أقلام

كيف نتعلم من كوننا مخطئين قد يؤدي إلى إصابتنا بالقلق

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

بقلم ديسيرا إي ديل كامبو 

قدم له وراجعه البرفسور رضي حسن المبيوق، علم النفس التربوي، جامعة شمال أيوا

مقدمة برفسور رضي حسن المبيوق:

موضوع هذه الدراسة يمت  بصلة وثيقة وبشكل عام  بسيكلوجية الحافز(1) والذي يعد من الجوانب المهمة في علم النفس التربوي. وبشكلخاص، موضوع البحث المترجم أدناه يتعلق مباشرة بنظرية التوقعات التى ارسى قواعدها الباحث ڤيكتور ڤروم Victor Vroom في اعلى1964(2).  ويعرِّف ڤروم التوقعات كالتالي: “يصبح الإنسان متحفزا أكثر لبذل الجهد اذا اعتقد بأن جهده المضاعف سيثنى عليه ويكافأ.وفي مكان آخر يضيف صاحب نظرية التوقعات بأن أثناء عملية التوقعات، يقوم المرء بإدارة الخيارات المتاحة له بين نشاطات يمارسها بمحضارادته. بعبارة أخرى، يتصرف الإنسان ويوائم سلوكه وجهوده مع ما يحقق له النتيجة المتوقعة او المرضية له.

وكما هو مذكور في البحث المترجم أدناه، فإن النتيجة قد لا تكون مطابقة لتوقعاتنا، فقد تكون النتيجة أحيانا فوق او دون توقعاتنا.

هناك عوامل ثلاثة لنظرية التوقعات ومعرفتها تزيدنا فهمًا أكثر للدراسة التي اجراها الباحثون على طلبة جامعة ميامي المرتبطة بتوقعاتهم عننتيجة الامتحانات التي أخذوها:  العامل الأول هو طبيعة التوقعات والتي تتلخص بأن بذل المزيد من الجهد يزيد من جودة الأداء، والذيبدوره يوصل الشخص الى النتيجة المتوقعة. معرفة هذه المعادلة وتطبيقها هي التي تحفز المرء على انتهاج أفضل وأنجع السبل للحصول علىالنتيجة / التوقعات / الهدف.  وذلك يعني التفكير في المهارات والمعلومات التي يحتاجها الشخص لأداء المهمة والحصول على النتيجةالإيجابية المستهدفة.  هذا العامل يتأثر سلبًا او ايجابًا بحسب مستوى النجاعة الذاتية(3) للفرد وشعوره وتصوره بمدى صعوبة الهدفوايضا شعوره بمدى قدرته على التحكم في مستوى ادائه للعمل.

العامل الثاني هو ما ورد في تعريف التوقعات على ان المكافأة تعتمد على مستوى وجودة الأداء. والعامل الثالث يتعلق بأهمية النتيجة اوالمكافأة للشخص واذا ما كانت تتلائم مع احتياجاته وأهدافه وقيمه.

معرفة هذه العوامل تضيئ أكثر على دور التوقعات في النتائج  وكلما كانت التوقعات ايجابية ومصحوبة ببذل جهود مناسبة كلما زادت فرص تحقيق الأهداف. والملفت في البحث المترجم أدناه هو ربطه بتأثير التوقعات في الحالة النفسية وخاصة اذا تحولت عملية التوقعات الى عادةيمارسها الشخص بشكل تلقائي (عفوي). فإن كانت التوقعات ايجابية او تفاؤلية، نعٍم الشخص بالطمأنينة والراحة النفسية، والعكسصحيح. 

البحث المترجم

كيف نتعلم من التوقعات الخاطئة التي نتعرض لها في العالم الحقيقي (الواقع الخارجي) تختلف من شخص لآخر. بينما قد يكون لدىالبعض نظرة متفائلة للحياة، فقد يتبنى البعض الآخر نظرة أكثر تشاؤمًا.

حلل باحثو علم النفس كيف يمكن للتنبؤات والتوقعات أن تؤثر في الحالة المزاجية للأشخاص ووجهات نظرهم في بيئة مختبر منضبطة[تجربة منضبطة في المختبر]،  لكن قرر الباحثون في جامعة ميامي دراسة تقلبات (تغيرات) التوقعات البشرية باستخدام أكثر الأمورأهمية  بالنسبة للطلاب الجامعيين  – وهي الدرجات التي يحصلون عليها في الامتحانات.

“دائمًا ما يكون لدينا توقعات سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك ، كما يقول آرون هيلرAaron Heller، كبير مؤلفي الدراسة وأستاذ مشارك في قسم علم النفس في كلية الفنون والعلوم، جامعة ميامي. “كلما تبين أن توقعاتنا كانت خاطئة، كلما أصبحت أمَارَةَ تعلُّم نوظفها لتكوينتوقعات أفضل في المستقبل،” كما قال آرون هيلر، 

على الرغم  من أن الدراسات المتعلقة  بأخطاء التنبؤ السابقة، التي أجريت في المختبر، سيناريوهات محاكاة ، قرر هيلر وفريقه اتباع مقاربةأكثر طبيعية وذلك بتحليل توقعات الطلاب المتعلقة بتنبؤاتهم بدرجات امتحان مادة الكيمياء، التي درسوها في جامعة ميامي، التيسيحصلون عليها. [المترجم:  أخطاء التنبؤ  هي قياس الفرق بين ما يتوقعه المرء وبين ما يحصل عليه في الواقع (4)]

لمساعدة الباحثين على جمع البيانات، وافق الطلاب على مشاركة درجات أربعة امتحانات أخذوها خلال الفصل الدراسي  مع الباحثين.  بعدكل اختبار، أرسل الطلاب إلى هيلر وفريق البحث درجاتهم  التي توقعوا أن يحصلوا عليها (من صفر إلى 100) في ذلك الاختبار.  فيالدراسات المختبرية الصغيرة التي تبحث في كيف يتعلم الأشخاص من أخطاء التنبؤ هذه، أثبتت البيانات أن الناس يبدون ما يسمى بـ“التحيز التعلُّمي المتفائل،” مما يعني أنهم يتعلمون أكثر من المفاجآت الإيجابية [أي النتائج التي تفوق توقعاتهم] ، مقارنة بالمفاجآت السلبية[أي النتائج التي تكون  أدنى من توقعاتهم].

في دراستهم على الطلاب ، وجد هيلر أيضًا نتائج مماثلة.  بشكل عام ، أبدى معظم الطلاب تحيزًا تعلُّميًا متفائلاً من حيث أنهم تعلموا أكثرعندما حصلوا على نتائج أفضل مما توقعوا مقارنةً بما لو حصلوا على نتائج أسوأ من توقعاتهم .  ولكن كانت هناك مجموعة أخرى منالطلاب الذين كانوا دائمًا أكثر تشاؤمًا خلال الفصل الدراسي.

“عندما حصل الطلاب الأكثر تفاؤلاً على درجات أقل مما كانوا يتوقعون، غيروا توقعاتهم بالشكل المناسب لكنهم  بعد أن أخفقوا فيامتحاناتهم السابقة لم يفرطوا في تصحيح أخطائهم في الامتحانات التالية.  قال هيلر إن الطلاب الذين كانوا أكثر تشاؤما توقعوا أنيحصلوا على درجات أقل في الامتحان اللاحق حتى لو كانت درجاتهم الأخيرة أعلى قليلًا مما توقعوا. “هذا التشاؤم أدى بأن يكونوا غيردقيقين فيما توقعوه بشكل عام ، وبالنظر إلى طريقة تعلم الطلاب، توقع الباحثون ما إذا كان الطلاب سيصابون بأعراض القلق في مرحلة  الشيخوخة.

في جوهرها، تبرهن الدراسة على أن المشاعر الإيجابية والسلبية للأشخاص لم تكن مدفوعة فقط بدرجات الامتحان التي حصلوا عليها ،ولكن بما توقعوا أن يحصلوا عليه.  أولئك الذين لديهم نظرة تشاؤمية يصابون بزيادة في القلق عندما يتبين لهم أن توقعاتهمغير صحيحة.  “مساعدة الناس في أن  تكون توقعاتهم صحيحة تُعتبر خيارًا علاجيًا مهمًا للاضطرابات، كاضطرابات القلق والاكتئاب،”كما قال هيلر.

يخطط هيلر للتوسع في هذه الدراسة وذلك بفهم لماذا يترك طلاب جامعة ميامي تخصصات العلوم والتكنلوجيا والهندسةوالرياضيات STEM. “نود أن ندرس ، مستخدمين هذه الأنواع من المتغيرات السيكولوجية، لماذا يترك بعض الطلاب تخصصات العلوموالتكنلوجيا والهندسة والرياضيات ومن ثَمَّ نطور على أساسها تدخلات لمساعدتهم على البقاء في هذه التخصصات .

الدراسة ، “الفروق الفردية في التعلم الطبيعي تربط المشاعر السلبية  (5) بالإصابة بالقلق” منشورة في مجلة تقدم العلوم Science Advances (6). 

مصادر من داخل وخارج النص:

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_الحافز

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_التوقع

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/نجاعة_ذاتية 

4- https://www.pnas.org/doi/10.1073/pnas.2117625118 

5- “تُعرَّف المشاعر السلبية negative emotionality عمومًا بأنها النزعة لإظهار أشكال مختلفة من المشاعر السلبية.  هذه السمةالشخصية تتميز بالقلق والتقلب المزاجي والهمَّ والحسد والغيرةالذين يسجلون درجات عالية في سمة العصابية هم أكثر عرضة للاحساسبمشاعر مثل القلق والغضب والحسد والشعور بالذنب وتدني الحالة المزاجية في البيئة المسببة للإجهاد النفسيالذين لديهم هذه السمةيتأثرون بشكل سيئ بالضغط النفسي  ويفسرون الأوضاع العادية على أنها تمثل تهديدًا ويعتبرون الإحباطات البسيطة أوضاعًا باعثة علىاليأس. غالبًا ما يكون الطلاب الذين لديهم هذه السمة واعين بالذات المرتبط بالشعور بالخجل والحرج في السلوك وأيضًا يواجهون صعوبةفي التحكم في الاندفاعات وبالتالي يعانون من  تأخير الإشباع [قلة الصبر وضعف في ضبط النفس].  ترجمناه ببعض التصرف  من نصورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/وعي_ذاتي 

6- https://www.science.org/doi/10.1126/sciadv.add2976

المصدر الرئيس:

https://news.miami.edu/as/stories/2023/01/how-we-learn-from-being-wrong-can-lead-to-anxiety.html

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى