أقلام

كيف نطّور شخصياتنا

أمير بوخمسين

اختلف علماء النفس كثيراً في تعريف الشخصية، حتى وصل عدد تعريفات الشخصية إلى أربعين تعريفاً، ويحددها بعض الباحثين على أنها: (مجموعة الصفات الجسمية والعقلية الانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفرد بعينه، وتميّزه عن غيره).
حيث يكبر الطفل، ويشبّ، ثم يشيب.. هذه مراحل النموّ التي يمّر بها كل إنسان في حياته منذ مجيئه إلى وجه الخليقة، يبدأ من اليوم الأول البحث عن هويته وشخصيته، ويتمثّل ذلك في أول حركة تتحرك فيها الرغبة في معرفة ما حوله، واستكشاف ما يحيط به، حتى تبدأ مداركه وأحاسيسه في معرفة الأشياء، ومن ثم مرحلة التعرف والوصول إلى مرحلة التمييز بين الحاجات. هذا التطوّر الذي طرأ على شخصية الإنسان يعد تغيّراً كبيراً في السنوات الماضية، وسوف يحدث تغّير أكبر في السنوات القادمة، بل ستظل الشخصية في تطوّر مستمر.. كما ينمو جسم الإنسان ويكبر ولا يكّف عن النمو الجسدي. فتطوّر الشخصية كتطوّر الجسم يأتي تدريجياً بحيث لا تلاحظه، ولا تحس به.. فكما أنك لا تستطيع أن تلحظ هذا النمو الجسماني، كذلك لا تستطيع أن تحسّ أنك أصبحت أكثر نضجا عاطفياً وذهنياً. وشخصيتك، كما هي اليوم، نتيجة لكل ما حدث لك منذ طفولتك.. فتجاربك وصلاتك مع الناس، كلها لعبت دوراً في تشكيل شخصيتك بالشكل الذي هي عليه الآن، ولكن لن تبقى دائماً كما أنت اليوم، ولست جامداً كالأشياء الجامدة، ولا تاماً قد أنجز صنعه وتم الإنتهاء منه، وإنما هي شيء مرن، قابل للتغيّر المستمر. ولعل مرحلة ما بعد المراهقة هي أنسب الأوقات لكي تلقي نظرة فاحصة على شخصيتك لتحيط علماً بدقائقها، ففي خلال فترة المراهقة تكون متهيئاً لإستقبال الآراء والتجارب الجديدة، متلّهفاً على أن تعبّر عن نفسك إلى أقصى الحدود.. ومع مضيك في النمو تصبح عواطفك واتجاهاتك الذهنية أقل مرونة مما هي عليه الآن. فالناس ميّالون إلى الاستقرار على عادات واتجاهات معينة، بحيث تصبح بعد ذلك راسخة يحتاج تغييرها إلى مجهود مضاعف.. لذلك كان هذا الوقت أنسب الأوقات لتستبين شخصيتك، وتدرك لماذا سلكت في تطوّرها خط سير معين.. حتى إذا أحتاج الأمر إلى تعديل أو تقويم سارعت إلى ذلك مبادراً.

*كيف تطوّر شخصيتك:
1- أن تضع لك هدفاً.. تُحقق من خلاله طموحاتك بدلا من الاستغراق في تفاصيل الحياة الصغيرة وتعقيداتها التي لن تؤدي إلى هدفك. إذ نجد الكثير من أبناء مجتمعنا دون هدف، ولا يعلم ماذا يريد من الحياة، فالحالة العشوائية هي السائدة، وبالتالي الكثير من الهدر في الوقت والامكانات، مما يؤدي إلى خسائر كميّة وكيفية على صعيد المجتمع، إذ أن وضع هدف واضح ومدروس يساهم في تطوير الشخصية.
2- القناعة بضرورة التغيير.. ” إن الله لايغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم” فالكثير من الناس يعتقد أن وضعه الحالي جيد ومقبول، أو أنه ليس الأسوأ على كل حال، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكاناته محدودة، لذلك فإن الوضع الذي هو فيه لا يمكن تغييره !!، والحقيقة أن المرء حين يتطلع إلى التفوق على ذاته والتغلب على الصعاب من أمامه سوف يجد أن إمكانات التحسين والتغيير أمامه مفتوحة مهما كانت ظروفه.
3- الشعور بالمسؤولية.. حين يشعر الإنسان بالمسؤولية، تفتح له آفاق لا حدود لها للمبادرة للقيام بشيء ما، مثل خدمة المجتمع أو التطوّع في عمل ما، فتحمّل المسئولية تصنع الإنسان وتعلّمه كيف يواجه المصاعب والمشاكل، ومحاولة وضع الحلول لها.
4- الإرادة الصلبة والعزيمة القوية.. هي شرط لكل تغيير وثبات واستقامة، وهذا لا يتم تحقيقه إلا من خلال تدريب النفس على التحدي ومواجهة الصعاب الحياتية، حيث لا تنمو ولا تتطور الشخصية إلا من خلال الخوض في التجارب التي تؤدي إلى اكتساب العادات والخبرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى