أقلام

نفتخر بحينا و أبناءه و الطيبين من سكانه

أمير الصالح

عندما واجه ممثل القضاء الفرنسي المدعي العام الروماني في قضايا تتعلق بعصابات النشل التي يقوم بها أطفال رومانيون يزورن فرنسا في مواسم السياحة ، رد المدعى العام بالقول و يبدو لي أن كان في حرج كبير جدا : أن أولئك المراهقون قدموا من حي باكورتي في مدينة ياش الرومانية و هو حي لا نفتخر به .

ما جعلني أتابع هكذا قضية هو أنني كنت ضحية نشل من قبل مراهقين رومانيين صغار في أحدى محطات ميترو مدينة باريس في شهر أغسطس من عام ٢٠١٧ م عندما كنت في أجازة مع أفراد عائلتي، وقد سجلت بلاغ رسمي لدى أحدى مراكز شرطة باريس القريبة من متحف اللوفر . أبدى الضابط المسؤول تعاطفه معي و وعدني بالمتابعة و لم يصلني أي رد بالأيميل أو هاتفي حتى الساعة . لن اطيل السرد في خصوص موضوع السرقة التي تعرضت لها ، ألا أن كلمة المدعي العام الروماني في جلسته مع لجنة التنسيق الفرعية الفرنسية – الرومانية في مجلس العدالة الاوربية أمام ممثلي وزارة العدل الفرنسية بعدم أفتخاره بمواطنيه من سكان حي باكورتي الروماني أمر محل تأمل و تأمل طويل .

وكنت أتسأل متى يحق للشخص العاقل الراشد و المجد و المثابر و المرموق أن يتنصل عن بعض أبناء جلدته و بعض مواطنيه ، و متى يكون العكس ايضا امر بديهي ، لقد أخذل مواطني حي كامل المدعي العام لبلادهم ( رومانيا) و أفحموه بسبب جرائمهم المخذلة و سرقاتهم العابرة للدول و سلوكياتهم المشينة و تصرفاتهم الغير مسؤولة .
و قد تم توثيق ذلك في فيلم وثائقي بقناة DW الألمانية تحت عنوان عصابات النشل و الأتجار بالأطفال في اوربا و الذي تم عرضه قبل عدة أسابيع و متوفر في تطبيق اليوتيوب .

في الأحياء المتجانسة و المزدهرة بالسكان الراقيين سلوكا يسعى سكان و أبناء ذات الحي لمعالجة المشاكل الطارئة و التعامل مع الازعاجات الدخيلة و حجب الضوضاء المفتعلة مثل ظاهرة التفحيط و ظاهرة الكتابة على الجدران و ظاهرة ركن السيارات بشكل عشوائي و ظاهرة أستخدام الأبواق المتكرر و ظاهرة حجب مسارات التدفق في الطرق و ظاهرة رمي فضلات الطعام في أماكن غير مخصصة لذلك و ظاهرة أزعاج الجيران المتكررة بايجاد حلول توفيقية و توصيات سلوكية تلزم أبناء الحي الواحد أخلاقيا بها و تكبح جماح أي مستأجر أو أبناء المستاجرين من التمرد عليها .

في الاعوام الاخيرة ، لعل الجميع لاحظ انتشار تركيب الكاميرات المنزلية لكونها اداء قانونية معمول بها للأستدلال القضائي و حفظ الحقوق و التدليل على مايتم تقديمة من مرافعات و صحف دعاوي ان نشبت خلافات او انتهاك لحقوق .

و لعل احد العوامل التي اجبرت الكثير من أرباب المنازل بتركيب كاميرات المرقابة على جدران منازلهم هو أولئك الناس أو أبناءهم ممن لا نفتخر و لا يفتخر كل شريف بسلوكياتهم امام الناس و الامم .

و لكي يسترد الجميع المشاعر التي تحن لحياة الطيبين حيث كانت جل مشاكل الاختلاف و اللغط الكلامي تُحل بكلمة او كلمتين من داخل صفوف أبناء الحي و يبادر الجميع بالتعاون للخروج من أي نفق مظلم و تستتب العلاقات الانسانية بين الجيران بآفاق جميلة ، و حينها يقول الأغلب من سكان الحي الواحد: نفتخر بحينا و أبناءه و الطيبين من سكانه . و يعيش الجميع مصاديق القول : جاور السعيد تسعد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى