أقلام

ضرر الخلافات الزوجية على الأطفال يقل لو تعامل معها الأب بطريقة بناءة

المترجم: عدنان احمد الحاجي

الخلافات الزوجية تعتبر مشكلة لا مفر منها في جميع العلاقات الزوجية. عندما تندلع هذه المشكلات في العائلات التي لديها أطفال، قد يصب الأزواج المتوترون أو الغاضبون جام غضبهم على أطفالهم [المترجم: ما يُعرف بـ الإزاحة(1)] أو ينسحبون انسحابًا عاطفيًا [كبت المشاعر وقطع العلاقة مع اشخاص يمكن أن يمدوا يد المساعدة(2)] أو ماديًا [الترك]. في أسوأ الحالات، قد يتضرر نمو الأطفال الاجتماعي العاطفي(3). لكن الأسلوب التي يتعامل به أولياء الأمور (الأب والآم أو أحدهما) ، وخاصة الآباء، مع الخلافات الزوجية يمكن أن تحدث فرقا لدى الأطفال، وفقا لدراسة جديدة(4).

“في الماضي، كانت الخلافات الزوجية تعتبر دائمًا شيئًا سلبيًا فيما يتعلق بالجوانب المختلفة لنمو الطفل. ولكن ما هو أكثر أهمية من الخلاف هو كيف يتعامل الناس معه. وقد تناولت دراستنا بالبحث فيما إذا كان الحل البناء للخلافات يمكن أن يخفف بعضًا من مشكلات التأثير السلبي للخلافات الزوجية في الممارسات التربوية(5)”،” كما قالت المؤلف الرئيس كيوجي قونغ Qiujie Gong، طالبة الدكتوراه في قسم التنمية البشرية والدراسات الأسرية (HDFS) في كلية العلوم الزراعية والاستهلاكية والبيئية في جامعة إلينوي.

أثبتت بعض الدراسات أن العلاقات بين الأب والطفل قد تتأثر بالخلافات الزوجية (بين الروجين) أكثر من تأثرها بالعلاقة بين الأم والطفل، ويمكن أن تؤدي إلى تطور سلبي للأطفال [التطور السلبي يشير إلى السلوك المنحرف والعنف والعدوان والتنمر والتسرب من المدارسالنفسي(6)].

ولهذا السبب اختارت الباحثات التركيز على الآباء [لا الأمهات] في دراستهم(4) هذه.

“رغبنا في أن نولي المزيد من الاهتمام للآباء، لأنه على الرغم من أن الأمهات يعتبرن دائمًا المربيات بشكل رئيس لأطفالهن، فإن بإمكان الآباء أيضا التأثير بشكل كبير في نمو الأطفال،” كما تقول كونغ.

تمكنت الباحثات، بما فيهن برفسورا قسم التنمية البشرية والدراسات الأسرية كارين كرامر Karen Kramer وكيلي تو وكيلي Kelly Tu من الوصول إلى مجموعة بيانات طولية [أي البيانات التي جمعت على مدى سنوات أو حتى عقود، بحسب التعريف] من وزارة التعليم الأمريكية لتتبع نمو الأطفال الاجتماعي العاطفي من سن 9 أشهر إلى بلوغهم سن رياض الأطفال.

وإدراكًا لأهمية سنوات ما قبل المدرسة لتعلم المهارات الاجتماعية والعاطفية، قاموا بتحليل مجموعة فرعية من البيانات الخاصة بالأسر التي لديها أطفال بسن 4 سنوات، بالتحكم في أساليب تربية الأمهات، ركز الباحثون على اجابات الآباء على أسئلة المسح الاستقصائي عن الخلافات الزوجية واستراتيجيات حلول تلك الخلافات التي تبنوها.

وكما يربطن بين حلقات السلسلة بعضها بعض، ربطن تقارير الآباء عن الخلافات الزوجية بممارساتهم التربوية، ثم بالتأثيرات الاجتماعية والعاطفية لتلك الممارسات في الأطفال.

“بما يتجاوز النظر إلى الأمهات والآباء والخلافات الزوجية بشكل منفصل، كما فعلت الدراسات السابقة، فقد قمنا بتجميع كل ذلك معًا في نموذج واحد، ليس فقط لمعاملة الأسرة كنظام مترابط ولكن أيضًا لعدم نسيان دور الأب من حيث مدى تأثير تصوراته للخلافات وأساليب حلها في نمو الطفل الاجتماعي والعاطفي،” كما قالت كرامر.

“هذه هي الخصوصية التي تفردت بها هذه الدراسة.”

وبتحليل عينة متباينة متكونة من 3,955 عائلة من آباء وأمهات حيث كان الآباء منخرطين في تربية وتعليم أطفالهم، وجدت الباحثات أنه عندما أبلغ الآباء عن خلافات زوجية متواترة، رفع ذلك من مستوى إجهادهم التربوي وقلل من مدى معاملتهم الدافئة [المتمثلة في محبتهم وحنانهم واهتمامهم وإيجابيتهم] لأطفالهم.

ووفقا للتحليل، أدت عوامل الخلاف هذه إلى انخفاض في نمو مهارات الطفل الاجتماعية والعاطفية التي أبلغت عنها الأمهات آثناء المسح الاستقصائي.

نؤكد قونغ أن الأطفال في سن ما قبل المدرسة يمرون بمرحلة حاسمة لتطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية. وتقول إن هذه التجارب في مرحلة الطفولة المبكرة تمهد الطريق لعلاقات لاحقة مع الزملاء والأقران ولصحتهم العقلية، وما إلى ذلك، لذلك يجب على آباء وأمهات الأطفال الصغار الأخذ في الاعتبار مدى تأثير تفاعلاتهم مع بعضهم في أطفالهم.

بعد ذلك، أخذت غونغ في الاعتبار اسلوب حل الآباء لخلافاتهم مع زوجاتهم. وقالت: “لقد وجدنا الآباء الذين أفادوا أنهم استخدموا حلولًا بنّاءة لخلافاتهم مع زوجاتهم – مثل التواصل المفتوح [التواصل المفتوح هو امكانية كل طرف التعبير عن أفكاره ومرئياته للطرف الآخر، بحسب التعريف] والتوصل إلى حل وسط للخلافات القائمة، بدلاً من الضرب أو الانتقاد أو رمي زوجاتهم بأشياء – أظهروا المزيد من الانخراط [في تربية وتعليم أطفالهم] والمعاملة الدافئة لأطفالهم [المتمثلة في المحبة والحنان والاهتمام والإيجابية] مقارنة بزوجاتهم”.

وليس من المستغرب أن يستفيد الأطفال من هذه التفاعلات الدافئة [المبنية على الحب والحنان والعناية] مع آبائهم.

“توظيف الآباء أساليب الحل البناء للخلافات الزوجية أدى إلى مزيد من مشاركتهم في تربية وتعليم أطفالهم ، مما أدى إلى نمو أكثر إيجابية لأطفالهم”.

“الخلافات المدمرة لها تأثيرات عكسية على الأطفال.”

في النهاية، تقول غونغ إنه لا ينبغي للآباء أن يخشوا الخلافات. ولكن بدلًا من ذلك، فإن الأمر الأكثر أهمية هو إيجاد استراتيجيات حلول بناءة تقلل من التوتر وتحافظ على قدرة الأب على التفاعل مع أطفاله بدفء ومحبة وحنان وعناية.

“إذا تمكنا من إجراء المزيد من البرامج الإكليينيكية أو التثقيفية التي تثقف الآباء والأمهات بأساليب التواصل المفتوح مع بعضهم بعض، وبكيفية الاستماع إلى بعضهم بعض، والحفاظ على علاقات جيدة مع أفراد الأسرة، فقد يكون ذلك فعالًا في تعزيز صحة الأسرة ونمو الطفل،” بحسب غونق.

“من المهم أيضًا ألا نأخذ في الاعتبار مقدار الرعاية التي يبذلها الآباء فحسب، بل أيضًا نوعية التربية . حتى لو بذل الآباء قدرًا كبيرًا من المشاركة والانخراط في تربية وتعليم أطفالهم، إذا كان مستوى دفء معاملتهم لأطفالهم منخفضًا بشكل بالغ، فقد لا تكون تلك المعاملة نافعة للطفل”.

وقالت: “هذه الدروس لا تنطبق فقط على المتزوجين. في الواقع، أود أن أقول إنها أكثر أهمية عندما لا يعيش الزوجان معًا، أو عندما يكونا منفصلين أو مطلقين”. “قد يكون هناك خلافات أكثر في هذه الحالات، وبالتالي فإن عملية حل هذه الخلافات قد تكون أكثر أهمية لنمو الطفل.”

مصادر من داخل وخارج النص

1- الإزاحة (displacement) في علم النفس الفرويدي هي آلية دفاعية لاشعورية حيث يستبدل العقل الأهداف التي يشعر أنها خطرة أو غير مقبولة في شكلها الأساسي بهدف جديد أو كائن جديد كبديل. أحد أوضح الأمثلة علي الإزاحة أن يصب الزوج جام غضبه علي زوجته، فلا تستطيع مجابهته أو الرد عليه فتسكت الزوجة وتكظم غيضها، ولكنها في المقابل تتسلط على أطفالها وتضربهم، وهم أيضا لايستطيعون الرد عليها لأنها أقوى منهم فيتسلطون على ألعابهم فيكسرونها.” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/إزاحة_(علم_نفس)

2- https://www.additudemag.com/adhd-emotional-withdrawal-rejection-sensitivity-women/

3- “النمو العاطفي الاجتماعي socioemotional development يعتبر مجالًا خاصًا في نمو الطفل. وهو عملية تدريجية وتكاملية يكتسب عبرها الطفل القدرة على فهم المشاعر والشعور بها والتعبير عنها وإدارتها وتطوير العلاقات ذات المعنى مع الغير. وبهذا، ينطوي النمو العاطفي الاجتماعي على مجموعة كبيرة من المهارات والأساسيات، تتضمن ما يلي لكن لا تقتصر عليه: ادراك الذات والانتباه المشترك واللعب ونظرية العقل (أو فهم أفكار الآخرين) وتقدير الذات وتنظيم المشاعر وعلاقات الصداقة وتطوير الهوية.” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تطور_عاطفي_اجتماعي

4- https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037%2Ffam0001102

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/تربية_الأبناء

6- https://grandchallengesforsocialwork.org/grand-challenges-for-social-work/promoting-behavioral-health-and-preventing-negative-developmental-outcomes-from-birth-through-age-24/

المصدر الرئيس

https://www.sciencedaily.com/releases/2023/06/230614220533.htm

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى