منبر بشائر

الشيخ الأحمد يؤكد أن حفظ حقوق الناس من إحياء الموسم العاشورائي

بشائر: الدمام

أفتتح الشيخ أمجد الأحمد في الليلة الثانية من المحرم محاضرته تحت عنوان: «موسم عاشوراء حياةٌ وإحياء»، وذلك في محورين انطلقفيهما من خلال الآية القرآنية الكريمة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦوَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾[24] سورة الأنفال.

وتحدّث في المحور الأول (الإسلام دين الحياة) عن المقصود باللام في (لما يحييكم) في الآية الكريمة، وأشار فيه إلى أن اللام ليست لام شرطٍ،وهذا يعني أن الدين لا يدعوا إلّا لما فيها الحياة و فيه المصلحة والنفع، إذ أن اللام في الآية القرآنية لبيان موضوع و تقرير الدعوة الإلهية،فرسالة الاسلام هي رسالة حياة.

وأثار تساؤلاً فيما لو كان الناس قبل بعثة النبي الاعظم امواتاً لكي يدعوهم الى الحياة!، مجيباً بأن الناس لم تعش حياة حقيقيةحياة كريمةطيبة؛ كالتي دعا إليها القرآن الكريم.

وفي معاني الحياة في القرآن جاء الشيخ الأحمد بعدة صور منها ومعانٍ: الحياة النباتية كما في الآيةاعلموا ان الله يحيي الارض بعدموتهاوهذه حياة نباتية والتي من خصائصها النمو و التغذية و التناسل، والحياة الحيوانية كما في الآيةإِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىوالتي من خصائصها الحس والحركة بإلإضافة إلى النمو و التغذية و التناسل، مشيراً إلى أن هذه الحياة يشترك فيها الإنسان مع غيره منالحيوانات العجماوات فهو يأكل و يشرب و ينام وغيرها، والحياة الخالدة كما في الآيةيا ليتني قدمت لحياتيفهذه حياة باقية، والحياةبمعنى القوي القادر الذي لا حد لقدرته ولا منتهى لعلمهوتوكل على الحي الذي لا يموت“.

وقال الشيخ أمجد:بهذا ندرك أن الناس قبل الاسلام كانوا يعيشون حياة نباتية و حيوانية لا قيمة لها، بينما الحياة التي دعى لها الاسلامهي حياة العلم والفكر والبصيرة،أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ، وقيل إن هذه الايةنزلت بعد إسلام الحمزة ابن عبدالمطلبرضوان الله تعالى عليه-“.

وتابع والايمان بمثابة الروح التي يبثها الله في الجسد الميت فتبعث فيه الحياة لأن الإيمان الصحيح يحركك للعمل الصالح كصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من المكارم الأخلاقية“.

وأشار فيه إلى أنه من سيرة المجتمعات البشرية عمومًا أن تحتفي بأيامها الخالدة، التي تمثّل لكل أمة لحظة تاريخية مهمّة، وقد جاءتالتعاليم الإسلامية موجِّهة وداعمة لمثل هذا التقليد والعادة الاجتماعية المتوارثة.

وأضاف:ليس في الإسلام حكم أو أصل إلا و يدعو للحياة ابتداء من الإيمان بالله الذي يحرر الإنسان من كل عبودية مذلة و زائفة فالابتعادعن الله والدين والإيمان يجعل الانسان في عيشة ضنكاومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة اعمى، مشيراً  إلى أن الإيمان بالنبي صل الله عليه و آله وسلم هو مصدر حياة لأن الإيمان برسالته هو إيمان برسالة الأخوة والرحمة والسلام والعدل، كذلكالإيمان بالمعاد الذي يعطي للحياة معنى وقيمة وأن وجودك في هذه الحياة ليس عبثاً وأنّك مكلف للعمل والنشاط والحركة وإعمار الأرضومسؤول من التعلم بما تستطيع“.

وقال في المحور الثاني (المفاهيم الإحيائية في المشروع الحسيني):إذا كان كل تشريع في الإسلام يهدف إلى الحياة الحقيقية إذن كلشعيرة من شعائر الإسلام لابد أن تنبض و تدعو إلى الحياة ومنها الشعائر الحسينية والتي تمثل الشعائر الإسلامية، وقد تم تسميتها شعائرحسينية نسبة للحسينعليه السلامونقصد بها الشعائر التي أمرنا بها أئمتنا عليهم السلام لا أي ممارسة يختلقها الإنسان“.

وبيّن الشيخ أن من تلك الشعائر الحسينية التي دعا لها أئمة أهل البيتعليهم السلام-: زيارة الامام الحسينعليه السلاملأنها لامتلائهابالمعاني الحيوية، والبكاء على الحسينعليه السلاملكونه عنصر إنساني، وإنشاد الشعر لأنه يربط الأمة بواقعة كربلاء، وحضور المجالسالحسينية لأنها مجالس حياة وهدى وصلاح، ملفتاً إلى أن هذه الشعائر في الحقيقة هي إحياء لنا فنحن لا نحيي الحسينعليه السلامبلنحيا بهعليه السلام، فموسم عاشوراء ثقافة وإصلاح لنا.

وعبر قائلاً “إذا أردنا أن يكون الإحياء العاشورائي إحياءً واعياً فلابد أن نتعامل مع مدرسة كربلاء كمدرسة اصلاحية تغييريه تصلح واقعنا وكلفساد نعيشه، ففي كربلاء الكثير من المفاهيم الاحيائية التي تبث فينا الحياة“.

ومن تلك المفاهيم الإحيائية التي أشار لها الشيخ الأحمد في خطابه: قيمة الالتزام بالإسلام لأن الحسين  تحمل كل تلك الرزايا من أجلالإسلام وضحى بروحه لأن الهدف وراء تلك التضحية هو إفشال المشروع الأموي الذي يهدف الى القضاء على الإسلام بكل شعاراته، وقيمةالإصلاحلم اخرج اشرا او بطراً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جديلان هذه القيمة عُطّلت في ذلك الزمان و الإمام أحيا تلك القيمة،و قيمة التضحية فالإمام الحسين عليه السلام إمام البذل والعطاء وكان عطائه لم يتوقف عند حد معين بل وصل إلى التضحية بالنفس، ليعلّمالأمة ان مصلحة الإسلام والمجتمع أحيانًا تحتاج للتضحية بنفسك وأحيانا بوقتك أو بمالك أو تتنازل عن شيئ من حقوقك أمام المصلحةالعامة.

وتابع ضمن المفاهيم الإحيائية:قيمة السلام و المحبة و الرحمة عند الإمام الحسينعليه السلامفلقد كان حريصاً على حفظ دماء الأمة،ولهذا خرج من مكة لكي لا تستباح حرمة البيت الحرام ولم يقطع طريق ولم يهدد امن الناس الى درجة أنه خطب في الذين حاربوه يومالعاشر  ليعظهم ويهديهم، قيمة العزة والإباء عند سيد الشهداءمن كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواتهفالعزيز لا يقتحم المحرمات والشهوات و يكون قوياً أمام الشيطان. ” ألا وإنّ الدعي بن الدعي قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة“.

وتطرق الشيخ الأحمد إلى موضوع الإصلاح في زماننا عند البعض إذ لم يعد له تلك القيمة الكبيرة، فالإنسان أصبح يفكر في نفسه فقط ولايعنيه الشأن العام، مؤكداً على أن الإسلام لا يبتغي أن يكون الإنسان صالحًا فحسب، بل مصلحاً فالصلاح لوحده لا يكفي، كما حدث فيقصة أصحاب السبت حيث أهلك الله العصاة والمحايدين رغم أن المحايدين كانوا صالحين وأنجى الذين أمروا بالمعروف ونهو عن المنكر.

وأردف:عندما يكون الانسان صالحاً الكل يحبه لكن إذا انتقل إلى مرحلة الإصلاح سيدفع ضريبة كبيرة و ربما يخسر أموالًا وقد يفقدشخصيته، وسيتحرك دعاة التخلف لإسقاطه ومحاصرته فالمجتمع القرشي أحبو النبي صالحاً وأبغضوه مصلحًا، والأمة تحب العالِم طالماصمت عن الحق ولزم العبادة والزهد،  فذلك لا يتعارض مع المشهورات و لكن بمجرد أن يصطدم بالأفكار السائدة في المجتمع سيتحول إلىمرحلة المواجهة والصراع.

ودعا الشيخ أمجد باحترام حقوق الناس، إذ أن الأنصار قلة في ليلة العاشر وكان سلام الله عليه بحاجة إلى الأنصار، غير أنه لم يأبه بقلةالعدد والنصير بقدر  نزاهةِ حركته، فقد قال لأصحابه:ألا لا يقتل معي رجل عليه دَين فلقد سمعت رسول الله يقول من مات و عليه دَين أخذمن حسناته“.

وقال:إذا كان الإمام الحسينعليه السلاملا يريد أن يقتل معه من عليه دين إذن لا يريدك أن تنصب له مأتمًا وعليك دين أو تذهب لزيارتهوفي رقبتك تبعات وحقوق للناس، إذ لا يريدك أن تبذل في سبيل إحياء شعائره وفي رقبتك حقوق و التزامات للآخرين فالأولى أن تفرغ ذمتكمن حقوق الناس.

وشدد ختاماً على صدق العزيمة والإصرار بالابتعاد عن النواهي، وردع وساوس الشيطان ونزعات الهوى بترديد هتافات الإمام الشهيد (ع):هيهات منا الذلة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى