أقلام

سيكولوجية الذاكرة

أمير بوخمسين

الذاكرة هي جوهر العمليات المعرفية، وهي ضرورية جدًّا لاسترجاع ما تم تعلمه، وهي حين تعاني ضعفًا أو اضطرابات فإن ذلك ينعكس مباشرة على الشخص نفسه. كتاب (سيكولوجية الذاكرة: قضايا واتجاهات حديثة – سلسلة عالم المعرفة كتاب رقم (290) لمؤلفه محمد قاسم عبد الله.. يعد موضوع الذاكرة من أهم موضوعات علم النفس، وقد أثيرت الكثير من التساؤلات كما وضع العديد من الافتراضات المتعلقة بطبيعة الذاكرة وعملها وآليتها، لما لهذا من آثار ونتائج في الكثير من الميادين: التعلم والتربية، والقضاء والقانون، والطب، والعلاج النفسي، والاستجواب، والشهادة …إلخ. ومن الموضوعات التي تشغل أذهان العلماء المختصين حاليا.. الذاكرة الكاذبة أو المزيفة، الذكريات اللاشعورية، الذاكرة التي تعرضت لصدمة، أو رضّة نفسية – الذاكرة والتنويم المغناطيسي.. يقدم الكتاب خلاصة لأهم وأحدث النتائج عن الموضوعات التي تخص الذاكرة، طبيعتها، علاقتها بالتعلم، بالإبداع، بالتغذية، أشكال الذاكرة وروابطها بالصحة النفسية وكبر السن والأمراض المزمنة. ولكن النسيان ليس دائمًا مما ينكب به الفرد، فبحسب علماء مختصين يشير إليهم المؤلف، فإنه – النسيان – من المظاهر المهمة للذاكرة طويلة المدى، وهو ضروري للإنسان، ولولاه لغدا التفكير مضطربًا وغير منظم. ومما يدهش في هذه الدراسة المهمة ما يذهب إليه المؤلف من وجود ذاكرة لدى النبات، تمكن من الاستجابة الطبيعية لعوامل نموه كالماء والهواء والشمس (مثل عباد الشمس في اتجاهها الدائم نحو الشمس)، كما أن بعض النباتات تفرز مواد كيماوية معينة كي تقتات عليها، علماء كثيرون يوافقون على أن هذه ذاكرة موجودة في الحمض النووي (دي إن أي)، وهي عبارة عن تعليمات تحرك النباتات وتتحكم في تصرفاتها. وبالمثل فإن للحيوانات والحشرات ذاكرتها. وضمن فصوله 22 يجيب المؤلف عن السؤال: لماذا تضعف ذاكرة كبار السن، ويجيب بأن التقدم في العمر يصاحب عادة بتغيرات بيولوجية وكيماوية تؤثر على وظائف الدماغ، فتموت عديد من الخلايا ويحدث ضعف عام في عمليات الهدم والبناء، وبشكل عام فإن المتقدمين في السن يعانون انخفاضًا في أداء الذاكرة طويلة المدى، ويصبحون أقل قدرة على استدعاء الأحداث والذكريات السابقة. التذكر إذن إحدى العمليات المهمة التي تجري في المخ، والمؤلف في سياق دراسته المطوّلة يشير إلى ما يعرف بالذاكرة الكاذبة أو المزيفة، والذكريات التي تعرضت لصدمة، وذاكرة الخاضعين لاستجوابات في قضايا معينة) أنتهى. ما تحدث عنه المؤلف في كتابه سيكولوجية الذاكرة يدفعنا إلى محاولة إيجاد الحلول لضعف الذاكرة وحالة النسيان، ولا يمكن إلا عبر تحديد المسببّات والعوامل، واختيار العلاج المناسب للمشكلة. إذ يتطلّب اتباع العادات السلوكية والإرشادية السليمة التي تحدّ من ضعف الذاكرة، وذلك من خلال اتباع الخطوات التالية:
تناول كميات كبيرة من السوائل يوميًّا، القراءة المستمرة والنوم الكافي والرياضة، إضافة إلى تناول الأطعمة الغنية بكافة العناصر الضرورية للجسم، كالفيتامينات والمعادن والأحماض والألياف، وتناول الأطعمة المقوية للذاكرة أبرزها المكسرات، والحفاظ على استقرار الحالة المزاجية والنفسية، تناول المشروبات الطبيعيّة المحفزة للمخ، وعلى رأسها الفواكه الطبيعيّة، مثل: البرتقال والليمون لاحتوائها على نسبة عالية من فيتامين سي. هذه العوامل لن تمنع حالة النسيان مع تقدّم السن إلا أن ذلك سيحدّ نوعًا ما من ضعف الذاكرة.. لأن العلاقة علاقة عكسية، فكلما تقدم الإنسان في السنّ تراجعت قوة الذاكرة لديه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى