أقلام

ضوابط الكلام بين الجنسين في وسائل التواصل الاجتماعي

زاهر العبدالله

في (الخصال) عن محمد بن الحسن، عن الحميري، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أربع يمتن القلب: الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء يعني محادثتهن، ومماراة الأحمق يقول وتقول ولا يؤول إلى خير أبدًا، ومجالسة الموتى، قيل: وما الموتى؟ قال: كل غني مترف.
4 – وفي (عقاب الأعمال) بسند تقدم في عيادة المريض عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ومن صافح امرأة حرامًا جاء يوم القيامة مغلولًا ثم يؤمر به إلى النار، ومن فاكه امرأة لا يملكها حبسه الله بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف عام.

لو تأملنا الحديث النبوي الشريف بعين القلب وجدنا تعاليم إسلامية كثيرة في كلامه الجامع روحي فداه، وسنذكر جانبًا مما تعلمناه من هذا الحديث الشريف في حياتنا اليوم.
م:وسائل الشيعة (الإسلامية) – الحر العاملي – ج ١٤ – الصفحة ١٤٣

الكل يعلم مدى تأثير الكلمات على النفس البشرية سواء كانت سلبية أو إيجابية، ويزداد خطرها لو كانت بين الذكر والأنثى من غير المحارم، فقد كان الحديث في السابق الحديث مع المرأة يكاد يكون منعدمًا بسبب العرف الاجتماعي السائد على أن مطلق الكلام عند الفقهاء لا إشكال فيه، ولكن إذا لم يترتب عليه مفسدة مثل الريبة والشهوة وغيرها من المحرمات،
ولكن اليوم تطورت أساليب التواصل بين أفراد المجتمع،
وأصبح لسان التخاطب بين أفرادها هي لوحة المفاتيح والمقاطع الصوتية، بل حتى الرموز التي تحمل إيحاءات وصور حيث تتدفق فيها المعارف العامة عن أحوال الناس سواء كانت هذه المعارف في الثقافة العامة أو الأحداث التي يعيشها المجتمع أو العلاقات الشخصية من الحياة الخاصة، وكذلك تبادل الصور الشخصية في تلك الصفحات، فبدأ ناقوس الخطر يدق الأبواب، ويتعدى حدوده، فلا يمكن السكوت عن ذلك، ومن حقكم علينا أن نبين لكم مقدار هذا الخطر.

ونقاط البحث ما يلي:
1 – تعريف مذاق العلاقة بين أفراد المجتمع.
2-الجهل في استخدام العبارات بين الجنسين.
3-التعاطي الصحيح مع نمط العلاقات في صفحات الإنترنت.

(1) *تعريف مذاق العلاقة بين أفراد المجتمع:*
عند علماء اللغة يعرفون الذوق مصطلحات مختلفة حسب العنوان المرتبط به، فمثلًا (الذوق/ إدراك الطعم أن الذوق تقريب جسم المذوق إلى حاسة الذوق، والإدراك للطعم هو وجدانه وإن لم يكن هناك إحساس).
وتعددت تعريفات المذاق عند علماء اللغة. وأقرب معنى هو التعاطي الوجداني مع من يخالطه، بمعنى أخر.

المذاق:
هو نوع العلاقة التي يشعر به الإنسان في تعامله مع الآخر.(ولنقرب الفكرة أكثر)..
فعلاقة الإنسان مع أبيه تختلف عن علاقته مع أمه أو أخته أو صديقه أو أخيه،
فلكل علاقة مذاقها الخاص، ولذا لا بد أن نعطي لكل طرف مذاقًا معينًا من العلاقة يتناسب مع طبيعة الشخص سواء كان ذكرًا أو أنثى وفق الشريعة الإسلامية السمحة، وكذلك نراعي الظروف الزمانية والمكانية، ولا نخلط بين المذاقات في العلاقات،
ونحن نشبه الكلمات على وسائل التواصل والاختلاط المباشر مثل الثياب التي يلبسها كل واحد منا، فليس من المعقول أن نُلبس الرجل فستانًا أو نُلبس المرأة ثوب رجل. وأتصور أن الفكرة وصلت للقارئ.

(2) الجهل في استخدام العبارات بين الجنسين:

الجهل هو أساس كل خطأ في المجتمع، ولذا نحتاج أن نتعرف أكثر على نمط كل إنسان، فعلماء النفس يقسمون المجتمع عدة طبقات، ويضعون لكل مرحلة عمرية دارسة خاصة بها كما يفرقون بين طبيعة المرأة وطبيعة الرجل وما يتناسب مع كل طرف.
ومن هنا نشير إلى نوع العبارات التي لو راعتها الأخت المؤمنة أعانت الرجل في عدم سقوطه في حبائل الشيطان، وكذا العبارات التي لو راعاها الرجل المؤمن أعان أخته على عدم سقوطها في حبائل الشيطان عليه لعنة الله.

أختي المؤمنة راعي مشاعر الرجل، واتقِ الله وأعينيه كي يتقي الله بهذا الأسلوب:
١-عباراتك يجب أن تكون جادة ومباشرة حتى لو كانت عبارات ثناء تكون من واقع ملموس أي قريبة للواقع مثل أحسنت فقط.
٢-أن لا تكون لها صور خيالية تجعله يعيش عالم أحلام اليقظة، من قبيل رموز الحب والغرام وغيرها.
٣-أن لا تبالغ في الوصف فيما يطرحه من موضوع، وتكون الكلمات موجزة ومختصرة. مثال كلام طيب أو مقبول أو جيد.
٤-أن تكون العبارات تزيد من موضوعه، ثقافة أو معلومة جديدة.
٥-أن تكون نقدك عقلائيًا فيما يطرحه من فكرة أو اقتراح طرق جديدة تحاول تغير قناعته فيما كتبه.
٦-تأطير العبارات بعبارات علمية ثقافية تلامس فكره، وتبتعد عن عواطفه.
هذا مختصر الكلمات التي تناسب الرجل، فأرجو من الأخوات أن يأخذنها بعين الاعتبار في التعليق على أي موضوع يطرح أو مقال كتبه أو قول أو صورة، وتبتعد عن التعليق على أي صورة شخصية للرجل، أو أي شيء يمس شخصيته بشكل مباشر.

.أخي المؤمن راعِ مشاعر المرأة، واتق الله وأعنها كي تتقي الله بهذا الأسلوب:
١-احذر العبارات التي يغلب عليها العواطف صادقة كانت أم كاذبة، وابتعد عن الكلمات ذات التأثير السحري على نفسها.
٢-لا تبالغ في التعبير عن الموضوع الذي تطرحه الأنثى.
٣-لا تذكر التفاصيل بأسلوب لين وعبارات لها وقع في قلوبهن.
٤-لا تعلق على صورة وضعتها ختامًا لمقالتها، وعليك أن لا تضع صورًا مخلة للأدب العام.
٥-لا تجرحها بشكل مباشر، فليس من حقك ذلك لأنها سريعة الانفعال مع الموضوع إذا كان يلامس حياتها وتتحدث دون حدود واضحة.
٦-لا تختر الألقاب التي لها وقع نفسي مريب على من يقرأها وأحيانا تكون خادشة للحياء العام بحجة أنها حرية شخصية.
هذا مختصر من طبيعة المرأة.

ملاحظة: هناك مؤمنات يراعين كل كلمة يكتبنها، لعظم المسؤولية عليهن على صفحات وسائل التواصل أو المباشر وغير المباشر.

تعليق مهم جدا هنا:
إنما ذكرنا مختصر العبارات التي تناسب الرجل والمرأة كي نوضح أمرًا بالغ الأهمية توضحه الآية الكريمة
{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا }.
شاهِدنا في هذه الآية هو تحذير لجميع النساء وإن كان المخاطب فيه نساء النبي، فتعاليم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تخص جميع بنات حواء عليهم السلام،

ولأن القول اللين عند النساء له أثر بالغ في نفس الرجل، كان واجبًا عليها أن تخاف الله وتراعي مشاعر الرجل، لأن ما تكتبه أو ترسله أو تفعله من قول أو فعل ليس محصورًا في دفتر عندها بمنزلها، بل هو مفتوح للجميع على صفحات النت وغيرها، فهذه العبارات والكنى والألقاب والأمثال التي ما إن يقع نظر القارئ عليها تحرك عنده غرائز مكبوتة، فتنزل لعنة الله على تلك المرأة التي حركت مشاعر اللذة أو الريبة أو الشهوة عند الرجل، وكذا العكس عند الرجل فكل ثناء أو تعليق يضعه الرجل على موضوع أو مقال كتبته المرأة أو تكلمت به، وحرك فيها مكامن الريبة أو الشهوة عليه لعنات الله سبحانه.

خلاصة القول:
إن الكلام والصور والتوقيعات والأمثال التي تحرك غرائز الشهوة للطرفين هو من المحرمات، فعلينا أن نخاف الله سبحانه في كل عباراتنا، فهو الرقيب علينا
وقد قال الله عز وجل:
{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
أسأل من الله العلي القدير أن تكون الفكرة وصلت لكل القراء المحترمين.

(3) التعاطي الصحيح مع نمط العلاقات في صفحات الإنترنت.

إذا عرفنا مدى خطر الكلمات والعبارات بشكل واضح تسنى لنا التعاطي السليم، فكل كل كلمة نقولها على وسائل التواصل يجب أن نفرزها ونفلترها قبل أن ترسل للطرف الآخر وتمر عبر منظار الإيمان وسنذكر هنا عدة محطات تحمي للأخوة والأخوات كي لا يقعوا فريسة العبارات التي لها سحر على نفس الإنسان ذكرًا كان أم أنثى من حيث يشعر أو لا يشعر، وهي:
١-نتسلح بسلاح التقوى والخوف من الله و تذكر الآخرة في كل لحظة نريد الكتابة أو التعليق فيها.
٢-لا نترك العنان للمشاعر بكلها في التعبير عن ما يعجبني من مقال أو صورة أو تعليق معين لأن من تكتب له ليس هو الوحيد الذي سيقرأ.
٣-أن لا نضع الصور أو التوقيعات (نك نيم) الذي لها مفاهيم تثير مكامن الشهوة أو الريبة على نفسية القارئ.
٤-نتعاطى مع صفحات النت ووسائل التواصل على أساس الحذر واحترام الذوق العام من التعاليم الإسلامية.
٥-وجود المرشد الحكيم سواء كان ذكرًا أو أنثى وعرض ما يريد كتابته عليه قبل أن يضعه على وسائل التواصل.
٦-التفقه في الدين سلاح متين يربطنا بالدين وفكر أهل البيت عليهم السلام.
٧-عدم وضع الصور التي تكون في السباحة مثلًا أو بها حركات مخلة بالأدب العام.
وأخيرًا، اجعل الميزان في كل تعليق مؤسس على شكل رسالة تريد بها النفع للجميع وليس لذات الشخصية.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى