أقلام

ثلاثة إصدارات للعلامة الشيخ باقر بوخمسين

إبراهيم بوخمسين

تهدي لجنة إحياء تراث العلامة الشيخ باقر خمسين، ثلاثة كتب للعلامة الشيخ باقر بوخمسين إلى المكتبة الأدبية والعلمية، منها كتابٌ محقق من قِـبَل العلامة الشيخ حسن الشيخ باقر بوخمسين، رحمه الله والآخران بتحقيق سماحة الشيخ عبدالله الشيخ حسن بوخمسين حفيد المؤلف.

كتابان منهما في الحقل الأدبي، هما: مودة الآل في الأدب العربي (أو بما يعرف بأثر التشيع في الأدب العربي)، والآخر نظرات في الكتب والصحف.

أما الكتاب الثالث فهو كتاب علمي وأخلاقي، عنوانه (أخلاق القرآن).

مودة الآل في الأدب العربي:

هذا الكتاب هو أول كتاب يصدر في حياة العلامة الشيخ باقر بوخمسين. ولتأليفه سبب بينه الكاتب بأسلوب أدبي أخلاقي رفيع، يدافع فيه عن أدباء الشيعة وشعرائها. ويبين الكتاب إلمام سماحته بمستجدات الساحة وأحداثها في عصره. بدأ الكتاب بمقدمة رائعة ووافية للمحقق، وحظي الكتاب بتقديم جميل لآية الله العلامة الشيخ عبدالهادي الفضلي، وكان ذلك بطلب من الشيخ حسن الذي حاول إعادة طبع الكتاب إبان حياته.

ألْحقت بالكتاب دراسة وافية للكاتب الأديب عبدالله الرستم، والتي سلط الضوء فيها على أمور عدة مما تضمنه الكتاب.

وخضع الكتاب للمراجعة والتدقيق اللغوي من قبل الشاعر حسن الربيح وهو من قام بإخراجه.

ويتكون الكتاب من ثلاثة أبواب وملحق. جاء الكتاب بالحجم الوزيري في 224 صفحة.

نماذج من الكتاب:

أم العباقر: هناك شيء آخر أحب أن أقوله لك، وإن قاله لك التاريخ قبلي، ونطقت به كتب السير والتاريخ والآثار، وأتى به المؤلفون، أحب أن أدلي لك بأيادي أمراء الشيعة ووزرائها، على الأدب العربي وعلى العلوم والفنون والأخلاق، خذ الفاطميين فسل الأزهر من شاده، ومن جعل فيه الأروقة للبحث والتدريس، ومن أجرى فيه الأرزاق على الطلاب؟ وسله لمَ شيد؟ هل كان بانيه يقص شيئًا غير أن يشيد صرحًا يدعم به كيان الدين؟ وهل يروم شيئًا غير أن يشد من أزر الأمة العربية، فحق لها أن تقول هذه آثارنا تنطق عليكم بالحق إن كنتم تفقهون.

خطباء آخرون، وأخريات: وهناك خطباء آخرون، ممن زانت بهم أعواد الخطابة، وحلوا بكلماتهم صفحات الكتب من القدماء والمحدثين، أمثال حبر الأمة عبدالله بن عباس، وأمثال ذي اللهجة الصادقة أبي ذر الغفاري، وأمثال الطرماح وغيرهم، ممن ناضلوا عن الحق، ودافعوا عن حوزة الدين ورفعوا راية الهدى بأيدٍ من حديد.

وكذلك من النساء: ومنهن الزرقاء بنت عدي بن قيس الهمدانية، وعكرشة بنت الأطرش، وأم الخير بنت حريش البارقي.

الشاعر “الخباز البلدي”: يقول عنه ” صاحب اليتيمة “: ومن عجيب شأنه أنه كان أميًا وشعره كله ملح وتحف، وغرر وطرف، ولا تخلو مقطوعة له من معنى حسن أو مثل سائر”

أنا إن رمـــت سـلــوًّا … عــنك يا قرَّة عـيـني

كنت في الإثم كمن شا …

رك في قـتل الحسينِ

لك صولات على قلبي … بــقـــدٍ كـالــــرديـني

مثــل صــولات عــلي … يـــوم بـــدر وحنـين

جدير بمن يهتم بهذه الأمور الاطلاع على هذا الكتاب الذي جاء بحلة جديدة وجميلة.

نظرات في الكتب والصحف

يقول المؤلف في إطلالته: لستُ أدري ما الذي حبب فيَّ الصفوة من الأدباء، والنخبة من أبناء العلم، حتَّى مزجوني في أحضان هذه الحلبة، وجعلوني أحد أفرادها؟!.

يبين هذا الكتاب المشاركات الواسعة للعلامة الشيخ باقر بوخمسين في الصحافة والمجلات العصرية التي كانت تعنى بدعم أسس العقيدة الدينية، والأخلاق الإسلامية، ومحاربة الطائفية، ودعم اللحمة الوطنية، حيث اتخذها وسيلة، فقد كانت إحدى قنواته نحو القراء وهي ما تشهد له المجلات العراقية واللبنانية الصادرة آنذاك.

وستلمس خلال قراءتك للكتاب وتصفحه رصد الكاتب لما يدور حوله من كتب وصحف ومقالات وموسوعات، ثم لا يفوته من التعليق عليها والتحقيق فيها تارة من باب الدفاع وتارة للتقريض والمدح والتشجيع.

جاء الكتاب في 30 مقالة، كقراءة في كتاب، أو تقديمات لكتب، دراسات ومقالات أدبية ونقدية وأخرى دعوى للعمل الاجتماعي ولتأسيس نوادٍ أدبية وغيرها من الموضوعات المختلفة. ورصدت مقالات الكتاب ما بين عام 1360 إلى 1412 هـ.

جاء الكتاب في 230 صفحة بتقديم من سماحة الشيخ الدكتور محمد جواد الخرس، ومقدمة للمحقق سماحة الشيخ عبدالله الشيخ حسن بوخمسين.

نماذج من الكتاب:

نظرة في كتاب الغدير: نعم أيها المولى، فرغت من دراسة الجزء السادس من هذا المنهل مع أولئك النفر الذين أسحرْتـَهم ببيانك، وسلبت أفكارهم بحسن أسلوبك وقوة حجتك، فكان لا هم لهم إلا أن يأتي الليل، ويرخي سدوله ليعود الاجتماع حتى يغترفوا ما يشاؤون من هذا الغدير العذب، والسلسال الروي، فكلما قرأت صاح الجمع بلسان واحد زدنا، وأترع.

جاءت هذه العبارات في كلمة جميلة وجهها سماحته للعلامة الأميني صاحب كتاب موسوعة الغدير.

حاجاتنا إلى النوادي الأدبية: إنَّنا اليوم في حاجة إلى إفهام الآخر أنَّ الكفاءة التي كان يحملها سلفنا الصالح لم تذهب، وأنَّ الشعلة التي كان سلفنا يضيئ بها الطريق للعالم لم تنطفئ، والمثابرة على طلب العلم، والرقيَّ إلى الفضيلة التي كانت عندهم باقيات بقاء الدهر، إذن نحن بحاجة إلى إرجاع ذلك العهد الزاهر، وإذا كان ذلك الدور يحتاج في بثِّ روح الفضيلة، ونشر بضاعته العلميَّة لتهذيب الناشئة إلى منبر وخطيب؛ فمنبر هذا الدور هو الصحف وخطيبه هي الجمعيَّات.

إنَّ الجمعيَّات اليوم أصبحت صاحبة الشأن الأوَّل، والحجر الأساسيَّ في كيان الأمَّة، وهي الدعامة الأولى في معرفتها، والنهوض بها إلى السلم الذي تريده، وهي عنوان تقدُّمها في المعارف.

الشيخ الشاعر والغزل: وكم حدَّثنا التاريخ عن علماء كانوا آية في التقوى، والزهد، ونبذ زخارف هذه الحياة؛ كانوا إذا جلسوا في مجالسهم الخاصَّة بلبلَ النادي، فترى فيهم خلاعة (ابن هاني)، ومرح (البحتري)؛ وما سرُّ ذلك إلَّا ما قلناه سابقًا. ورحم الله من يقول:

غيرَ أنِّي رُمتُ نهجَ الظُّرَفا … عفَّةَ النَّفسِ، وفسقَ الأَلسُنِ

نعم، طرق شاعرنا باب الغزل، وأجاد فيه، فتراه إذا وصف لك ابنة العنقود أبرزها لك في صورة تركتك تزدري فيها شهب السماء، فاسمعه مخاطبًا الساقي بقوله:

ألا فاســقٍ بــتكرار … لكَ المـنَّة ساقـــيـها

فما أحسن من كأس … إذا جــئـت بـثانـيها

زمانا ما شــربـناها … على صوت غانيها

حــــبــاب مــا أرى … أم تــلــك دراريـها

ولا يعلم بالأشـواق … إلا مــن يــقاســيـها

هل العــيـش سوى … ولحــن من أغـانيها

أخــلاق الــقـــرآن:

لهذا الكتاب قصة لا تخلو من الطرافة، ولكنها مؤلمة في الوقت نفسه، وقد جعلت مؤلفها يذرف الدموع عليه. لن أسردها هنا فسأتركها للقارئ عند اقتنائه لهذا الكتاب.

أنا أشْــكُو إلــيك فــقْــدَ نَـديـمٍ … قد فـقَـدتُ السُّـرورَ منـذُ تولَّى

كان لي مُؤنِسًا يُسلِّي هُمومي … بأحاديثَ مِن مُنى النفسِ أحلى

يتكون الكتاب من جزأين، الجزء الأول: الفضائل، وأورد فيه علامتنا ” 32 ” فضيلة من فضائل الأخلاق. والجزء الثاني هو ” الرذائل” وأورد فيه “34” رذيلة.

يأتي الكتاب في 442 صفحة، بتقديم جميل ووافٍ من سماحة الشيخ الأديب يحي الراضي. وتقديم آخر لسماحة الشيخ عادل بوخمسين، ومقدمة للمؤلف.

مخطوطة الكتاب تعود لسنة 1365 هـ، والتي عمل العلامة الشيخ حسن بن الشيخ باقر بوخمسين على تحقيقها، وبتظافر جهود كل من شيوخ الأسرة الكريمة فضيلة الشيخ عبدالله، وفضيلة العلامة الشيخ حسين، وفضيلة الشيخ عادل، تم إخراج هذا السفر القيم إلى النور.

ومما جاء في جزء الفضائل في فضيلة العدل:

ليس العدل أساس الملك فقط، بل أساس المدنية، لأن المدنية لا تكون بغير حكومة، والعدل هو الحجر الأساسي لبنائها، يريد القرآن الكريم من الإنسان أن يعرض أمور نفسه وأمور الناس على قانون لا عوج فيه ولا زيغ، ولا محاباة ولا استثناء، وأن يسير أعماله على قانون إلهي لا تبديل فيه ولا تحويل، ومما يدلنا على عظم العدل عند القرآن أن جعله أول الصفات التي هي لله التي أتصف بها، فقال تعالى ” شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ”، ويقول في آية أخرى إنه أوحى شرائعه لعباده على أساس العدل، ليقوموا بالعدل في معاشهم، وهو الذي من أجله أنزلت الشرائع، قال تعالى: ” لقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ”.

وأما مما ورد في جزء الرذائل، في صفة ” التفرق والنزاع ”

ينهى القرآن عن التفرق، ويشدد النكير عليه، إذ به يشتت الصفوف، لأن التفرق في نظر القرآن مدعاة إلى تفوق العدو، ونفوذ سلطته، واستطالة يده العابثة، ولا يكتفي القرآن بالحث على اجتماع الأجسام والقلوب متفرقة والآراء متشتتة، قلوب لعبت بها الأهواء وفرقتها السبل، وكما يقول القائل: ” أجسام حاضرة وقلوب متفرقة” بل يريد القرآن اجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، والاتفاق على هدف واحد.

القرآن ينهى عن الحزبية، فحاربها بكل قوة، وسعى إلى سحقها، لأنه يرى في الحزبية وفي كثرة الأحزاب كثرة الاختلاف وتباين الآراء، وتشتت المذاهب وتفرق الكلمة فيقول: ” تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى “.

الجدير بالذكر أن هذا الكتاب طبع على نفقة المهندس صالح عبدالهادي البقشي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى