أقلام

حكايات من عبق والدي حسين النمر (ج3)

رباب حسين النمر

استوقفتني حكاية هذه البمبوّة العجيبة، فبادرت والدي بالسؤال عن مآثر أخرى للجد محمد الحسين إلى جانب البمبوة، فأخبرني أن
الجد محمد كان اهتمامه ببعض أمور الطب مشهوراً بين الناس، حيث كان يقوم بمعالجة بعض الأمراض، ويقوم بتطعيم أهل المنطقة عندما تنتشر بينهم بعض الأمراض مثل الجدري قبل نشوء وزارة الصحة. وكان يقوم بتجبير الكسور عندما يصاب بها أحد ما.
وكان نشطاً ومحباً لأعمال الخير ويمارس بعض أعمال الطبابة في المجتمع وكان يقوم بدور اجتماعي بارز.

يقول والدي:
(مرت علي هذه الآثار ببيت الأحساء.
وكان الفلاحون يطلقون على الجد محمد لقب (حجي محمد حسين بيده) ولا أعرف سبب هذه التسمية.
ومن الآثار التي رأيتها في البيت، فتحة دائرية تحت باب البيت ولما تساءلت عنها أخبروني بأن هناك (عوا،ثعلب) دخل إلى البيت من هذه الفتحة ليأكل الدجاج، ولما استقر العوا في السمادة قام الجد محمد بالتخلص من العوا بطريقة ذكية حيث دفن موس حلاقة بشكل مائل في المكان الذي يعبر منه العوا، واستفزه ليخرج من السمادة وفي أثناء هروبه قضى عليه الموس فبعج بطنه ومات)
ويواصل حديثه:
(كان الجد محمد الحسين جيد التخطيط للتخلص من العوا حتى لا يأكل الدجاج)

ثم بسطت الحديث حول طبيعة الأحساء قائلة: ( الأحساء نخلة وعين ماء، تحفر في ذاكرة الأحسائي أعذب الذكريات بمزارع النخيل ومواسم التمور وجني المحصولات، وعيون الماء وما لها من قيمة اجتماعية وسياحية، فهل من وقفات كانت لكم في هذا الجانب؟)


قال لي والدي:
(لي ذكريات في أيام النخل ومواسم التين والخوخ والرطب، واستخدام الحمير وسيلة نقل إلى النخل. وذكريات الوالدة في رحلة غسيل الملابس حيث تجمع الملابس المتسخة وتضعهم في (زبيل) ثم تتجه إلى عين الحارّة المشهورة وكانت تطبخ غداء (عيش ولوبة) وبعد أن تنتهي من الغسيل وتنتهي من استحمامنا تقوم هي بالاستحمام، وعندما نخرج من الماء نلتف جميعاً على العشب الأخضر في المنطقة المحيطة بالعين ونجلس تحت ظل نخلة لتناول طعام الغداء، ويسمى (عيش الطلعة) كان لذيذ الطعم جداً حيث كان والدتي طباخة ماهرة من الدرجة الأولى، وكنت على الصغر أدرك بأن طعامها من ألذ الطعام.
وكانت أمي رحمها الله تجتهد كثيراً في الاعتناء بنا وبتربيتنا وخدمتنا. وكانت امرأة مرتبة و(هابة ريح) ونشطة جداً وكنا نعيش معها سعداء جداً.
كان والدي يصطحبني معه إلى النخل حيث يمتطي ظهر الحمار ويردفني خلفه، ونذهب إلى النخل في مواسم التين أو الرطب، حيث توضع تحت النخلة سفرة كبيرة جداً بحدود ثلاثة أمتار في ثلاثة أو أربعة في أربعة، ويصعد الفلاح النخلة ويقص الأعذاق ويرمي بها على السفرة، ثم يجمعون التمر-وهذا بسبب علو النخلة- فينقسم الفلاحون في همة ونشاط إلى مجموعات بعضها يصرم، وبعضها يجمع التمر، وبعضها يرتبه ويچنزه.

والنخل جميل ومريح للنفس ما بين أشجار التين والخوخ والرمان.

وعادة ما ينشئون في النخل جلسات من سعف النخل اليابس يطلقون عليه(العريش) للاستراحة والتظليل من أشعة الشمس، ويضعون فيها وجار لصنع القهوة، ومصخنة ماء التي غالباً ما يكون ماؤها منعشاً لذيذاً وبارداً، فتكون موقع استراحة وجلسة.
يتبع …….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى