أقلام

أحسائيون: وحادث في العراق

عبدالله البحراني

لمحبي أهل البيت ارتباط قوي بالحسين بن علي (عليه السلام)، فزيارته والتشرفُ بالدعاء تحت قبته حلمٌ يتوق إليه الجميع. ويواجه الآباء والأمهات مخاطر كبيرة أثناء هذه الرحلة الإيمانية.1 ولم تمنعهم العوامل الطبيعية، حيث الصحراء القاسية، وحرارة الأجواء وندرة المياه. هذا، مع وسائل نقل بدائية وطريق غير سالكة. ومن الأحداث التي سمعنا عنها قصة ضياع زوار أسرة القطان في طريقهم إلى العراق للزيارة، وذلك في نهاية السبعينات الهجرية بعد الثلاثمائة والأف من الهجرة النبوية.

وفي عام ١٣٩٠هـ، كان هناك عددٌ كبير من زوار منطقة الأحساء في العراق بجوار أبى الأحرار. برفقة ثلاثة من الحملدارية المعروفين، وهم: الحاج عبداللطيف بن عبداللطيف المهنا، والحاج المرحوم حسين بن أحمد البحراني (العراقي)، والحاج المرحوم محمد بن علي بن عيسى البوخضر.
غادر الجميعُ مدينة كربلاء متجهين إلى مدينة النجف الأشرف لزيارة أمير المؤمنين. ولدى كل حملداري (سيارته الخاصة مع زواره). وكانت سيارة كبيرة مكشوفة (مثل التي تستخدم الآن في نقل البضائع)، واتفق الحملدارية الثلاثة على تأجير سيارة رابعة مشتركة بينهم لكثرة المؤونة وأمتعة الزوار.2
وفي أحد أيام شهر ذي القعدة عام ١٣٩٠ هـ كان يوماً ممطراً في الطريق بين كربلاء والنجف الأشرف، وانزلقت السيارة (المشتركة)، وكان ركابها من زوار الحملات الثلاث المذكورة.
فأصيب عددٌ من منهم، وتوفيت امرأتين.3 هم:
1- أمنة يوسف الهميلي زوجة المرحوم محمد تقي البحراني (توفيت).
2- زائرة محمد سعود الحداد، (توفيت)
3- طاهر بن محمد بن عبدالله البحراني، (إصابة)
4- حسين العبادي من قرية القرين، (إصابة)
5- إحدى بنات السيد باقر السيد هاشم العلي، (إصابة)
6- المرحوم جاسم بن محمد السعود الحداد، (إصابة)
7- حسين بن علي البراهيم، (إصابة)
وكانت العادة في ذلك الزمان، أن يوضع في صندوق السيارة (في منتصف سيارات) سقف خشبي، ويوضع تحت ذلك السقف الخشبي المؤونة (مثل أكياس الأرز وحبوب الهريس واللوبا العراقي) مع بقية أمتعة الزوار. ويجلس الزوار المسافرون فوقه. كذلك انتشر (في ذلك الزمان) لدى الزوار صناديق حديدية وخشبية (مزركشة بالألوان) تستخدم لتخزين الأمتعة والهدايا. وعند انقلاب تلك السيارة سقطت تلك الأكياس والصناديق (الحديدية) على الزوار، وكان على السيارة (طربال) بسبب المطر. ويحتمل بأنه (أي الطربال) كان أحد أسباب إصابات الزوار الجسيمة، حيث تم حشرهم بين الطربال والسيارة.4

وحادث آخر توفيت فيه الملاية المرحومة فاطمة بنت حسن المهنا (أم حسن بن علي البو دحيم)، وكانت في طريق عودتها من العراق بعد زيارة سيد الشهداء. وسمعت: بأنها نعت الحسين (عليه السلام) قبل وفاتها بدقائق. وقبرها في مقبرة الشعبة بالمبرز، ويقع (عندما نقف بحيث تكون الغرفة الواقعة في وسط المقبرة على اليمين، وأنت متجه نحو الشرق، فنسير شرقاً حوالي أربعين متراً في الممر الذي يفصل بين القبور. ويقع القبر في جهة الشمال لهذا الممر). وتاريخ الوفاة 1/9/1421 هـ. رحمة الله عليها.

ومن الذكريات القديمة والعادات الجميلة أن الزوار أو الحجاج اعتادوا بأن يوزعوا مبالغ مالية بسيطة على ذويهم من أطفال الجيران والمعارف يوم مغادرتهم تسمى (السلامة). وتتراوح بين الريال وخمسة ريالات، والبعض كان يعطى الكبار أيضاً بهدف إشاعة الفرحة والحبور في نفوس الجميع وخصوصاً الأطفال.
والغريب أننا لم نكن نسمع كثيراً بصدقة الطريق في ذلك الوقت. وكانت في الماضي توضع أعلام على البيوت ترحيباً بالحجاج والزوار بألوان مختلفة، منها: الأحمر والأخضر. وهذه من العادات التي اختفت كلياً.

هوامش:
1. وكان الحاج المرحوم مهدي بو خضر من المتعلقين بزيارة سيد الشهداء. ملتزم بزيارة أبي الأحرار كل عام. حتى في سنوات الحصار والتضييق (خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية).
2. لقاء مع الحاج علي بن ناصر المهنا (أبو عبد المطلب) وكان ضمن زوار تلك السنة.
3. لقاء بالأستاذ عبدالله بن الحاج طاهر السعود الحداد.
4. وفي العام نفسه سقط أحد الزوار من السلم الخشبي أثناء صعود السيارة، وتوفي متأثرا بجراحه نتيجة لذلك. ومكان هذه الحادث قرب (استراحة الزوار) قرب مركز رفحا الحدودي. وفي الطريق أيضاً توفيت الطفلة حميدة بنت المرحوم حسين بن أحمد البحراني (العراقي)، ودفن الجميع في النجف الأشراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى