بشائر الوطن

هل ينعش التراث المسرح السعودي ؟

عدنان الغزال : الدمام

طالب مسرحيون سعوديون بالاتكاء على القصص التراثية أو الشعبية أو الشخصيات التاريخية لتقديمها على خشبة المسرح برؤية معاصرة تستفيد من الإمكانيات الكبيرة والتقنيات المتطورة، بما يصنع الإبهار الذي سينهض بالمسرح السعودي وينقله إلى آفاق أرحب.

وشدد هؤلاء على أن المسرح السعودي استفاد في أحايين كثيرة من تلك القصص التراثية الشعبية منذ بداياته في مسرحية «العزوبية» التي قدمت في عام 1972 والتي ألفها خالد الحميدي، وأخرجها حسن العبدي، موضحين أن كثيرًا من المسرحيين السعوديين الذين عملوا في هذا المجال اقتبسوا من القصص التراثية والشعبية ومن الشخصيات التاريخية وقدموها على خشبة المسرح.

صنع الإبهار

رأى مسرحيون سعوديون حاليون أنه يمكنه الاتكاء على نجاح التجارب السابقة وإعادتها كمسرحيات تقدم برؤية حديثة معاصرة، مع الاستفادة العظمى من التقنيات الحديثة بما يثري العمل المسرحي ويوظف القصص والحكايات والمواقف والصفات والتجارب فيها، ومع قبول ورسوخ تلك القصص في أذهان المتلقين يمكن محاولة إسقاط التجارب المعاصرة عليها أو إسقاط تجارب القصص المعاصرة على الحكايات التراثية.

موروث

أبان المسرحي السعودي، سلطان النوه، أنه مُنذ مطلع الثمانينيات الميلادية، كان هذا النوع من المسرح هو سمة العروض المسرحية في الأحساء، وهو ما أعطى المسرح في الأحساء اختلافًا وتفردًا عن بقية مسارح المناطق الأخرى في المملكة، وقال «بدأ الأمر بشكل جدي مع الكاتب والمخرج المسرحي عبدالرحمن المريخي -رحمه الله-، حيث اتكأ على الموروث الشعبي، وبنى أعمالا مسرحية انطلاقًا منه، ومن هذه الأعمال: مسرحية «احتفالية أبي تمام»، و«حكاية ما جرى»، و«الحل المفقود»، إضافة الى إخراجه لمسرحية «شدد بن عنتار»، وغيرها من الأعمال التي تستحضر الحكاية الشعبية، وما تحويه من أحداث وتحولات مع دخول الإيقاعات الشعبية واستغلال الفلكور الشعبي من حركة وملابس وأدوات تخدم الحالة المشهدية.

تجارب خليجية

أضاف النوه أن الأمر لم يقتصر على المريخي فقط، فقد تأثر به المخرج المسرحي السعودي علي الغوينم -رحمه الله-، فأكمل بإخراجه مجموعة من الأعمال التي كتبها المسرحي السعودي عبدالعزيز السماعيل منها «الصرام»، و«موت المغني»، فيما أخرج الغوينم كذلك مسرحية «رسائل الشرقي» التي كتبها عبدالرحمن المريخي، وأخرج زكريا المومني مسرحية «طرفة على الجسر» التي كتبها عبدالعزيز السماعيل.

ولفت النوه إلى أنه خليجيًا هناك تفرد وتميز في هذا النوع من المسرح لدى المسرحين الإماراتي والقطري، ويُعد هذا النوع متنفسًا لطقوس شعبية وقصص وحكايا لا يعرفها الجيل الحالي، وترسم أشكالاً مسرحية إخراجية مختلفة ومميزة يتفاعل معها الجمهور.

منطقة خطرة

يحدد النوه مواصفات خاصة للكاتب القادر على كتابة الموروث الشعبي كعمل مسرحي، وقال «الكتابة في هذا الموروث هي منطقة خطرة ولا يمكن قبول العبث بها، ولهذا فأنا أتصور أن الكاتب الذي سيتصدى لهذا النوع من الكتابة يفترض أن يكون قد عاش تلك الفترة القديمة أو تأثر بها من خلال قربه من مصادرها، وأن يكون لديه خلفية مسبقة بالمورث الشعبي، ويظهر ذلك حتى في البناء الحواري والشعري والمقاربة ما بين ما هو قديم وحديث».

وتابع شخصيًا، أنا متأثر جدا بهذا النوع من المسرح، وكان لدي تجربة أولى بمسرحية «للحكاية بقية»، والتي مثلنا بها المسرح السعودي في مهرجان مسرح الشارع بالعراق، وهي عبارة عن نص مسرحية «حكاية ما جرى» للمريخي، وأطمح إلى تقديم تجارب مستقبلية بعد محاولتي جمع مزيد من تفاصيل الثقافة الشعبية التي أحاول لملمتها من عدد من المصادر الحية والمسجلة.

مليئة بالعبر

بدوره، أكد المسرحي السعودي، طاهر البحراني، أن القصص التراثية والشعبية جميلة ومليئة بالعبر، وتشعر الكاتب والمتلقي بالدخول إلى ذلك العالم والاستمتاع بتفاصيله، وقسم البحراني نظرة الناس إلى الأعمال التراثية إلى ثلاثة أقسام، أولها ينظر إليها بتقدير زائد، وثانيها، لا تُعطى قيمتها المناسبة، وثالثها تلك التي يمكن أن تنعكس على واقعنا الحالي.

وأوضح أن إعادة صياغة الموروث في أعمال مسرحية يتطلب عدة أمور، في مقدمتها أن يلتزم الكاتب بعدم الإخلال بالخط الرئيسي للقصة الأصلية، وأن يتمتع بالوعي، بحيث يحدد ما هي الأعراف والمعتقدات التي تحتويها القصص التراثية وما المناسبة منها لواقعنا اليوم، وألا يتعامل معها على أنها نصوص جامة، بل هي نصوص تقبل التعديل والإضافة، وحذف شخصيات ومواقف، وأن يستغل الإمكانيات المتطورة حاليًا لصنع الإبهار، وألا يعيد إنتاج العمل بنفس الأدوات والآلية السابقة لأن تقديم العمل سابقًا جاء متوافقًا مع الإمكانيات البسيطة التي كانت متاحة في وقته، والتي تغيرت كثيرًا بحيث، بات من الممكن تقديمه على نحو مختلف مع الاستفادة من التطور التقني الذي يعزز إمكانية تحقيق الإبهار.

شروط ليستفيد الكاتب من التراث في المسرح

1- عدم الإخلال بالخط الرئيس للقصة الأصلية.

2- الوعي بضرورة مناسبة ما تحتويه بعض قصص التراث من أعراف ومعتقدات مع واقعنا اليوم.

3- تعامل الكاتب والمخرج مع النصوص التراثية بوعي التعديل والإضافة، وحذف بعض الشخصيات والمواقف.

4- استغلال الإمكانيات المتطورة حاليًا لصنع الإبهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى