أقلام

داء السكر ومآدب الدعوة بين رفع العتب والحفاظ على الصحة

 

أمير الصالح

في مجتمعنا الخليجي، تقريبًا لكل مناسبة هناك انعقاد مأدبة غداء أو عشاء. ويكون طبق وليمة الرز باللحم هو سيد الأطباق على المأدبة. والملاحظ أنه: كم وكم من الدعوات للموائد تم الاستجابة لها ليفاجأ المدعو من حملة داء السكري بأن كل الأطباق المقدمة على طاولة الطعام مشبعة بالسكر أو النشويات، وهي أطباق مضرة بصحته! وكأن لسان حال داعيه أنه أولم من أجل الوليمة أو استجابة منه لأعراف وعادات اجتماعية معينة، أوتجنبًا للانتقاص من حقه ووجاهته. ولا يكترث الداعي بتوافق أطباق الطعام مع صحه المدعوين من حملة داء السكري المميت. وإنما جُل هم المدعو هو رفع العتب عن نفسه وسد حلوق بعض الملحين عليه بعقد الوليمة أو التماشي مع الأنماط والأعراف الاجتماعية السائدة.

إذا كنت أو من يعز عليك من حملة داء السكري ودعيت لمادبة طعام، فالسؤال المستحق هنا: ماهي الخيارات المتاحة للمدعو من حملة السكري في التعاطي مع الدعوة لحضور مأدبة طعام في أيام شهررمضان وفي الأيام المعتادة ؟ وما أفضل الخيارات في طرق المعالجة دون أي إحراج أو انعزالاجتماعي؟

بعقد عصف ذهني وتمرير عدة سيناريوهات تشمل طبيعة العلاقة بين المدعو والداعي للمادبة، نرى أن التالي هي الرود المحتملة:

١- الاعتذار من الاستجابة. هو أسهل الطرق، ولكنه حل غير مجدٍ لأنه مع تقادم الأيام يفرز شيه برود أو قطيعة أو يُضعف علاقة قائمة لتكرار نفس الاعتذار مع الجميع عند وصول دعوات لحضور مناسبات تشمل الإيلام وتقديم الطعام. وهذا حل غير عملي إلا إذا تعارضت الجداول في المناسبات أو لعدم تواجد الانسان في ذات المكان في وقت انعقاد المناسبة.

٢- الالتحاق بمكان الدعوة بعد انتهاء الضيوف من تناول الطعام، والالتحاق بهم وقت احتساء القهوة والشاي. وهذا الفعل قد يشكل ربكة وضغط على الداعي لعدم معرفته المسبقة بسبب التخلف عن الاستجابة للدعوة من قبل هذا المدعو أو ذاك. وهذا أيضًا قد يثلم أو يسبب تصدعًا في العلاقة أو إعطاء صورة قاتمة في التعامل مع الوقت وإدارته من قبل المدعو.

٣- الحضور مبكرًا وإبداء التهنئة بالزواج أو السلامة من العملية الجراحية أو التبريكات بالتخرج وإن لم يكن الطعام مناسبًا لصحة المدعو فيمكنه الانسحاب دون ان يشعر به أحد. وهذا الخيار قد لا يتناسق مع كامل روح الاستحباب في استجابة الدعوة.

٤- الحضور مبكرًا وإبداء التهنئة بالمناسبة، ثم الاكتفاء بتناول ما يتوافق وبرنامج المدعو الصحي، مثل تناول السلطة والشوربة والإدام ( بروتين اللحوم البيضاء والحمراء)، وتجنب الطعام غير المناسب لصحة حمية المدعو وبرامجه. وهذا الخيار يتناسق مع الاستحباب في استجابة الدعوة والمحافظة على أمانة صحة البدن ويعزز مفهوم الأكل من طعام الآخرين.

٥- إذا كان حجم الشفافية والميانة والمكاشفة بين المدعو والداعي طيبة وكبيرة، فمن الجيد أن ينبه المدعو الداعي بأنه من مرضى السكري وملتزم بتجنب بعض الأطعمة ويفضل أطعمة صحية معينة. وبهكذا مصارحة يستمتع المدعو بالاستجابة ويشارك الحضور وجوده طوال فترة المناسبة.

هناك بعض الدعوات التي يكون الحضور فيها شبه إلزامي للموظف مثل حفلات الشركة أو دعوات موجهة من ذوي صلة الرحم بالدرجة الأولى أو مآدب العزاء. هنا من الجيد أن يعقد مريض السكري وصاحب الحمية الغذائية تدارس ذهني مع نفسه لأفضل الطرق لمجاملة المدعو بالحضور وعدم إثارة فضول البعض عند عدم تناول الطعام أو الاكتفاء. بالخضار إن توافرت ،ويمكن للمدعو أن يتناول وجبة غذاءه قبل حضور الدعوة بوقت قصير ويكتفي باحتساء الشاي والقهوة.

في شهر رمضان المبارك عند استقبال دعوة الإفطار من أحد الداعين، فمن الجيد المعالجة لطريقة التلبية بمزيج من تلكم الخيارات المذكورة أعلاه طبقًا لنوع العلاقة بين المدعو والداعي.

من الجيد أن يكون الداعي للمأدبة ملتفتًا ألى موضوع وقت تقديم الوليمة أو الإفطار كما هو ملتفت لاختلاف الأذواق ومرضى السكري. فليس من العدل معاقبة الواصلين لمكان انعقاد الوليمة على الوقت ومكافاة المتاخرين بانتظارهم أكثر من اللازم. فالبعض لديهم مواقيت للأكل وبعدها لا يأكلون حتى دخول اليوم التالي. فمثلًا البعض بسبب مرض السكر أو الحمية يحجبون أنفسهم بعد الساعة التاسعة مساءً من الأكل. وهناك من الناس من لا يستطيعون الانتظار بعد دخول وقت الإفطار في شهر رمضان بأكثر من نصف ساعة. وختامًا أتمنى للجميع دوام الصحة والسعادة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى