بشائر الوطن

الأربعين بكل لغات العالم


آمنه الهاجري، كمال الدوخي – الدمام

 

حان آذان الأربعين، فلبى النداء حجاجاً ومصلين، على الأقدام من كل بلاد العالم، الرؤوس معصبة باسم الحسين، والراية على الأعناق محمولة، والأرواح بفيض الماوراء موصولة، إلى عراق العاشقين، عراق عليٍ والحسين، بكل لغات العالم خاطبوا أبا الأحرار.

في عادة سنوية، ممتدة منذ استشهاد الحسين عام 61هـ، لا زال شيعته ومحبيه من كل الديانات والأعراق والإثنيات، يسعون إلى مرقده في ذكرى الأربعين.

 

فقد زار عالم اللاهوت المقارن في جورجيا القس ” مالخاس سونغيولاشفيلي ” مسجد الكوفة المعظم ومرقد سفير النهضة الحسينية مسلم ابن عقيل عليه السلام, ليتوجه بعد ذلك إلى كربلاء المقدسة سيراً على الأقدام، حيث اطلع القس على المعالم الأثرية والتاريخية للمسجد ومركز حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام، مؤكداً أن الهدف من زيارته والاطلاع على الأماكن المقدسة، تثبيت أواصر الوئام والإخاء بين الطوائف والأديان، لما كان للمسيحين من نصرة وثقة وإيمانٌ بما قام به الإمام الحسين عليه السلام لأجل الإنسانية.

كما وصل “سونغيولاشفيلي” رجل الدين المسيحي كربلاء يوم السبت للمشاركة في إحياء أربعينية سيد الشهداء، كاشفاً عن موارد ذكر الحسين في الإنجيل، مؤكداً أن “العدالة والإسلام انتصرتا بتضحية الرجل العظيم -الإمام الحسين عليه السلام-” كما أكد على قناعةٍ مطلقة أن – ذبيح الفرات- المذكور في الإنجيل هو الإمام الحسين عليه السلام.

 

وحضر من الولايات المتحدة “جان شاك” رئيس احدى الكنائس الأمريكية، كربلاء زائراً ليطلع على هذه الممارسة العبادية ومن أجل أن يوثق هذا الحدث العالمي، قطع فيها مسافة تزيد عن مئة كيلومتر سيراً على الأقدام؛ ليرصد هذا الحدث لحظة بلحظة وهو ما ولد لديه انطباعاً إيجابياً بكل ما رآه في طريق الزائرين.

وقال “كان هناك اشتباه من قبل الأمريكيين تجاه الإسلام، كان يُصور الإسلام بأنه ديانة غير صحيحه وعلى أنه دين العرب، والآن أنا وثقت الممارسات الدينية التي يُقيمها المسلِمون، والتي مَثَلَت قيم الإنسانية، إذ سأقوم بنقل ما شاهدته إلى الشعب الأمريكي في الخطبة التي ألقيها يوم الأحد من كل أسبوع “.

وتحدث من لبنان القس اللبناني عن تجربته لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وعن خدمة العراقيين الأبطال على درب المشاية، حيث أعرب عن شعور الفخر الذي انتابه بمجرد أن وطئت قدماه أرض النجف، وَقال ” في مشهدٍ مختلف كلياً، كأنما رُكنت كل الكتب جانباً، وَمَثُلتُ أنا أمام مُشَاهَدة مُختلفة عن أي وضع آخر، إذ لم أرى يزيداً، يزيد لم يكن موجوداً فالوجود كل الوجود كان (لخدمة الحسين).

وذكر أن – خدمة الحسين – هي العبارة الوحيدة التي كان يسمعها طوال إقامته، وأن الخدمة بالمفهوم المسيحي هي من أولى الصفات التي يتتلمذ الإنسان بها ويتقدم روحياً.

وأشار إلى أن أبعاد الخدمة بكربلاء كلها حاضرة، ابتداءً من مسح الأحذية إلى الاهتمام بك طبياً وروحياً وتوفير الاستشارات والفتاوى، بل كل ما يخطر بذهنك.

 

ومن الكويت، حيث وصل آلاف الكويتيين الشيعة إلى العراق للانضمام إلى المواكب المشاركة لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحُسَين، في مدينة كربلاء يوم الأثنين، والتي تتوج أربعين يوماً من الحداد بعد ذكرى عاشوراء، وكالعادة السنوية يُشارك الموكب الكويتي للمرة الثامنة لعزاء الأربعينية والدخول إلى حرم الإمام الحسين، ثم حرم أبي الفضل العباس عليهما السلام. جنباً إلى جنب مع المواكب المشاركة في الأربعينية. ويتجمع الكويتيون في كربلاء بشارع القبلة بموكب أهالي دولة الكويت، تحت اسمِ موكب بقية الله الأعظم.

كما زلزل “البحارنة” كربلاء بموكب عزاء أذهل الحشود المليونية بعدده الذي ضم آلاف الشباب، بحسن تنظيمة، وقوة أداءه، الذي استغرق أكثر من ساعة، حيث توقفت الحشود مذهولة، باكية، مشدودة الأبصار للمعزين، فيما استمرت إدارة العتبة بـ إظهار اعجابها واصفةً البحرين بـ «كربلاء الصغرى».

وأقامت السفارة التركية بالعراق موكب عزاء بمناسبة أربعين الحسين (ع)، يُشَارِك فيها السفير التركي فاتح يلدز، حيث يقوم بتقديم الطعام على الزائرين بنفسه. ومن الجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يشارك فيها السفير التركي لإحياء الأربعين.

كما كان للحضور النسائي طابع آخر، حيث تصدر صور المصورة البريطانية إيميلي، والتي حضرت بكاميراتها على (درب المشاية)، كما ذكرت بأنها حصلت على تصريح من مكتب أية الله العظمى السيد علي السيستاني؛ لإدخال كاميرتها للصحن الحسيني.

وذكرت إيميلي، أنها عاشت تجربة رائعة، وأن نظرتها للعراق أصبحت مختلفة تماماً،  وذكرت في مقالٍ لها ” لقد حان وقت الكشف عن رواية العنف و الحرب لهذا البلد إذ لم يكن كما صوره الآخرون لنا .. أنه حقاً الحب والسلام ”

 

ومن جانب آخر تتوافد مئات الآلاف من سيارات الزوار الايرانيين، الباكستانيين والأفغان في مدينة أيلام الإيرانية على الحدود مع العراق بمناسبة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام).

وفي طريق العشق تشهد أرض كربلاء زحفاً جماهيرياً يسجل فيه العلامة السيد منير والشيخ جواد الخليفة حضوراً واضحاً في طريق المشاية.

ومن جانب آخر وعلى مشارف الطريق طبيبة من مصر توزع “البركة” لزائري أبي عبد الله الحسين (ع)، كما سجلت البراءة مظهراً جمالياً على ذاك الطريق، بجواب الطفل الذي سُئل أين الحسين: “هذاك هو ما تسمع صوته” أنه يستمع نداء الحب النابض في الأنحاء. وتسير أكبر رايه في طريق أبا الأحرار كُتِب عليها “اللهم يا رب الحسين إشف صدر “الحسين بظهور الحجة “.

 

وعلى مستوى الأطعمة الغذائية، يُشارك موكب ومضيف آل ياسين (ع) الإحسائي بتقديم وجبة الشاورما مع الفاكهة والمشروبات وفق الاشتراطات الصحية وَالغذائية وبإشرافٍ مباشر من هيئة الموكب.

 

الجدير بالذكر رغم هطول الأمطار استمرت جموع الزوار بالزحف لتعلن للعالم أجمع مواساتها للمظلومين ورفضها للظلم في كل زمانٍ ومكان.

 

تصوير: سيد باقر الكامل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى