيرات مطلقة،
لاستنتجنا أن التواضع أو الغرور له أسباب مطلقة، فقد يكون الإنسان عاصيًا ومتواضعًا، بل المغرور من الممكن أن يتظاهر بالإيمان، ولكن مغرور مع الآخرين ونجد أن تعامله وصفاته غروريًا.
فالإنسان جبله الله على حب الرقي وحب الكمال والأنتقال بالنفس إلى أفضل الأوضاع ذاتيًا واجتماعيًا، والإنسان في بعض الأحيان يغلب عليه الشيطان ويضعف دور عقله ومصداقيته ويجعله الغرور يصور نفسه بأكبر من صورتها، ويرى نفسه هو الأفضل والأجدر وهو الأصح وغيره لم يستطيع كتابة حتى سطر واحد لا أملائيا ولا لغويا، وهذا غرور وتكبر على الآخرين، والغرور والتكبر حرام، كما أن تحقير النفس يقتضي عدم الثقة برحمة الله وإهانة وأذى النفس، وهذا أيضًا حرام، لذلك أمر التزكية متروك إلى الله وعلى العبد العمل، وليس التشكيك بالآخرين واتهامهم بالباطل.
فالغرور مرض نفسي يصاب به الإنسان إذا عجز عن الارتقاء بنفسه بالطرق المشروعة، بمعنى أن الإنسان يحتاج أن يكون عظيمًا في نفسه، والطرق المؤدية إلى ذلك منها واقعي أخلاقي، ومنها ماهو واقعي وغير أخلاقي، ومنها ماهو غير واقعي وغير أخلاقي،
اللهم اجبل أنفسنا على حب الرقي وحب الكمال والانتقال بالنفس إلى أفضل الأوضاع ذاتيًا واجتماعيًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى