أقلام

التوجيه التربوي للأبناء

صالح المرهون

ينبغي أن يكون عماد اهتمام الآباء في تربية أبنائهم، بالحفاظ على سلامة الأبناء الروحية والمعنوية لصلاحهم في الدنيا وللنجاة في الآخرة، ومن البدهي أن يهتم الإنسان في هذه الحياة بتوجيه أبنائه وأفراد عائلته من الانزلاق في الانحراف والمفاسد والمكاره والأخطاء، ولتلمس سبل القيام بالوقاية الروحية والمعنوية للأبناء وللأسرة، ينبغي من الأباء الاهتمام بثلاثة أشياء ضمن تربية الأبناء، هي: التعليم المباشر وغرس العلم والمعرفة في داخل الأبناء، لذلك أمرت النصوص والأحاديث الدينية الإنسان أن يبذل جهدٍا في تعليم وتوجيه أبنائه وأفراد أسرته بالمعارف التي تنفعهم وفي صالحهم، وتجنب المفاسد والأخطاء غير الصالحة.

ورد عن الإمام على( ع) (علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم عليه) فالمعرفة والتوجيه أمر في غاية الأهمية لمساعدة الإنسان على الكمال والرقي وتجنب الأخطاء والمفاسد والمكاره، وورد عن الإمام الصادق(ع) مايؤكد ضرورة مبادرة الإنسان لتحصين أفكار أولاده قبل أن يقعوا في الأفكار والأخطاء والمفاسد المنحرفة، لأن عصرنا الراهن مليئ بالتيارات والمفاسد المنحرفة فكريًا وعقديًا، ولذلك ينبغي على الآباء تحصين وتوجيه وتحذير الأبناء من خطر الوقوع في المفاسد المنحرفة، فالبعض يقول إن أمر التعليم ليس ميسرًا بالنسبة إليهم لضعف المادة مثلًا، ولكن هذا ليس عذرًا كافيُا، فمن الممكن للإنسان أن يقوم بإيصال الأبناء إلى أماكن الوعي والتعلم والمعرفة ومجالس الذكر والمساجد، وسبل الهداية أينما كانت، فتوفير العلم أصبح ميسورًا بسبب توفير وتطوير الوسائل التعليمية، وقد لا تكون المعرفة كافية وحدها لتوجيه الأبناء نحو الخير، ما لم يصاحبها التوجيه والتعليم المستمر والتذكير الدائم، فهناك أمور وموانع كثيرة قد تحول الإنسان لعدم الوقوع في المفاسد والانحراف للوقوع في الباطل والخطأ، مثل الغفلة والاستسلام للأهواء والشهوات والمغريات، وقد يقع البعض في الخطأ وهو يعلم بأن ذلك خطأ فيحتاج إلى توجيه وتذكير مستمر لعدم الوقوع فيه. ومن هنا جاءت أهمية وضرورة التوجيه والتذكير.

إذاً على الأباء أن يوفروا سبل التوجيه لأبنائهم، وعدم الاكتفاء بالعلم والمعرفة فقط، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) عن قول الله تعالى: (قو أنفسكم وأهليكم نارا) فكيف تقي أبناءك؟ تأمرهم بما أمر الله به، فإن أطاعوك فكنت سببًا لهدايتهم وقد وقيتهم عن الوقوع في الأخطاء والمفاسد والانزلاق إلى الانحراف، وإن عصوك كنت أديت ما عليك من التوجيه والواجب المكلف به، فقد قال أحد رجال المسلمين: أنا عجزت عن نفسي فكلفت أهلي، فقال رسول الله (صلى) لهذا نزلت هذه الآية قائلًا:(حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك) ومن المؤسف أن ييأس البعض عن توجيه وتذكير أبنائهم، فالتوجيه والتذكير بالخير أمر ضروري لا بد منه، بل ينبغي أن يكون مستمرًا من قبل الآباء وبأساليب متنوعة، فإذا كان أبنك لا يصلي أو لا يحضر الجماعة مثلًا فلا تيأس من تذكيره وتوجيهه عبر الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة أو فكرة ترغيبه لحضور صلاة الجماعة، عبر حث العلماء والمراجع عليها، والمشاركة في الأنشطة الدينية والاستمرار عليها.

إن زرع بذرة الخير أيها الأباء في نفوس الأبناء عملية دائمة، تبدأ من الطفولة ولا تنتهي عند الكبر، فعن الإمام الصادق(ع)( أمر الصبي بأن يتصدق بيده بالكسرة والقبضة والشيء) فعندما يعطي الأب ابنه الصغير مبلغًا من المال، ويأمره بأن يعطيه الفقير، سيكون لهذا التصرف أثر كبير وعظيم في نفسه، فيسلك من خلاله البذل والعطاء في فعل الخير، والاهتمام بمعاناة الفقراء والضعفاء وأصحاب ذوي الأحتياجات، فمن هنا التوجيه وتذكير الأبناء على نحو التذكير والتوجيه الدائم المستمر دون الاكتفاء بالمعرفة والعلم، فقال الله تعالى(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)

فعلى الأباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم في فعل الخير وتأدية الواجبات الدينية الواجب تكليفها، لتكون الموعظة لها الأثر البالغ في نفوس الأبناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى