أقلام

عبودية الدّيَن والرق التقليدي

أمير بوخمسين

تصعب التفرقة بين عبودية الدّيَن والرق التقليدي لأنها تمنع الضحية من مغادرة عملها أو الأرض التي تحرثها ريثما يتم سداد النقود، ورغم أنه يمكن ـ نظريًّا ـ تسديد ديَن ما خلال فترة من الزمن إلا أن حالة من العبودية تنشأ عندما يستطيع الشخص المقترض تسديده رغم كل الجهود التي يبذلها ويرث أولاد العامل المستعبد الدين عنه، والمشاركة في المحصول هو طريقة معتادة تدخل المقترضين في إطار عبودية الدين.
أما الرق فقد أُبطل في كل مكان كنظام عمل يسمح به القانون، ولكن لم يتم القضاء عليه تمامًا، فما تزال هناك بلاغات تشير عن وجود أسواق للرقيق، والرق يترك آثارًا حتى عندما يتم إلغاؤه فيمكن أن يستمر ـ كحالة ذهنية – بين ضحاياه وذريتهـم من بعدهم وبين هؤلاء الذين ورثوه عن الذين مارسوه، بعد انقضاء فترة طويلة على اختفائه رسميًّا.
الاتفاقيات الدولية والاقليمية ألزمت الدول الأعضاء المصدقة على اتفاقية تحريم الرق بالالتزام ببنودها، حيث توجد ثلاث اتفاقيات حديثة تتعلق مباشرة بهذا الأمر، وهي الاتفاقية الخاصة بالرق التي وضعتها عصبة الأمم في عام 1926م، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949م، اتفاقية حظر الإتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، أما الاتفاقية الثالثة التي صدقت عليها وانضمت اليها (106) دولة، فهي تكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق التي اعتمدت في مؤتمر الأمم المتحدة المعقود في جنيف عام 1956م
ونصت المادة الثامنة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه: (لا يجوز إخضاع أحد للعبودية)، كما تحرم المادة إكراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامي، إلا في حالات خاصة ذكرها العهد حصرًا، وهي حالة العقوبة القضائية بالأشغال الشاقة وحالة الخدمات ذات الطابع العسكري والخدمات التي تفرض في ظروف الطوارئ أو النكبات التي تهدد حياة الجماعة أو رفاهيتها، وكذلك الأعمال التي تشكل جزءاً من الالتزامات المدنية العادية.
اما الاتفاقيات الاقليمية فأغلبها نصّت على تحريم الرق والعبودية، فالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أكدت تحريم الرق أو تسخير أي إنسان، كما أنه لا يجوز أن يطلب من أي إنسان أداء عمل جبرا أو سخرة، حيث لا يشمل اصطلاح (جبرًا أو سخرة) في نطاق تطبيق هذه المادة للأسباب التالية:
أية خدمة لها صفة عسكرية، أو أية خدمة بديلة للخدمة العسكرية، بالنسبة إلى من يأبى ضميرهم الاشتراك في الحرب، في الدول التي تسمح لهم بذلك، كذلك أي خدمة تطلب في حالة الطوارئ أو الكوارث التي تهدد حياة المجتمع أو رخاءه، وأي عمل أو خدمة تشكل جزءًا من الالتزامات المدنية المعتادة.
والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، أكدت المطالب نفسها، وتم التصديق عليها من قبل الدول الأمريكية، أما الأمم الأفريقية، فقد عانت شعوبها، الاضطهاد والمعاناة والعبودية، وبادرت جميع دولها بالتصديق على اتفاقيات منع الرق، وبالرغم من كل هذه الاتفاقيات إلا أنه لا تزال أفريقيا تعيش العبودية والرق من قبل الغرب المستعمر. حيث نصت المادة الخامسة من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، على: «أن لكل فرد الحق في احترام كرامته، والاعتراف بشخصيته القانونية، وتحظر كافة أشكال استغلاله وامتهانه واستعباده خاصة الاسترقاق والتعذيب بكافة أنواعه والعقوبات والمعاملة الوحشية أو غير الإنسانية أو المذلة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى