أقلام

الحلم و الكابوس في إفريقيا

م. أمير الصالح

سمعنا قبل عدة عقود بالحلم الاوربي وسمعنا لاحقا بالحلم الأمريكي وترادف بعده الحلم الكندي والحلم الأسترالي وأخر حلم يتداوله الإعلام هو الحلم النيوزلندي! وكل تلكم الأحلام تتضمن صورة ذهنية جميلة، تدغدغ مشاعر صاحبها وتلامس طموح معظم أبناء آدم في أرجاء القارة الافريقية والقارة الآسيوية. والحلم يتضمن إمتلاك منزل كبير محاط بحديقة غناء وإمتلاك سيارة فارهة والارتباط بزوجة حسناء القوام والمظهر وإمتلاك رصيد بنكي ضخم والعيش في مدينة مترامية الأطراف تسودها الفضيلة وتنعدم فيها الجريمة وذات شوارع فسيحة وجيران محترمين وقانون واضح وعدالة ممتدة وفرص تجارية كبيرة وحفلات صاخبة متعددة ومهرجانات متلاحقة. وقد يكون جزء كبير من الحلم هو مصداق مضمون أحد الأحاديث النبوية الشريفة في ممهدات السعادة للانسان: (من سعادة المرء إمتلاك الدار الوسيعة وحيازة الدابة السريعة والإقتران بالزوجة المطيعة). سعى ملايين البشر من أصقاع الارض من القارات الافريقية والآسيوية والأمريكية اللآتينية نحو القارة العجوز (اوربا) وأمريكا وما زالوا. حتى قيل أن البعض زحف إلى هنالك مبكرا ووفق في تحقيق بعض أحلامه في تلكم المواطن الجديدة في فترة زمنية خاطفة. و آخرون كُثر لم يتحقق لهم ذلك الحلم، فغرقوا في البحر أو غرقوا في الديون وأغرقوا كامل عوائلهم وتبعثرت أحلامهم وتلاشى كل شي.

هل تتبخر الأحلام:

نعم تتبخر الأحلام، لأن بعضها أضغاث وتمنيات وردية وليس إلا. والبعض الآخر منها قد تتحقق وفق معادلات وجودية واقعية وسنن كونية. إلا أن المشهود له هو أن من الاحلام المذكورة سلفا بعضها تحقق وأستمر عند البعض من الناس وبعضها تحقق الحلم ثم تعثر وتوارى عن الانظار على أيدي بعض من الناس والبعض الآخر لم يتحقق البتة وسرعان ما تلآشى حتى الامل في حدوثه يوما ما لاسباب عدة ومنها:

١- عقدة تفوق عرق محدد على الأعراق الآخرى وحب ذاك العرق للسيطرة الكاملة.

٢- تخبط سوق العمل للمستجدين في الأراض الجديدة بناءا على المتغيرات والمستجدات التقنية والإقتصادية أو الابتزاز أو التعقيد المتعمد.

وحديثا شاهدنا ظاهرة بخرت أحلام الآسيويين ومنها:

١- ازمة الإسكان حيث الإرتفاع الصاروخي للإيجارات السكنية.
٢- التضخم في أسعار المواد الإستهلاكية والمحروقات والطاقة.
٣- التجاذبات الأيدلوجية الصارخة بين ابناء الدول الغربية.
٤- بروز تشريعات تمحي سلطة الأباء على الأبناء كليا وتجرم الأباء بسبب غرس مفاهيم فطرية!!
٥- بروز تشريعات محمية قانونيا في بعض الدول الاجنبية مضادة لعقائد عدد كبير من الافارقة والآسيويين واللآتينيين المحافظين.

هل تبخر الحلم الاوربي؟!
الحراك في تلكم الدول العاملة على إستقطاب الكوادر المهنية من شتى الآفاق لسد نقص الايدي العاملة وضمان تدفق مالي لسداد فاتورة التامين الاجتماعي في أوربا و سد فجوة خلل نقص الايدي العاملة في السوق ما زال لم يُحسم وأمتد لبقع عديدة بما فيها استراليا ونيوزيلاندا. وعلى ما يبدو فإن التجاذب بين تيار اليمين وتيار اليسار لكسب اصوات الناخبين، تجاذب طويل الأمد ولا يلوح في الافق إخماد جذوته.

الأفارقة والآسيويون بين المد والجزر:

لعل الإنقلابات الأخيرة في بعض دول افريقيا تنم عن تململ بعض الأفارقة المحرومين من خيرات بلدانهم من الحرمان والسقم في ذات الوقت من الغربة عن الأوطان وضياع الكرامة . ويبدو أن بعض الافارقة عقدوا العزم قُدما على إعتماد معادلة جديدة بميزان جديد وهو إستمطار الحلم في أراضيهم في ظل تبخر الحلم في دار الغربة. والميزان هو قول الامام علي (عليه السلام) : (إنّ أخيب الناس سعياً وأخسرهم صفقة رجل أتعب بدنه في آماله، وشغل بها عن معاده، فلم تساعده المقادير على إرادته، وخرج من الدنيا بحسرته، وقدم على آخرته بغير زاد).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى