أقلام

احذر من الوقوع في فخ (مجّانًا)

رباب حسين النمر

كالرحيق له رائحة مميزة، يصنع جذبًا للنحل وإغراء، حتى إذا ما تجمهرت وسقطت في الزهرة المتوحشة أغلقت فمها وابتلعتهم، تغريهم بقرص العسل والغذاء اللذيذ المجاني، ثم توقعهم في الفخ!
هو ذاته السيناريو الذي يتكرر مع كثير من الإعلانات المغرية التي يسيل لها لعاب المتلقي، فينساق وراءها كمن يسير تحت التنويم المغناطيسي دون أن يفكر في أسبابها، ومدى مصداقيتها، والمقابل الذي يحمله إياها الطرف المُعلٍن، وهل تستحق بالفعل أن يقصدها المرء ويصرف جهده ووقته في سبيل الوصول إليها، مع العلم بأنها قد تكون مجرد سراب، وفخ لاصطياد المكاسب من وراء هذه المجانية الملتوية.

قد يصادفك شخص عند مداخل المحلات التجارية الكبرى أو المجمعات التجارية، ويغريك بتسجيل اسمك ورقم هاتفك للفوز بجائزة مجانية، فتنساق وراءه وتسجل معلوماتك، ليلاحقك المندوب باتصالات ملحة ومتلاحقة، قد تقطع عليك وقت انشغالك وراحتك، فتزعجك، وعندما تستجيب وترد يدعوك المندوب للحضور مع عائلتك إلى مكتب في موعد محدد، وفي المكتب يعرض عليك (بريسنتيشن) طويل وممل، للاشتراك في برامجه مقابل خصم نسبة مئوية، وليس مجانًا، أو الإقامة في أجنحة بائسة في مدينة تبعد عن محل إقامتك أربع ساعات بالسيارة، فتتبخر المجانية، لتتفاجأ بأنك قد خسرت وقتك ووقت عائلتك، وتجشمت عناء الحضور لتعود بخفي حنين، ولم يكون الموضوع بالنسبة إليك مجانًا، بل في مقابل خسارة الوقت والجهد.

وليس عنه ببعيد إعلانات بعض الجمعيات إلى دورات وورش تدريبية مجانية في ظاهر الأمر، ولكنها في الواقع تسعى لتوفير موارد بشرية وتسخيرها واستغلالها لتنفيذ برامج تخصها، وتشترط على المنضم إليها الالتزام بتنفيذ برامجها، مع حرمانه الاستفادة والتطبيق من البرنامج الذي يعده هو، باعتباره محتكرًا على المؤسسة أو الجمعية.

وكذلك الكثير من الإعلانات التجارية التي تريد التخلص من مخزونات اقترب موعد انتهاء صلاحيتها، أو تقدم حبة والأخرى مجانًا مع مضاعفة سعر المنتج إلى الضعف، لتكسب وتوهم المستهلك بأن هذه الخدمة مجانية.

ولا يعني ذلك أن بعض الإعلانات لا تتسم بالصدق، بل لها مصداقية حقيقية، ولكن ينبغي الحذر من اختلاط الحابل بالنابل، فاحذروا من الوقوع في فخ (مجانًا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى