أقلام

كورونا .. وحرب الخليج (الحلقة الخامسة)

رباب حسين النمر

في ملجئنا الصغير احتبست الأنفاس، والوجوم يسيطر على وجوهنا المترقبة بعد الهلع.
هل نحن بانتظار أن يستقر الصاروخ العراقي القادم من بغداد على سطح دارنا؟ أو بانتظار أن تهد إحدى شظاياه جدار من جدران ملجئنا؟
بين يدي والدي مسبحة يقلب خرزاتها بين أصابعه، تتجاذبها من يديه أنامل محمد الصغير الذي التجأ إلى حضن الأب الحنون، يمسك والديّ بكفيّ ويرفعهما إلى السماء، ويتمتم لي بكلمات دعاء، ويهمس في أذني: ادعُ الله بلسان لم تعصه به!
يمرر يده الحنون على رؤوسنا ويقول وهو يتأمل ملامحنا المترتجفة خوفًا: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. إن الله حامينا وحافظنا.

وتنجلي غبرة الهلع عن أفئدتنا حين تناهت إلى أسماعنا صوت صافرة الإنذار التي تخبر بزوال الخطر.
ولله الحمد مر الصاروخ دون متاعب أو دمار كيماوي أو خسائر في الممتلكات والأرواح..لقد استقر في عمق البحر مع كل دماره المحتمل كما أُذيع في نشرات الأخبار.

نواقيس الخطر تدق بعنف، والتوتر يكاد يخترق القلوب مع إعلان انطلاق الطائرات المقاتلة الأمريكيةوطيران التحالف الحربي عبر عاصفة الصحراء لقصف بغداد إيقافًا لعنتريات صدام حسين التي أبت تسليم الكويت بعد انتهاء المهلة.
كان فجرًا مخيفًا ومريعًا، وحزينًا زلزل القلوب المترقبة وهيأها لاحتمال أسوأ الظروف.
كان قلبي الصغير مشتتًا بين الإنصات لنشرات الأخبار المخيفة، وبين البكاء والعويل الذي عصف بالمنزل والحي، أراقب من نافذتي تدفق النسوة الباكيات إلى بيت ( عمتي سلامة)، وعيناي تتدفقان بالدموع كلما تذكرت عباراتها الحزينة الجازمة( إذا هجمت مريكا أنا بموووت، ما أقدر أشوفكم ميتين قبالي) قلبها الحنون لم يتمكن من الصمود، فقد توقفت آخر نبضاته حال سماعها نبأ انطلاق عاصفة الصحراء!

يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى